رياضة
.
حرب ضروس يتعرض لها كريم بنزيمة نجم اتحاد جدة منذ تغريدته التي طالب من خلالها بالرحمة، وتعاطف فيها مع النساء والأطفال في غزة.
سياسيو فرنسا سواء من الحكومة أو الأحزاب يشنون حربا لا تعد غريبة بالنسبة إليهم، فمنذ 13 عاما وهم يتبعون الأسلوب نفسه. والآن يبرز السؤال الأهم.. لماذا تكره فرنسا بنزيمة؟
في العام 2010 وقبل أشهر قليلة من انطلاق كأس العالم بدأت قضية "زاهية"، التي طالت عددا من نجوم منتخب فرنسا، هم حاتم بن عرفة وسيدني غوفو وفرانك ريبيري وكريم بنزيمة؛ حينها تحدثت روزيلين باشيلو وزيرة الرياضة والصحة قائلة: "في الوضع الحالي من الصعب جدا لشخص مُدان أن ينضم لمنتخب فرنسا".
القضية كانت رهن التحقيقات وآلت إلى براءة بنزيمة بعد ذلك بأعوام قليلة، لكنه غاب عن كأس العالم 2010 الذي شهد فضيحة بخروج مذل من الدور الأول وامتناع اللاعبين عن التدريبات، ورغم ذلك ظل اسم بنزيمة مرتبطا بها، رغم أنه لم يكن هناك في جنوب أفريقيا.
ظلت قضية بائعة الهوى القاصر "زاهية" تطارد بنزيمة، حتى تورط في أزمة جديدة، مكنت الساسة من الحديث عنه بشكل أكبر، عندما بصق أثناء استماعه النشيد الوطني الفرنسي، قبل أن يعود ويقف متصلبا في أعقاب هجوم نوفمبر 2015 الإرهابي، لكن هذه اللحظات كانت كافية للسياسية نادين مورانو التي أخذت صورة "سكرين شوت"، ونشرت بيانا طويلا تدين من خلاله بنزيمة وتتهمه بعدم الاحترام ليس فقط لفرنسا لكن لأرواح ضحايا هجمات 13 نوفمبر.
اضطر كريم بنزيمة للرد في بيان مطول، متهما نادين والفكرة "بالغباء"، ومشيرا إلى احترامه للنشيد وتركيزه واحترامه للضحايا وعائلاتهم.
في 2015 وفي نفس الشهر ظهرت القضية الشهيرة "قضية فالبوينا"، التي اتهم فيها بنزيمة بالتواطؤ مع بعض الأشخاص المقربين منه لابتزاز زميله في منتخب فرنسا ماثيو فالبوينا.
وقتها لقبت القضية بقضية "الشريط الفاضح"، وانتشرت كالنار في الهشيم، وتحركت فرنسا لإدانة بنزيمة، الذي أدين بالفعل بعد ذلك بالابتزاز والمشاركة في جريمة.
رئيس الحكومة الفرنسية آنذاك مانويل فالاس، صرح قائلا: "بنزيمة يجب أن يكون مثالا جيدا وإلا فلا مكان له في منتخب فرنسا".
حينها تطوع باتريك كانيه وزير الرياضة بمهاجمة بنزيمة بأشد طريقة ممكنة وقال: "هناك علامات وطباع لشخصية لاعب منتخب فرنسا ويجب أن نحترمها، وهي لا تتواجد في بنزيمة".
لم يتمالك بنزيمة نفسه بسبب الهجوم المتكرر الذي استمر من نوفمبر إلى مارس 2016، وخرج عبر حسابه على موقع "تويتر" وقتها قبل أن يصبح اسمه "إكس" وقال: "12 موسما كلاعب محترف، لعبت 541 مباراة ولم أطرد وحصلت على 11 إنذارا، ولست مثالا جيدا؟".
كان بنزيمة يعتقد أن الهجوم سيتوقف بعد رده الغاضب، لكن مارين لو بن قائدة الجبهة الأولى للقومية الفرنسية، والسياسية الشهيرة، صرحت قائلة: "هل أنا الوحيدة التي تعتقد أن بنزيمة لم يكن ليتواجد قط ضمن منتخب فرنسا؟ إنه شخص عبر عن ازدرائه لفرنسا في أكثر من مرة، ولا يغني النشيد الوطني وليس وطنيا".
