التمائم الرياضية.. أكثر من مجرد رموز "ترفيهية"

تعود تاريخ التميمية أو "Mascot" بشكلها ودورها الحالي إلى شتاء ديسمبر 1880، عندما دشّن المؤلف الفرنسي إدموند أودران أوبرا موسيقية اختار لها عنوان La mascotte "التعويذة" أو "التميمة"، وهي أوبرا كوميدية تتألف من 3 فصول، احتضنها مسرح "بوف ـ باريزيان" بالدائرة الثانية في العاصمة الفرنسية.

وتدور الأوبرا حول فتاة قروية تجلب الحظ لكل من يقترب منها، قبل أن تحقق "التميمة" إيرادات تجاوزت المليون فرنك وقتها.

وبحسب موقع fanstriker تحولت التميمة من رمز جالب للحظ كما أظهره إدموند اودران، إلى آخر يرمز للسحر والشعوذة، قبل أن تستعيد دورها تدريجيا.

وفي الرياضة، كانت التمائم تستخدم في البداية لإخافة الفرق أو الخصوم قبل التباري معهم. لكن عام 1932 شكّل تحولا جذريا مهما.

وفي وقت يترقب فيه العالم انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في لوس انجلوس، ظهرت تميمة كلب سموكي، بزي خاص، تلاطف أطفالا، وتتوسط المشجعين وتثير أجواء من البهجة، قبل أن تتمنى للمنافسين الحظ الأوفر.

أما في كرة القدم، فكان أول ظهور للتميمة في عام 1966، خلال بطولة كأس العالم التي استضافتها إنكلترا، حيث أبهر "الأسد ويلي" الجميع، وبات رمزا لشكل التميمة الحديثة.

وعلى منواله، نسجت أولمبياد ميونيخ في 1972 تميمة "الكلب ويلدي" اللطيف.

والآن، أصبحت التمائم الجالبة للحظ حدثا ثابتا في كل محفل كروي كبير.

في التعريف البسيط للتميمة بشكلها الحالي في كرة القدم، فهي عبارة عن شخص، حيوان أو شيء ما، يمثل فريق أو منتخب ما، ويستخدم للتفاعل مع الجماهير، وخلق أجواء مجتمعية.

وتأخذ التمائم عدة هيئات، بما ذلك الحيوانات أو الأشكال الكرتونية أو المجسمات، على أن تحمل رمزية ثقافية أو حضارية للنادي أو البلد الذي يستضيف الحدث.

ودائما ما سيطرت الحيوانات على التمائم، وذلك لسببين، الأول هو العلاقة المتشابكة بينها وبين الإنسان، وأيضا لرمزية الحيوانات تاريخيا إذ تحيل بعضها على رقعة جغرافية معينة، مثل الكانغارو الأسترالي والديك الفرنسي، وغيرها.

ومنذ ظهور أول تميمية في كرة القدم، وهي الأسد ويلي، في مونديال 1966، نُظمت، حتى النسخة الماضية في قطر، 14 بطولة كأس عالم.

وجاءت 7 تمائم على شكل حيوانات، بداية من الأسد بيلي، مرورا بـ"الكلب سترايكر" في أميركا 1994، ثم "الديك فوتيكس" في فرنسا 1998، وكذلك "الأسد غوليو ٦ وبيله" في مونديال ألمانيا 2006، والذي فاز، وقتها، بجائزة الجمهور لأفضل تميمة في آخر 5 نسخ مونديالية، بحسب الفيفا.

وفي 2010 اختارت جنوب أفريقيا "الفهد زاكومي"، وكذلك "حيوان المدرع فوليكو" في مونديال البرازيل 2014، وأخيرا الذئب زابيفاكا" في روسيا 2018.

منحت بطولات كأس العالم التمائم في كرة القدم بعدا ترويجيا، لتتحول لاحقا إلى رمز يتجمع حوله أنصار النادي، مثله مثل شعار الفريق.

وفي إطار توطيد العلاقة بينها وبين الجماهير، لجأت غالبية البطولات الكبيرة إلى وضع نماذج التمائم أمام الجماهير للتصويت على أفضلها.

ومنذ مونديال 2006، ظل الاتحاد الدولي لكرة القدم يفتح باب التصويت بين النسخة والأخرى لاختيار تميمة معينة.

وبدوره، قام منتخب بلجيكا في 2017، بإشراك لاعبيه في تخيل تميمة للمنتخب، قبل أن يفتح المجال للجماهير، إذ ساهم 20 ألف مشجع في المسابقة، ليحقق المنتخب ترويجا والتفافا جماهيريا كبيرا حوله عبر التميمة.

قبل بطولة يورو 2016، طرحت اللجنة المنظمة الفرنسية 3 تمائم للجماهير من أجل اختيار أفضلها.

واختارت الجماهير التميمة "سوبر فيكتور" من بين التمائم.

وساهم هذا الأمر في إقبال الجماهير على شراء المنتجات الرياضية ذات الصلة بالتميمة، مثل "القبعات، وحاملات المفاتيح، وكرات يجلس عليها سوبر فيكتور".

وعقب البطولة، أعلنت الجهات المنظمة عن ارتفاع عوائد مبيعات المنتجات الموازية في البطولات إلى 250 مليون يورو، والتي تصدرتها مبيعات التمائم، بحسب موقع fanstriker.

وبعيدا عن الكرة، يعتبر دوري السلة الأميركية الأكثر استفادة من فكرة التمائم، إذ يشتهر كل فريق بتميمة خاصة، يوظفها في لعب الكثير من الأدوار المجتمعية، والترويجية.

ويعتبر "الثور بيني" تميمة نادي شيكاغو بولز للسلة الأشهر، إذ يمتلك قناة على اليوتيوب يتابعها الملايين، ويستغلها النادي في تحقيق أرباح مالية.

كما تنظم في أميركا مسابقة التمائم منذ 2017، والتي تشارك فيها سنويا 30 تميمة من مختلف الرياضيات، وتهدف إلى الترويج عن الأطفال والأسر.