كابوس "الأزمات القلبية" في كرة القدم

رغم الفاجعة، فإن وفاة الغاني رافائيل دوامينا، ربما لم تكن صدفة مفاجأة للمقربين منه، والسبب هو تشخصيه سابقا 3 مرات بمعاناته من مشاكل في القلب.

في 2018 وبعد تألقه مع نادي زيورخ في الدوري السويسري تلقى دوامنيا عرضا من برايتون الإنكليزي، للانتقال له مقابل 13.8 مليون إسترليني، بحسب "غانا ويب"، لكن الصفقة انهارت بسبب الكشف الطبي الذي أثبت معاناته من مشاكل في القلب.

في نفس العام، اتجه دوامينا إلى إسبانيا لينضم إلى ليفانتي، لكنه أعاره بعد عام وتحديدا في يوليو 2019 إلى سرقسطة.

في أكتوبر 2019، أثبتت الفحوصات مجددا معاناته من مشاكل بالقلب، لينهي سرقسطة إعارته، وكذلك فعل ليفانتي، الذي نعاه، على حسابه بإكس.

وفي مطلع يناير 2020، قام دوامينا بتركيب جهاز مقوم نظم القلب ومزيل الرجفان القابل للزرع (ICD)، الذي يحمى القلب، ويضبط نبضه، ليعود الغاني لممارسة الكرة ويوقع لنادي فايله الدنماركي.

برر دوامينا قراره الخطير، بدوافع دينية، إذ قال في تصريحات صحافية: "لا أشعر بأن هنالك ثمة شيء خطأ، الله وحده من يحمى قلبي، ربما لدي بعض أعراض مشكلات قلبية أو شيء من هذا القبيل، لكنني لست خائفا، لأن الله معي".

في 2021 انضم إلى بي إم دبيليو لينزس النمساوي، لكنه بعد أشهر، وتحديدا في نوفمبر سقط على أرض الملعب، لكن الجاهز الطبي أنقذه، ونصحه بالاعتزال فورا، وهو ما رفضه اللاعب.

وفي ديسمبر 2022، انضم إلى فريقه الحالي إيغانتا الألباني وحقق معه مستويات مميزة، إذ سجل له 12 هدفا في 12 مباراة هذا الموسم قبل وفاته السبت.

عقب موته الصادم، تحدثت بعض التقارير عن نزع دوامينا لجهاز مقوم نظم القلب ومزيل الرجفان القابل للزرع، خصوصا بعدما طالبه الأطباء بعد زرع الجهاز المعروف طبيا بـ"ICD" بالعودة للكرة بعد 3 أعوام إن رغب، فما هو هذا الجهاز؟

بحسب مايو كلينك، فإن مقوّم نظم القلب ومزيل الرجفان القابل للزرع هو جهاز صغير يعمل ببطارية يُوضع في الصدر.

ويكتشف الجهاز ضربات القلب غير الطبيعية، المعروفة أيضا باضطراب النظم القلبي، ويوقفها.

ويراقب جهاز الـ"ICD" كذلك، ضربات القلب باستمرار. ويطلق صدمات كهربائية، عند الحاجة، لاستعادة نظم القلب الطبيعي.

وفي كرة القدم كان لهاذا الجهاز دورا كبيرا في السماح لنجم الكرة الدنماركي ومتوسط ميدان مانشستر يونايتد الحالي كريستيان إريكسون إلى ممارسة كرة القدم، وذلك بعد تعرضه لسكتة قلبية خلال مباراة منتخب بلاده أمام فلندا في يونيو 2021، أثناء بطولة يورو 2020 المؤجل بسبب كورونا.

ورغم قيام إنتر ميلان الإيطالي بإنهاء عقد إريكسون بسبب قوانين الدوري الإيطالي، فإنه انضم إلى برينتفورد، بسبب هذا الجهاز، والذي يبدو آمنا تماما بحسب الأطباء.

وكان البروفيسور ستيورات المدير الطبي للمركز البريطاني الرياضي لأمراض القلب، قد قال في تصريحات لديلي ميل البريطانية، إنه لا خوف على إريكسون تماما، بعدما تم زرع هذا الجهاز، وأشار إلى أنه أمن للغاية، كما أنه بات معتادا في الرياضات المختلفة، حيث تم زرعه لعدد من الرياضيين.

