كيف غزا "الأطفال" ملاعب كرة القدم؟

تصدر الموهبة البرازيلية إندريك واجهة الأحداث، وذلك بعد تسجيل ظهوره الأول مع المنتخب البرازيلي، وجاء ذلك خلال الخسارة بهدفين مقابل هدف أمام كولومبيا في تصفيات مونديال 2026.

وبات إندريك، لاعب بالميراس الحالي الذي سينضم إلى ريال مدريد العام المقبل، رابع أصغر لاعب في تاريخ المنتخب البرازيلي.

وسجل إندريك ظهوره مع السامبا بعمر 17 عاما و118 يوما، وحل رابعا بعد كل من الأسطورة بيليه وإيدو وكوتينيو تواليا.

وبعد ذلك بساعات، كان لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي وارين زايري إيمري على موعد مع التاريخ عندما سجل ظهوره الأول بأفضل طريقة مع منتخب الديوك.

وبات إيمري أصغر لاعب يرتدي قميص البلوز، بعمر 17 عاما و8 أشهر، متفوقا بفارق شهر على كامافينغا، وكذلك كيليان مبابي الذي ارتدى القميص بعمر 18 عاما و3 أشهر، بحسب لوموند الفرنسية.

وسجل إيمري هدفا من سيرك الأهداف الذي نصبه الديوك في مرمى جبل طارق بالفوز عليه (14ـ0)، ليصبح أصغر مسجل للديوك منذ عام 1941، لكن فرحته لم تكتمل، إذ أصيب لحظة تسجيله الهدف التاريخي.

وبدروه، سجل لامين يامال، هدفه الثاني في أول 3 مباريات له مع المنتخب الإسباني، فيما كان قد كتب سلفا رقمين قياسيين.

وفي الثامن من سبتمبر الماضي، بات يامال أصغر لاعب يمثل إسبانيا، وذلك بعمر 16 عاما و57 يوما، ولاحقا أصبح أصغر مسجل للماتادور.

ومطلع الأسبوع الماضي، دوّن موهبة تشيلسي كيندري بايس اسمه بأحرف من نور مع الإكوادور، بعدما سجل لها هدفا في مرمى بوليفيا في ظهوره الرابع تواليا، ليصبح معه أصغر مسجل في منتخب بلاده، وكذلك في تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة إلى المونديال.

على الرغم من تعود كرة القدم وجماهيرها على نبوغ نجوم منذ الصغر، وتحملهم المسؤولية بعمر أصغر، مثلما حدث مع ليونيل ميسي وكريستيانو رنالدو، فإن الأمر بات الآن أكثر اعتيادا، لدرجة يمكن القول بأنه تحول إلى ظاهرة.

وفي الصيف الماضي انضم إيرلينغ هالاند إلى مانشستر سيتي، وهو بالكاد وصل سن الـ22، قبل أن يقلب الأمور رأسا على عقب في الفريق.

وقبل انضمام هالاند للسيتي بأشهر، كان البرازيليان فينيسيوس جونيور بعمر 21 عاما، وردريغو بعمر 20 عاما وخلفهما كامافينغا بـ19 عاما، أبطالا فوق العادة لتتويج ريال مدريد بلقب الأبطال رقم 14.

وهذا العام، صنع جود بيلينغهام الحدث، واقتحم التاريخ، بعدما قدم نفسه بأفضل طريقة منذ انضمامه إلى ريال مدريد بعمر 20 عاما، حيث يعتبر هدافه حاليا.

وفي أكتوبر الماضي، وجد كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد نفسه محاطا بالدهشة من نضوج بيلينغهام، وطرح بالفعل سؤالا استنكاريا للصحافة، عن ماهية عمره الحقيقي، وهل هو فعلا 20 فقط؟

وكان بيلينغهام قائدا لدورتموند العام الماضي، وهو لم يزل في سن 19 عاما.

وفي 2021، فاز تشيلسي بأبطال أوروبا بتشكيلة قوامها لاعبون صغار من الأكاديمية لم يبلغوا العشرين عاما، مثل ماونت وجيمس، وأبراهام وأودوي.

في التعريف البسيط للنضج الكروي، فإنه تلك الحالة التي يصل إليها الطفل اليافع من استيعاب لتوجيهات المدرب، والتمركز الصحيح داخل الملعب، وفهم اللعبة بشكل عام.

لكنه في الوقت الحالي بات يتخطى هذا المفهوم، ليصل إلى مراحل أخرى من التعامل مع كل ما يحيط باللاعب الشاب، سواء أكان داخل أم خارج الملعب، مثل استفزازات الخصوم والجماهير، والتعامل مع الإعلام.

والسبب في تحوّل مفهوم النضج من الأساسيات إلى أشياء أعمق، هو الأكاديميات ودورها في إعداد اللاعبين.

ولا ينحصر دور الأكاديميات حاليا في تطوير الموهبة، بل تطوير جميع الإمكانات الأخرى، مثل الردود في المؤتمرات الصحافية، والتصرف حيال مواقف معينة.

وأخيرا ظهر إندريك صاحب الـ17 في المؤتمر الصحافي ممثلا لنجوم منتخب البرازيل، وكذلك زايري إيمري مع منتخب فرنسا.

بخصوص المستوى الفني، فبات يعتمد أكثر على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

فعلى سبيل المثال تعتمد عدد من أكاديميات كرة القدم في أوروبا على تقنية التعلم الذاتي وتطوير المهارات "ريزيل" لصقل اللاعب الشاب، ومعالجة جميع نقاط الخلل التي يعانى منها.

ومن أبرز تلك الأكاديميات، تلك التي تخص أندية يوفنتوس ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد، وتشيلسي وغيرها.

وبشكل عام، بدأ النجوم منذ الصغر في الميل أكثر نحو الاستفادة أكثر من العلم والتكنولوجيا، من أجل تحقيق المزيد من النجاحات.

وفي هذا السياق، نقلت ديلي ميل البريطانية، عن تعاقد إندريك مع وكالة "روك نيشن" الرياضية الأميركية، والتي تهتم بتطوير المواهب الرياضية، كما يعمل حاليا مع فريق خاص يتكون من 12 شخصا، يضم مختصا في علم النفس، ومعدا بدنيا ومحللا للأداء، وخبيرا تكنولوجيا.

وساعد المواهب الحالية في ذلك الأموال الضخمة التي يحصلون عليها الآن، وهو أمر جعل تركيزهم أكبر مع كرة القدم باعتبارها منجما للأموال.

وأخيرا وقع إندريك عقدا مع شركة (نيو بالنس) الأميركية لإنتاج حذاء بماركة تحمل اسمه أسوة بأسطورة السلة مايكل جوردان.

ويعكس كل ذلك الطفرة الكبيرة في العقلية التي حدثت للمواهب الشابة في كرة القدم، وهو أمر يتوقع أن يتصاعد مستقبلا، بظهور أساطير بعمر 25 عاما فقط.