هزيمة فيفا في "معركة الوكلاء".. هل تربك ميركاتو الشتاء؟

مقارنة مع بقية المهن المتعلقة بكرة القدم، تعد وكالة اللاعبين هي الأكثر إثارة للقلق داخل الفيفا، وهو أمر تؤكده التغييرات المهمة التي شهدتها.

وعلى مدى عقود ظل نجوم كرة القدم بمنزلة ساحة تنافس ونفوذ بين الوكلاء، إذ يسعى كل وكيل يحمل صفة رسمية من فيفا إلى تكديس أكبر عدد منهم تحت وكالته، وهو أمر جعل منهم أباطرة يتحكمون في مصير النجوم ومستقبلهم، والأندية أيضا.

في 2015، أقر فيفا تعديلا تاريخيا على مهنة وكيل اللاعبين، إذ ألغى هذه التسمية، وعدلها باسم "الوسطاء"، كما ألغى أيضا الاختبارات الإلزامية التي كانوا يقومون بها قبل ذلك الحصول على رخصة مزاولة مهنة الوسيط.

وأفرزت تلك التعديلات زيادة في عدد الوكلاء، في وقت اتجه فيه عدد من النجوم الكبار إلى أقاربهم وذويهم وجعلهم وكلاءهم رسميا، ومن أمثال هؤلاء ليونيل ميسي (والده)، ونيمار (والده)، ومبابي (والدته)، فيما قام بعض اللاعبين مثل دي بروين بتمثيل نفسه.

خلال كونغرس الدوحة المتزامن مع مونديال 2022، قرر فيفا العودة للنظام السابق، أي العمل بنظام وكيل اللاعبين، وإلغاء صفة الوسطاء، لكن مع المزيد من القيود والضبط والتعديلات التي اعتبرت ثورية.

مشروع فيفا الجديد كان يلزم جميع الوكلاء في العالم باجتياز امتحان مخصص لمزاولة المهنة، على أن يتم منح الناجحين رخصا أكاديمية، ونظم بالفعل فترتي امتحان، في أبريل وسبتمبر الماضيين.

وكان المشروع يستهدف تحجيم تمدد الوكلاء في الصفقات، وذلك بإجبارهم على تمثيل أحد الأطراف الثلاثة (اللاعب- النادي المشترى- النادي البائع)، وبأقصى حد يمثل طرفين اثنين (اللاعب والنادي المشتري)، وضمان عدم تجاوز عمولاتهم 10% من قيمة الانتقال.

وكان فيفا حدد مطلع أكتوبر 2023 موعدا لسريان مشروعه الجديد لتنظيم مهنة الوكلاء، على أن يكون الميركاتو الشتوي الجاري هو الأول لتنفيذ القانون.

بعد قبول بعض الوكلاء بالجلوس للامتحان الأول في أبريل الماضي، الذي تبلغ رسومه 330 دولارًا، تصل إلى 600 دولار بعد النجاح كمتطلبات إكمال التسجيل، بدأ الغضب يتزايد لدى الوكلاء.

والسبب، بحسب "ذا أثلتيك"، ارتفاع نسبة الرسوب، إذ إنه من إجمالي 3 آلاف و800 وكيل لاعبين من 138 دولة حول العالم جلسوا للامتحان، لم ينجح سوى 1962 وكيلا فقط.

ودفع هذا الأمر برابطة وكلاء لاعبي كرة القدم الأوروبية "PROFFA" للاستئناف ضد المشروع أمام محكمة التحكيم الرياضي "كاس"، ومحكمة الاستئناف الهولندية.

لكنّ كلا من المحكمتين أنصفت فيفا في قانونه، ليحقق ضربتين متتاليتين، ويبدأ في التحضير لامتحانات سبتمبر الماضي، وتدشين العمل بالمشروع.

وبدورها، اتجهت رابطة المحترفين إلى محكمة دورتموند المحلية، التي حكمت لصالحها بإلغاء المشروع مؤخرا.

بحسب صحيفة إندبندنت البريطانية، فإن قرار فيفا بوقف العمل بالمشروع أحدث فوضى عارمة في الميركاتو الحالي.

ورأت أن السبب هو اعتماد الاتحادات المحلية للقانون الجديد، كما بدأت الأندية التواصل بالفعل مع الوكلاء الجدد المجازين رسميا من فيفا، لإنجاز صفقات في الميركاتو الحالي.

وعلى سبيل المثال، فإن بعض اللاعبين الذين وقعوا عقودا جديدة مع وكلاء بدلا من ذويهم، سيكون بمقدورهم العودة إلى الأقارب من جديد، ليضرب ذلك باتفاقات أو تفاهمات أبرمها الوكلاء المجازون مع بعض الأندية عرض الحائط.

وفي هذا السياق يتجه الآن، كل الحديث نحو النجم الفرنسي كيليان مبابي، الذي عادت والدته من أصول جزائرية فائزة العماري للإشراف على أعماله.

وأكد موقع ديفنسا سنترال الإسباني، بأنه في حال لم يلغ فيفا المشروع، كانت إمكانية وصول مبابي ستصبح أكبر، بسبب عدم تفهم العماري لبعض الظروف المتعلقة بالكرة، على الرغم من كونها الأقوى والأكثر تأثيرا على ابنها.

أما التأثير الأكبر فسيكون على الأندية، خصوصا تلك التي تعيش تحت رقابة اللعب المالي النظيف، إذ سيتوجب عليها مجددا دفع رسوم تبلغ 10% من قيمة الصفقة، كما يمكن أن تخضع لابتزاز الوكيل الذي يمثل أكثر من طرف.

أعلن فيفا في ديسمبر الأخير، عن وصول عمولات وكلاء اللاعبين إلى رقم قياسي في 2023، إذ بلغت 888.1 مليون دولار.

وحققت العمولات قفزة بنسبة 42.5% عما جناه الوكلاء من العمولات في 2022، الذي بلغ 623.2 مليون دولار.

وكانت الأندية الإنكليزية الأكثر إنفاقا على عمولات الوكلاء بـ280 مليون دولار، وجاء في المركز الثاني أندية الدوري السعودي التي دفعت 86 مليون دولار كعمولات.

وتخطى هذا الرقم من عمولات الوكلاء الرقم القياسي المسجل في 2019، عندما جنوا 653.9 مليون دولار.