يويفا ضد الريال والبارسا.. مَن يفوز في معركة عض الأصابع؟

بمجرد الحديث عن دوري السوبر الأوروبي، يقفز إلى الأذهان رئيس ريال مدريد الحالي فلورنتينو بيريز، الذي ظل يبشّر على مدى عقدين بفكرة بطولة جديدة تنظمها الأندية الجماهيرية، وتتبارى فيما بينها.

ويرى بيريز أن بطولة خاصة بالأندية ستكون كفيلة بضمان موارد مالية جديدة، تعوّض خسائر جائحة كورونا. وبالفعل أكدت تقارير التزام بنك جي بي مورغان الأميركي برعاية البطولة ودعمها بنحو 5 مليارات دولار.

وفي أبريل 2021، أعلن بيريز عن البطولة، بمشاركة 12 ناديا، 6 منها إنكليزية (تشيلسي وأرسنال ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وليفربول وتوتنهام)، و3 أندية إيطالية (يوفنتوس وميلان وإنتر ميلان)، و3 أندية إسبانية (ريال مدريد، وبرشلونة، وأتلتيكو مدريد).

لكن سرعان ما ضغطت الجماهير الإنكليزية على أنديتها لتنسحب سريعا من البطولة بعد 48 ساعة من إعلانها، ولاحقا تبعتها أندية ميلان وإنتر وأتلتيكو مدريد، في حين انسحب يوفنتوس تحت ضغوط الاتحاد الإيطالي والسلطات القانونية، في إطار تسوية قضية فساد مالي تورط فيها النادي.

وتبقّى ريال مدريد وبرشلونة قابضيْن على جمر الفكرة، وواجها معا تهديدات من قبل يويفا ورابطة الدوري الإسباني باستبعادهما من المنافسات.

لكن القضاء الإسباني منع أي جهة من فرض عقوبات على النادييْن، وصدر حكم آخر في يونيو الماضي من محكمة مدريد الإقليمية، بتأكيده حماية الأندية التي ارتبطت بفكرة السوبر الأوروبي.

رغم الانسحابات والضغوط التي مُورست على الأندية صاحبة الفكرة من قبل الفيفا واليويفا والاتحادات المحلية، فإن بيريز رفض الاستسلام، لتطل البطولة برأسها في فبراير الماضي كمشروع يرفض القمع، إذ أُسندت مهمة إنشاء البطولة إلى هيئة جديدة سمّت نفسها "إيه 22 للإدارة الرياضية".

ولخصت الشركة أهدافها في تقديم استشارات قانونية واقتصادية، وطرحت شكلا مختلفا للبطولة، لتحتوي على 80 فريقا، بدلا من 12.

وأُسندت إدارة الشركة إلى الألماني بريند ريتشارت، الذي قال في تصريحات لرويترز، إن توسعتها تنفي تماما مزاعم مبدأ الاحتكارية الذي يدمغه به يويفا، لتصبح بطولة قارية شاملة.

واختارت شركة "إيه 22" مدريد مقرا لها، وظلت تعمل جنبا إلى جنب مع "غروب إيه سي إس" أكبر مطور عقاري في إسبانيا، الذي يديره المهندس ورئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز منذ 1997.

وكان للشركة دور في تجهيز كل الدفوعات القانونية لمحكمة العدل الأوروبية، وتراهن بشدة على حصولها على حكم لصالحها خصوصا بعد توسعة البطولة.

ستنظر محكمة العدل الأوروبية بصورة أساسية في مسألة الاحتكارية، التي يتهم بها كل طرف الطرف الآخر.

ويرى يويفا، أن البطولة بفكرتها الحالية تعتبر احتكارية وانتقائية للأندية، وهي عكس فكرته القائمة على الموازنة بين الأندية الكبيرة والصغيرة في بطولاته المنفتحة على جميع أندية القارة وبكل فئاتها.

أما دوري السوبر فيشتكي بدوره هيمنة يويفا واحتكاره تنظيم البطولات، بل امتلاكه مصير الأندية، بصورة قمعية، وبالتالي ستنظر المحكمة في هاتين الفرضيتيْن، لتقرر على ضوئهما قانونية قيام البطولة من عدمها.

وسيكون الحكم نهائيا وقابلا للتنفيذ بصفة فورية من الجميع.

وحال حُكم لصالح الدوري، فإنه من المتوقع أن تحسم المحكمة دور يويفا وفيفا، وهل سيكون بالتنسيق معهما أم مستقل كليا عنهما؟

ومن جهته، بدا يويفا واثقا من الحكم لمصلحته، وهو أمر أكده المحامي العام بالمحكمة نفسها، قبل أن تُحال إليه القضية، إذ أكد سابقا أن منع البطولة وتهديده أنديتها بالعقوبات كان قانونيا جدا.

سيكون رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز أكبر المستفيدين على جميع الأصعدة.

فعلى الصعيد الشخصي سيُنظر إليه باعتباره مَن غيّر وجه كرة القدم الأوروبية في القرن الـ21، وهو أمر سيساويه برئيس ريال مدريد الأسبق والأسطوري سانتياغو برنابيو، الذي حارب يويفا من أجل تأسيس دوري أبطال أوروبا في 1955.

وعلى صعيد آخر، سيجد بيريز حلا لمعضلته المالية، إذ تجاوزت قروضه لترميم ملعب سانتياغو برنابيو حاليا 1.5 مليار يورو.

وبسبب هذه القروض يواجه بيريز انتقادات غير ظاهرة للعلن، مفادها إسرافه في هذا الجانب على حساب شراء صفقات للفريق.

وسيجعل أي حكم لصالح البطولة بمثابة عودة حقبة الغلاكتيكوس لريال مدريد، إذ تتحدث الآن تقارير عن رغبته في جلب كيليان مبابي وإيرلينغ هالاند معا إلى ريال مدريد في يونيو المقبل.

وفي برشلونة، بدا خوان لابورتا واضحا بشأن أحلامه بالفوز بالقضية، إذ ستُنهي تماما أزماته المالية.

وقال لابورتا، الإثنين، إن البطولة في حال نالت حكما لصالحها فستُلعب في غضون عام أو عامين.

وسينال برشلونة والريال مليار يورو لكل منهما مع انطلاق البطولة، كمكافأة لهما عن صمودهما وقتالهما من أجل الفكرة وتأسيس البطولة.

وهذا المبلغ سيُنهي بلا شك أزمات الناديين.

وعلى صعيد يويفا، سيتلقى ضربة كبيرة، وسيقزم الحكم من دوره القاري، في حين سيضع الأمر كذلك فيفا تحت الضغوط، لا سيما بعد قيامه بتوسيع البطولات، لتتحول القوة إلى الأندية، خصوصا ريال مدريد وبرشلونة.