ولا يبدو إريكسون هو الوحيد الذي يلعب حاليا بهذا الجهاز، إذ سبق أون تم زرعه لمدافع أياكس ومانشستر يونايتد سابقا وجيرونا حاليا الهولندي دالي بليند.

وكان بليند قد عانى من أزمة قلبية في 2020 مع فريقه أياكس، لكنه عاد للعب بعد زرع جهاز "ICD" له.

أحصى موقع ويكيبيديا نحو 260 حالة وفاة لاعبين في الملعب، وذلك منذ وفاة الاسكتلندي روبرت أثرلي في أغسطس 1874، إثر تمزق أحشائه بعد ضربة من لاعبي الخصم.

وتنوعت أسباب هذه الوفيات، لكن احتلت فيها السكتات القلبية نسبة كبيرة.

ودفع ذلك الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى إجراء دراسة حديثة، كلف بها جامعة سارلاند الألمانية، وجاءت تحت عنوان "تقرير فيفا للوفيات المباغتة" في كرة القدم.

وأحصت الدراسة 617 حالة إصابة بسكتة قلبية في الملاعب، في 76 دولة، وذلك خلال 5 أعوام، وتحديدا بين الفترة بين 2014 و2018.

ووفقا للدراسة، تم إنقاذ 143 حالة نحو (43%) من الحالات، واعتمدت الدراسة على تشريح الجثث أو التقارير الطبية المحددة في 211 حالة (34٪، لتخلص إلى أن السبب الرئيسي لدى اللاعبين الذين تزيد أعمارهم عن 35 عاما هو مرض الشريان التاجي (76%).

في 2021، هيمن موضوع الأزمات القلبية على السطح بقوة، وذلك حادثة إريكسون، ولاحقا أغويرو الذي اعتزل اللعب بعد الانتقال إلى برشلونة بسبب مشكلات في القلب.

وكان هنالك أيضا مدافع يونايتد السويدي فيكتور ليندلوف، الذي عانى من مشكلات في القلب، بعد أن لعب بجهاز مراقبة أداء القلب، وتزامن معه، معاناة لاعب نابولي زيلينسكي من صعوبات في التنفس، كما سقط جون فليك لاعب ساوثهامبتون بسبب معاناته مع مشكلة في القلب.

ودفع ذلك البعض إلى اتهام فيروس كورونا ولقاحاته، لكن الدكتور البريطاني سانجاي شارما نفى ذلك بشدة، وقال في تصريحات سابقة لديلي ميل أن الامر لا يتخطى كونه مجرد حالات معزولة، تسبب فيها الإرهاق على الأرجح.

وعلى نفس منوال شارما، نسجت دويتشه فيله الألمانية، ورأت أن السبب ربما له علاقة بضغوط نفسية وعصبية شديدة يتحملها الرياضيون سواء خلال التدريبات أو داخل الملاعب، إضافة لاحتمالات التعرض لأحمال قوية خلال التدريبات قد لا يتمكن البعض من تحملها، كما برزت على السطح أيضاً أسئلة تتعلق بالمكملات الغذائية واحتمال أن يكون لها دور في مثل هذه الحوادث الأليمة، بحسب ما نقل موقع نيوز بايتس.

قبل دراسته العلمية، كان فيفا قد أقر في 2007 إجبارية قيام الأجهزة الطبية للفرق والمنتخبات بإجراء فحص القلب، كل عامين، في حين بدت اتحادات مثل الاتحاد الإيطالي للكرة أكثر تشددا بفرضه الفحص للقلب كل عام لجميع أنديته.

وفي 2009، بدأ فيفا يطلب تقارير أكثر تعقيدا تتعلق بالتاريخ المرضي لعائلات، بحثا عن حالات جينية لأمراض القلب، مع المواصلة في فحوصه التي أقرها.

وقبل مونديال قطر الأخير، كان فيفا محل الأنظار، بخصوص جهاز مقوم القلب ومزيل الرجفان القابل للزرع (ICD)، الذي يلعب به إريكسون.

لكن فيفا، سمح للاعب، إذ قال الناطق الرسمي باسمه للتايمز بإن الامر يقع تحت المسؤولية المباشرة لاتحاده، خصوصا بعد إبلاغه بالحالة، إلى جانب تعهده بسلامة اللاعب.