"إسكوبار الصحراء".. كل ما نعرفه عن قضية "رئيس الوداد"

بمجرد تفجّر القضية، وجذبها لجمهور الوداد وكرة القدم في المغرب وخارجها، تصدر اسم "إسكوبار الصحراء" الواجهة، وبدأ التساؤل عن هّويته.

مجلة جون أفريك العريقة، سردت قصة بارون المخدرات، وربطتها بسياق اعتقال الناصري، إذ يحيل "إسكوبار الصحراء" إلى الحاج أحمد بن إبراهيم المولود في عام 1976 بمنطقة كيدال الصحراوية في مالي، لأم مغربية، وأب مالي.

واستثمر الحاج أحمد أبراهيم الشهير كذلك بـ"المالي" نسبة لجنسيته، معرفته بالصحراء، في بناء إمبراطورية من العلاقات مع شخصيات سياسة في المنطقة، قبل أن ينتقل للإتجار وتهريب المخدرات، ويصبح أكبر تاجر مخدرات في غرب أفريقيا.

وراكم "إسكوبار الصحراء" ثروة من تجارة المخدرات، قبل أن يتجه لشراء الكثير من القصور والعقارات في غرب أفريقيا، وفي المغرب بالدار البيضاء، ومسقط رأس والدته بمدينة وجدة شرقي المغرب.

وفي 2015 تم إيقافه في موريتانيا، وأفرج عنه بسبب عدم الاختصاص، قبل أن تقبض عليه السلطات المغربية في 2019، وتودعه السجن.

واستمر في سجنه صامدا منذ لـ4 أعوام، لكن يبدو أنه انهار أخيرا، ليفصح عن قائمة ممن لهم علاقات معه، ويوجه اتهامات للبعض بالاستيلاء على أملاك له، ليظهر اسم سعيد الناصري في القائمة، وتتحول مسيرة نجاحاته مع الوداد إلى كوابيس.

على الرغم من الشهرة التي نالها من مكانته بحزب الأصالة والمعاصرة المغربي، والذي يشارك في الائتلاف الحكومي الحالي، فإن ما وجده سعيد الناصري من شهرة في كرة القدم يفوق ذلك بكثير.

وفي 2014، تولى سعيد الناصري رئاسة نادي الوداد المغربي وهو بعمر 45 عاما، عندما فاز بالتزكية، ليبدأ في تخليد نفسه في سفر كتاب التاريخ بنادي وداد الأمة كما يحلو لأنصاره تسميته.

ونجح الناصري في عودة لقب دوري أبطال أفريقيا إلى المغرب، بعد غياب طويل، إذ فاز الوداد بلقبين في 2017، و2022، ليضيفهما إلى لقبه الوحيد في البطولة عام 1992.

وإلى جانب الأبطال توج الوداد تحت قيادة سعيد الناصري بـ5 ألقاب في الدوري المحلي (البطولة الوطنية)، إلى جانب كأس السوبر المحلي.

والآن، يُنظر لسعيد الناصري بأنه أعظم الرؤساء من ناحية الإنجازات الكبيرة، إلى جانب بقائه في المقعد لمدة 9 أعوام، وتبقى له عامين فقط لمعادلة مدة الرئيس الأسبق عبد الرزاق مكوار، الذي استمر في مقعد الرئاسة لـ11 عاما، وقاد الفريق لأول وأخر لقب في أبطال إفريقيا 1992.

أشتهر الناصري باستعجال النتائج والإنجازات، ما انعكس على قلة صبره على المدربين.

ومنذ توليه رئاسة الوداد في 2014، اشتهر سعيد الناصري بعدم صبره على المدربين.

وبحسب ترانفسير ماركت، قام الناصري خلال 9 سنوات بتغيير 22 مدربا.

وبلغ متوسط الإقالة 2.4 إقالة في الموسم الواحد، وهو رقم يوضح حجم استعجال الناصري على النتائج.

وفي العام الحالي، مر على الوداد 5 مدربين، كان آخرهم التونسي فوزي البنزرتي الذي عُيّن الأسبوع الماضي بديلا لعادل رمزي.

ينص قانون نادي الوداد، في حال "شغور منصب رئيس النادي لأي سبب كان، فإن المهام الرئاسية المؤقتة تنتقل للنائب الأول لرئيس اللجنة الإدارية".

ووفقا لهذا، فإن كافة المهام انتقلت الآن إلى سعد الدريب كرئيس للنادي في انتظار نتيجة التحقيق القضائي الحالي مع الناصري، وفقا لموقع Le 360 المغربي الناطق بالفرنسية.

وبحال تأخرت عودة الرئيس، فإن القانون يسمح لسعد الدريب بالدعوة لعقد جمعية عامة غير عادية، من أجل انتخابه رسميا، أو بديل آخر.

ومن جهته، يبدو الدريب معتادا على تولي المسؤولية، إذ كثيرا ما كان يتولاها عند انشغال الناصري بأعمال الحزب السياسية، أو السفر مع الفريق داخل القارة السمراء.

والآن، وفي ظل توقف الناصري في محطة توجيه الاتهام، فإن بعض وسائل الإعلام، رجحت استمرار الدريب، لحين خروج الناصري، في سيناريو مشابه لرئيس بايرن ميونيخ السابق أولي هونيس.

وكان هونيس قد حكم عليه بالسجن لعامين بسبب التهرب الضريبي عندما كان في سدة رئاسة البايرن، وبعد خروجه من السجن تم إجراء انتخابات ليعود لمقعده بفوز كاسح.

لسوء حظ الوداد، فإن إيقاف الناصري جاء في وقت يعيش فيه الفريق فترة صعبة على مستوى الأداء والنتائج.

وفي دوري أبطال أفريقيا الموسم الحالي، يتذيل الوداد مجموعته الثانية، برصيد 3 نقاط فقط، بفارق 7 نقاط عن أسيك المتصدر.

ومُني الوداد في الجولة الرابعة بخسارة 2 ـ 0 أمام سيمبا التنزاني أخيرا.

وفي الدوري المحلي يحتل الوداد المركز الخامس برصيد 19 نقطة، وبفارق 7 نقاط عن الفتح المتصدر، لكنه مباراتين مؤجلتين، فيما يلعب اليوم السبت أمام يوسفية برشيد.

أما القلق الأكبر، فيتعلق بالأزمة المالية الطاحنة التي ظل يعانى منها الوداد طوال الأعوام الثلاثة الأخيرة.

وفي 2022، أكدت تقارير صحافية، أن ديون الوداد وصلت إلى 3 ملايين دولار.

ولاحقا أكد سعيد الناصري أن سبب زيادة الديون، هو النزاعات حول مستحقات لاعبين سابقين كسبوها داخل فيفا، مثل الليبيري ويليام جيبور والمالي سيسوكو والمدرب الفرنسي رينيه جيرارد وطاقمه الفني المساعد الذين كسبوا أكثر من مليون دولار.

والآن، سيكون على الوداد القتال في جبهتين، الأولى التخفيف من حدة تأثير إيقاف الناصري على سمعة النادي، قبل إيجاد وسيلة كفيلة بإنهاء الوضع المالي المتردي، وبالعدم، فإن الوداد مهدد بغروب شمسه التي سطعت أخيرا محليا وأفريقيا.