حتى 2016 لم يكن بنزيمة مدانا في قضية فالبوينا، لم تتم إدانته سوى بعد 7 سنوات، في يونيو 2022، بعد تحقيقات عديدة، حُكم عليه بالسجن لعام وغرامة 75 ألف يورو.
يمكن وصفه الأعوام التالية بالمتشابهة، اسم بنزيمة يُطرح في البرامج السياسية قبل الرياضية، حتى أن إريك زامور السياسي الفرنسي، والذي اتهم بنزيمة بـ"الضلوع في جريمة إرهابية"، قال في 2022 إن اللاعب "ربما يكون تعلم من البيئة المحيطة في مدريد عن ليون وأصبح أفضل وقلبه فرنسيا".
فترة صمت إعلامي جاءت مع إنجازات ريال مدريد المتتالية في فترة الفرنسي زين الدين زيدان، وتحقيق دوري أبطال أوروبا 3 مرات ثم تبع ذلك رحيل كريستانو رونالدو، ولا حديث إلا عن النجم الأوحد كريم بنزيمة.
مدرب منتخب فرنسا ديديه ديشان قرر إعادة بنزيمة إلى المنتخب في يورو 2021 (2020 تأجل لعام بسبب وباء كوفيد 19)، ليجد الساسة قضية دسمة للغاية، "عودة بنزيمة".
السياسي الفرنسي روبرت ماينار كتب عبر حسابه على "تويتر": "المعايير الرياضية وحدها ليست كافية لتمثيل فرنسا، وإلا كان كانتونا قد لعب في يورو 1996، بنزيمة حاليا، لاعب جيد جدا، لكن سلوكه وصورته مؤذية لقميص فرنسا"، لكن ليس ذلك ما أغضب فرنسا، ما أغضبها حقا، كان تصريح سابق نُسب إلى كريم بنزيمة، عام 2006 قال فيه: "الجزائر هي دولة والدي ووالدتي، إنها في قلبي".
لم ينس سياسيو فرنسا ما قاله كريم وحينما أتت اللحظة، انقضوا عليه بالهجوم، ماري لو بان ذكرت التصريح، لكن ستيفان رافييه، السياسي الفرنسي كان صريحا أكثر من اللازم؛ إذ قال: "بنزيمة فرنسي على الورق، لكنه يقول على نفسه جزائري الهوى، ليلعب ويمثل منتخب الجزائر".
بنزيمة لم يقل قط إنه يلعب لفرنسا من أجل كرة القدم، وأنه يحب الجزائر فقط، فالتصريح المنتشر على أكثر من موقع، يشير إلى أنه أبدى احترامه لبلد أسرته، لكن ساسة فرنسا اعتبروه قالها وقال أكثر منها، وهو لم ينفها قط، وما زادهم غيظا نشره ودعمه لمنتخب الجزائر في كأس الأمم 2019
ما أشعل النار في فرنسا أكثر، هو أن موقف الدولة كان واضحا بدعم إسرائيل في حربها الحالية ضد غزة، ورفض أي محاولة لأي دعم لضحايا القصف الإسرائيلي المتكرر للقطاع، لكن بنزيمة نشر منشورا عبر منصة "إكس" قال فيه: "كل دعواتي لسكان غزة، الذين يقعون مجددا تحت طائلة قصف غير عادل لا يعفي أرواح النساء والأطفال".
الوزير الفرنسي صرح فيما بعد قائلا: "بنزيمة لم ينشر تغريدة يدين فيها اغتصاب النساء وقتل الأطفال الصغار وقطع رؤوسهم ولا وفاة 1300 شخص في إسرائيل"؛ كما أن إريك زامور الذي كان يرى أن بنزيمة تغير خلال فترته في مدريد اتهمه بأنه "مرتبط في قضية اغتيال أستاذ اللغة الفرنسية التي حدثت يوم 13 أكتوبر".
حتى اللحظة وربما في المستقبل سيظل بنزيمة مدانا في فرنسا، خاصة مع نظرية "الوطنية الخالصة" التي يتبعها اليمين حاليا، مع إمكانية تحدثه بالعربية، فلن يصفح عنه الساسة قط.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة