الغازي ينقلب على نادي ماينز.. ما الموقف القانوني؟

في الـ16 من أكتوبر الماضي أعلن أنور الغازي عبر حسابه على إنستغرام تضامنه مع الفلسطينيين، ووصف ما يحدث في غزة بأنه "إبادة جماعية وليس حربا".

وختم الغازي بيانه بعبارة: "من النهر إلى البحر، فلسطين حرة". لكنه قام بعد دقائق بحذفه من على حسابه.

في اليوم الثاني أعلن نادي ماينز إيقاف أنور الغازي عن التدريبات والمباريات، وأكد في بيان أنه يقر بوجود وجهات نظر مختلفة لما يحدث الآن في الشرق الأوسط، لكنه شدد على أن ما حمله بيان الغازي " لا يطاق"، بل، ويتنافى مع قيم النادي تماما.

كانت عبارة "من النهر إلى البحر.. فلسطين حرة" التي ذيّل بها الغازي بيانه التضامني، هي أكثر ما أثار غضب النادي الألماني.

وبحسب خبراء في القانون، فإن عبارة "من النهر إلى البحر" يمكن أن تتسبب في عقوبات جنائية بألمانيا، إذ يمكن تصنيفها على أنها خطاب كراهية.

وتفسر اللجنة اليهودية الأميركية هذه العبارة بأنها معادية للسامية، إذ يمكن أن تحمل دلالات مطالبة بالقضاء على الدولة اليهودية.

أما سبب حساسية ماينز على وجه الخصوص، فتعود إلى قصة تعرض أحد مؤسسيه وهو اليهودي يوجين سلومون للقتل على يد النازيين في أوشفيتز عام 1942.

لذا وصل الغضب حتى أنصار النادي الذين أيدوا بشدة الأسبوع الماضي قرار إيقاف الغازي.

أعقب الإيقاف عدة محادثات بين ماينز واللاعب، توجت بنشر الغازي لبيان جديد، الجمعة الماضية، أدان فيه قتل جميع الأبرياء في فلسطين وإسرائيل. وأضاف بيان الغازي بأنه "ملتزم بشرق أوسط متسامح ومتكامل".

وبحسب ذي أثلتيك، فإن النادي ضغط على اللاعب من أجل تسجيل فيديو اعتذار؛ لكنه فشل في ذلك.

وبدوره، أصدر نادي ماينز بيانا يوم الإثنين، أكد فيه منح الغازي فرصة جديدة لمعاودة التدريبات والمباريات، بعد تحذيره رسميا، وأيضا بعد أن أبدى اللاعب ندمه على ما بدر منه.

وأنقذ ماينز نفسه من ورطة قانونية، إذ جاء البيان قبل نهاية مدة الـ14 يوما التي يحددها القانون، لإيقاف أي لاعب بسبب سوء السلوك، إذ يكون النادي بعدها ملزما إما بإنهاء عقده أو إعادته للعب.

وبحسب البيان، فإن الغازي "نأي بنفسه بوضوح عن الإعمال الإرهابية لحماس، وأعرب عن تعازيه لضحايا الهجوم المباغت منها وجميع ضحايا الصراع، كما أكد عدم تشكيكه في حق إسرائيل في الوجود"، كما أشار البيان إلى تذكير النادي لأنور الغازي بمدونة قيم النادي التي تشمل مسؤولية خاصة تجاه إسرائيل والشعب اليهودي.

يبدو أن بيان ماينز لم يعجب الغازي، الذي انقلب عليه ببيان جديد نشره الأربعاء، أكد فيه على أنه غير نادم على تصريحاته، واعتبر أن ما حمله على لسانه من تعليق أو اعتذار "ليس صحيحا من الناحية الواقعية".

وقال الغازي في بيانه: "موقفي لا يزال كما هو في البداية، أنا ضد الحرب والعنف وأي شكل من أشكال التمييز، والإسلاموفوبيا، ومعاداة السامية، والإبادة الجماعية، والفصل العنصري، والاحتلال".

وتابع: "أنا ضد الظلم ولست نادما على شيء، ولست نادما على موقفي، كما أنني لا أنأى بنفسي عما قلته، وسأظل متمسكا به حتى آخر نفس، من أجل الإنسانية والمظلومين، ولا أعتقد أن شعبا أو دولة فوق المسؤولية، ولا فوق القانون الدولي".

وأردف: "ليس لدي خيار سوى الوقوف بحزم مع العدالة والشهادة للحق، وسأفعل كل ذلك حتى لو كان ضدي وضد والدي وأقاربي وأحبائي، لا شيء يمكن أن يبرر قتل أكثر من 3500 طفل في غزة خلال 3 أسابيع".

ومضى قائلا: "كيف يمكننا أن نظل صامتين، فبحسب جمعية (أنقذوا الأطفال) يقتل طفل كل 10 دقائق في غزة، هذا يعني مقتل 9 أطفال في 90 دقيقة وهو وقت مباراة في كرة القدم، مع الإشارة إلى أن هذا العدد يتزايد يوما بعد يوم".

وختم اللاعب الذي انضم لماينز في سبتمبر الماضي في صفقة انتقال حر: "أننا كعالم لا نستطيع أن نبقى صامتين، وعلينا أن نطالب بوقف المجازر في غزة الآن".

بعد بيان الغازي الجديد، أصدر ماينز بيانا مقتضبا، الخميس، قال فيه: "أخذ ماينز علما بتصريحات أنور الغازي على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن النادي، بدهشة وعدم فهم"، وأكد أن اللاعب أخذ إجازة مرضية حاليا.

وأضاف: "النادي يدرس الوقائع قانونيا وسيقوم بعد ذلك بتقييمها".

وسيكون النادي مجابها بسؤال صعب، يتعلق بحصوله على مسوغ قانوني بحال رغب في إنهاء تعاقده، إذ سيكون عليهإثبات أن بيان اللاعب الأخير يرقى إلى مستوى السلوك الجسيم، حتى يقوم بفسخ عقده، لكن هذا الأمر يبدو صعبا، خصوصا وأن الغازي حذف منه عبارة "من النهر إلى البحر"، التي يعتبرها القانون الألماني جريمة تستوجب العقاب.

وبحال اعتبر ماينز موقف اللاعب الحالي مخالف لموقفه الرسمي وكذا قيمه الخاصة كنادي، سيواجه بسردية أخرى صعبة، مفادها أن الغازي مجبر على عدم إدانة حماس، التي يراها النادي إرهابية، في وقت سيتحجج فيه الغازي وغيره بأنهم فعلوا ذلك خشية من حماس.

وعلى العموم يتوقع أن يثير الأمر سجالا قانونيا، ويبدو أن هنالك تحسبا لآثاره، إذ أعلن الاتحاد الإنكليزي، الأربعاء، تشاوره مع الشرطة لوضع سيناريوهات للتعامل مع دخول أي لاعبين في البريمييرليغ على خط الأزمة والحرب في غزة.

ويخشى ماينز الإقدام على فسخ عقد اللاعب بدون سبب قانوني، إذ سيكلفه ذلك دفع تعويضات باهظة له تتناسب وراتب اللاعب البالغ نحو 1.6 مليون يورو سنويا.