كلوب وغوارديولا.. ثنائية أجبرت الإنكليز على الاحتفاء بالتغيير

في 2011 و2012، أرسل يورغن كلوب مدرب بروسيا دورتموند رسائل مقلقة لبايرن ميونيخ عملاق الدوري الألماني مفادها رغبته في الهيمنة على البوندسليغا بحال لم تتحرك إدارة البافاري لجلب مدرب في مستوى دهائه وحنكته.

وبالفعل، ورغم فوز البايرن بأبطال أوروبا 2013 على حساب دورتموند وكلوب بالذات، فإن ذلك لم يمنعه من التعاقد مع نجم التدريب وقتها الفيلسوف بيب غوارديولا من برشلونة.

وبمجرد وصوله كانت أول مباراة له أمام كلوب في كأس السوبر الألماني ليجرعه كلوب الخسارة 4 ـ 2 ويتوج بكأس السوبر، فيما أعلنت تلك اللحظة عن ثنائية سيكون لها ما بعدها.

وبعد موسمين فقط انتقل كلوب إلى ليفربول.

في أكتوبر 2015 وصل يورغن كلوب إلى تدريب ليفربول الإنكليزي، وكان وقتها بطولة الدوري الإنكليزي تمور بحدثين مهمين للغاية.

الأول هو صنع ليستر سيتي معجزة تاريخية بفوزه باللقب الأول في تاريخه، وهو أمر يعني أن البطولة مفتوحة على مصراعيها.

أما الأمر الثاني فتمثل في بيع حقوق بث البطولة الإنكليزية إلى مشغلي سكاي سبورتس وبي سبورتس بأكثر من 5 مليارات إسترليني، ليجعل كل نادٍ بالبطولة على موعد مع دخل سنوي بقيمة 100 مليون إسترليني.

وبعد مرور 9 أشهر على تولي كلوب تدريب ليفربول وصل بيب غوارديولا لتدريب السيتي، ليبدأ كل منهما مرحلة البناء والتأسيس للثنائية الأقوى.

قبل وصول كلوب إلى ليفربول، كان له تصريح شهير وصف فيه الدوري الإنكليزي بـ"الكرة القتالية"، وقال: "يوم ماطر.. عشب مبلل ولاعبون متسخة وجوههم من الوحل".

ورغم أن حديث كلوب جاء في سياق مادح لقوة الدوري الإنكليزي المعترف بها عالميا، لكنه بدا في وجهه الآخر، وكأنه نقد للبطولة، التي تفتقد المقاربات التكتيكية الحديثة.

وهذا ما تأكد لاحقا، إذ بمجرد وصول كلوب واعتماده تكتيك الضغط العالي على الخصم أو ما يعرف بألمانيا بـ"الغيغينبرسينغ"، بدا ليفربول مختلفا بشدة.

وبدوره، جلب غوارديولا فلسفة الكرة الشاملة أو "التيكي تاكا" التي يعتبر عرابها الآن، ليثبت أركانها في السيتي، ويصبح قوة ضاربة فيما بعد.

وتجلى صراع الأفكار الجديدة وجدواه في موسم 2018 ـ 2019، عندما حقق كلوب رابع أعلى معدل نقاط في تاريخ البريمييرليغ بـ97 نقطة، لكنه رغم ذلك لم يتوج باللقب الذي خطفه بيب غوارديولا برصيد 98 نقطة.

ورغم هيمنة السيتي على لقب البرييمييرليغ بشكل كامل مع غوارديولا، لكن كلوب خطف لقب 2020، لينهي انتظار دام لـ30 عاما في ليفربول، فيما ظل ندا قويا ومرشحا أولا للقب، وباتا سويا وجهان للكرة الإنكليزية.

ونجحا بفعل نبوغهما التكتيكي على إجبار الكرة الإنكليزية على الانحناء لهما والقبول بثورتهما الخططية، وهي التي دائما ما كانت تفضل الولاء لقيمها السابقة بوصفها مهد اللعبة، وهو أمر يؤكده مقاومتها لكل جديد مثل (الفار) والتعنت في تغيير القوانين.

رغم التنافسية العالية بين كلوب غوارديولا لكن العلاقة بينهما ظلت تمتاز بالاحترام المتبادل، إذ كانت على الدوام المؤتمرات الصحفية لكليهما تضج بكيل المدح للآخر.

وحتى في الموسم الحالي عندما اشتبك بيب غوارديولا مع لاعب ليفربول داروين نونيز، تدخل كلوب بقوة، لكنه سرعان ما أكد في المؤتمر الصحافي إنه لم يناصر لاعبه على بيب، وقال: "لأنني أحبهما الاثنين، تدخلت لتهدئتهما، قطعا لم أكن مشاركا".

وبعد تأكيد رحيله عن ليفربول صرح غوارديولا بكلمات تفسر على احترام كبير لمنافسه، إذ قال فيما معناه إنه الآن سيتمكن أخيرا من النوم بهدوء.

وقبل مباراتهما، علق كلوب على رحيله بأنه من السهولة تعويضه عكس غوارديولا الذي سيصعب على إنكلترا تحمل آثار رحيله.

والآن بعد أن باتت النهاية حتمية، هنالك توقعات بأن تتجدد الثنائية في كأس العالم 2026، إذ أعلن غوارديولا رغبته في تدريب منتخب بدل الأندية، فيما تربط التقارير كلوب بتدريب ألمانيا العام المقبل.

جمعت يورغن كلوب وغوارديولا 29 مواجهة فيما بينهما، سواء في كل من ألمانيا وإنكلترا، وفاز كلوب في 11 مباراة، وغوارديولا في 10، وانتهت 8 بينهما بالتعادل.

وفي البريمييرليغ جمعتها 21 مواجهة، فاز كلوب في 8 منها، مقابل 6 انتصارات لغوارديولا، و7 تعادلات.

وسجل السيتي في مرمى ليفربول خلالها 38 هدفا، مقابل 33 هدفا لليفربول.

وعلى صعيد الألقاب يتفوق غوارديولا بشدة على كلوب في فترة البريمييرليغ، إذ يمتلك 12 لقبا، مقابل 5 لكلوب مع ليفربول.