هل تنهي "الخسارة التلقائية" أزمة العنصرية في كرة القدم؟

وجد بيان رئيس فيفا جياني إنفانتينو تفاعلا كبيرا في الإعلام الرياضي الغربي، لجهة أنه تخطى مرحلة التعاطف والإدانة إلى تقديم حل عملي، ينهي العنصرية، والمقصود هنا، هو مطالبته بإضافة بند الخسارة التلقائية للفرق والمنتخبات، عقابا لتعنصر جماهيرها.

وعن هذه الجزئية قال بيان إنفانتينو: "نحن بحاجة إلى جميع الأطراف المعنية لاتخاذ إجراءات رادعة، بدءا بالتعليم في المدارس حتى تفهم الأجيال المقبلة أن هذا ليس جزءا من كرة القدم أو المجتمع، وإلى جانب العملية المتكونة من ثلاث خطوات (إيقاف المباراة، إعادة إيقافها، إلغاء المباراة)، يجب علينا تطبيق الخسارة التلقائية للفريق الذي قام مشجعوه بالتمييز العنصري وتسبب في إلغاء المباراة، وقد يمتد ذلك لحظر الملاعب على مستوى العالم وتوجيه تهم جنائية للعنصريين".

ورأت وسائل إعلام بريطانية أن المقترح يعد نقطة تحول في مسألة العنصرية، وطالبت صحيفة"التيليغراف" الأندية بضرورة الاستعداد لعقوبات وخسائر كثيرة إن لم تثقف جماهيرها.

وعلى الرغم من إشادته بالفكرة، رأى مساعد التحرير في ديلي ميرور البريطانية دارين لويس أن إنفانتينو بدا وكأنه "رجل يسعى للتكسب من أزمة مانيان"، مستنكرا اكتفائه بمجرد الاقتراح.

وقال دارين في تصريحات لسكاي سبورتس: " أنت رئيس للفيفا، يجب عليك أن تفعل ذلك لا أن تقترح".

وخلص دارين إلى ضرورة التحرك نحو خطوة فعلية، وأن الاكتفاء بالانسحاب لم يغادر محطة الجدل الذي يتبعه، والقائل بإن مغادرة اللاعب لملعب المباراة يعتبر فوز للعنصريين، ورأى أن خصم نقاط من الفرق ستكون عقوبة رادعة للعنصرية.

ظلت العنصرية تشكل هاجسا للدوام للفيفا، دون أن يجد لها العلاج الناجع.

وفي 2013 وخلال الجمعية العمومية للفيفا أقر رئيسه السابق جوزيف سيب بلاتر حزمة إجراءات ضد العنصرية، إلى جانب تكوين لجنة مكافحة العنصرية، لكن اللجنة استمرت 3 أعوام فقط، قبل أن يتم إنهاء مهمتها في 2016، بسبب إكمالها مهمتها.

وتعرض الفيفا بسبب حل اللجنة للكثير من الانتقادات، وكان النجم العاجي يايا توريه أشد المنتقدين، إذ قال النجم السابق لمانشستر سيتي: " تكوّن لجان وتنفض، وتستمر العنصرية".

ولاحقا وجه توريه انتقاداته لفيفا في 2019، بعد تعرض لاعبو إنكلترا لإساءات عنصرية في بلغاريا خلال تصفيات يورو 2020.

وفي يونيو 2023 كون فيفا لجنة جديدة لمكافحة العنصرية، وعيّن لاعب ريال مدريد الشاب فينيسيوس جونيور رئيسا لها، بعد تعرضه لإساءات متكررة في الليغا، جاء أبرزها من جماهير فالنسيا في المستايا.

يعرف قانون العقوبات في فيفا المعدل لعام 2019 في المادة 13، العنصرية بأنها "الإساءة إلى كرامة شخص أو مجموعة من الأشخاص من خلال كلمات أو أفعال تمييزية بسبب العرق أو لون البشرة أو الأصل العرقي أو الوطني أو الاجتماعي أو الجنس أو الإعاقة أو الميول الجنسية أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو الثروة أو تاريخ الميلاد أو أي وضع آخر أو أي سبب آخر".

ووفقا لهذا يعاقب فيفا كل من يرتكب هذا السلوك بالإيقاف 10 مباريات على أقل تقدير أو لفترة معيّنة، أو أن يتّخذ بحقه اجراء تأديبي مناسب.

أما بحال وقعت العنصرية من جماهير فريق أو منتخب خلال المباراة، فوضع الفيفا 3 خطوات إجرائية، يقوم بها الحكام، وتنص على التالي:

• إيقاف المباراة وتوجيه تعليمات إلى سلطات الملعب بقراءة إعلان يدعو المتفرجين إلى إيقاف السلوك التمييزي.

• إذا لم يكن لهذا الإعلان التأثير المرغوب، القيام بإذاعة إعلان آخر، وتعليق المباراة وإرسال اللاعبين إلى غرف تبديل الملابس الخاصة بهم لفترة محددة.

• بعد التشاور، انهاء المباراة إذا لم يتوقف السلوك التمييزي أو استكمالها مرة أخرى.

وبشكل عام، وعطفا على تكرار الحوادث العنصرية منذ 2019، لا تبدو هذه الإجراءات كافية، لقمع العنصرية، لكن ستكون الفرصة سانحة بحال تم اعتماد مقترح إنفانتينو بتطبيق الخسارة التلقائية، إذ ستخشى الجماهير من خسارة فريقها التي قد تكلفها الألقاب بنهاية الموسم.

ولهذا كله، ستكون الجمعية المقبلة للفيفا محط الأنظار، إذ من المتوقع أن تناقش إدراج القانون واعتماده.