كيف نجح المغرب في خطف جواهر المنتخبات الأوروبية؟

بمجرد إعلان قراره تمثيل أسود الأطلس، بدأت حالة استنفار في المغرب لاستقبال النجم إبراهيم دياز، وهو ما حدث بالفعل لحظة وصوله إلى الرباط، إذ استقبل رفقة أسرته بأنغام "الدقة المراكشية" التي تعبر عن احتفاء كبير بالزائر في الموروث الشعبي المغربي، وبدا متفاعلا معها.

وعندما ما حان موعد انضمامه للمعسكر، رتّب الاتحاد المغربي للكرة استقبالا استثنائيا، وتجهزت عشرات الكاميرات انتظارا لتصريحاته، وبدا المشهد وكأنه معد للاعب سوبر ستار من طراز ميسي ورونالدو.

وظهر دياز سعيدا في أول أيامه في معسكر مدينة سلا قبل مواجهة موريتانيا الثلاثاء 26 مارس وديا بأغادير، وذلك بعد الفوز الذي حققه أسود الأطلس في مباراة أنغولا، الجمعة بهدف عكسي.

ويبدو أن مثل هذه المعاملة هي استراتيجية من الاتحاد المغربي، من أجل خلق انطباع جيد لدى هؤلاء النجوم، للاستفادة منهم لاحقا في إقناع نجوم جدد باختيار المغرب، مثلما فعل أشرف حكيمي مع دياز، والذي لعب دورا حاسما في إقناعه باللعب للمغرب، بحسب صحيفة ماركا.

بمجرد انضمام دياز إلى المغرب، توجهت الأنظار إلى كبير الكشافين في الاتحاد المغربي لكرة القدم، وهو ربيع تاكاسا.

ويعيش تاكاسا في مدريد منذ 2014، ويتحرك بكثافة في إسبانيا وإيطاليا وألمانيا من أجل اكتشاف المواهب، وإقناعها.

وبحسب صحيفة ماركا تتركز مهمة تاكاسا على النجوم منذ ظهورهم في فئات الناشئين، قبل أن ينسج علاقات مع أسرهم.

ويستمر تاكاسا في تتبع مسيرتهم، قبل أن يظهر مجددا عند بلوغهم 16 و23، ليبدأ مهمة إغرائهم للعب للمغرب.

وتشبه مهمة تالسكا مع الاتحاد المغربي لكرة القدم مهمة كبير الكشافين في ريال مدريد جوني كالافات، والذي اسهم في بناء ريال مدريد الحالي بضمه فالفيردي وفينيسيوس جونيور وردوريغو وبيلينغهام.

وينسب لتاكاسا الفضل في إقناع أشرف حكيمي ومنير الحدادي وعبدالصمد الزلزولي وأخيرا إبراهيم دياز وأخوماش ولخديم.

لا يعمل تاكاسا منفردا، ولكن توجد بجانبه شبكة من الكشافين، يعود الفضل في تأسيسها إلى المدير التقني السابق للمنتخب المغربي ناصر لاركيط.

ويعتبر لاركيط بمنزلة عرّاب نجاحات الكرة المغربية الحالية، إذ أوكل إليه ملك المغرب محمد السادس تأسيس أكاديمية محمد السادس لكرة القدم.

ويعمل لاركيط حاليا مديرا تقنيا في الاتحاد السعودي لكرة القدم منذ 2022، وقبلها كان مدربا مؤقتا لمرسيليا الفرنسي.

وبحسب حديث سابق له في صحيفة المنتخب المغربية، أدخل لاركيط تحديثات مهمة على نظام الكشافين في الاتحاد المغربي. وعين لاركيط الهولندي مارك فوت الذي عوض علي بوصابون وقبله علي أفلاي بهولندا.

وضع لاكيط ثقته في ربيع تاكاسا وكلفه بتتبع الطيور المغردة في إسبانيا وإيطاليا وألمانيا، مع الإبقاء على المندوبين السابقين أحمد الشواري بفرنسا، ونور الدين موكريم ببلجيكا، دون إغفال المساعدة المجانية السابقة لأشخاص آخرين كالنخلي والحسوني.

أمر آخر ساعد في نجاح المغرب في إغراء النجوم وهو تألق منتخب المغرب بقوة في كأس العالم 2022 بقطر ووصوله على نصف النهائي في إنجاز تاريخي.

وساعد إقصاء المغرب لمنتخبات مثل البرتغال وإسبانيا ومقارعة فرنسا، في تغيير الكثير من الأفكار لدى اللاعبين ذوي الأصول المغربية المتواجدين في أوروبا.

وكان نتاج ذلك الهجرة الجماعية الحالية نحو أسود المغرب.

منذ افتتاحها في 2010، لعبت أكاديمية محمد السادس لكرة القدم دورا محوريا في نجاحات الكرة المغربية.

ووضع ناصر لاركيط، الذي كلفه الملك محمد السادس بإدارة الأكاديمية التي تكلفت 140 مليون درهم، اللبنات الأولى للمشروع، وخرّج بالفعل عدة مواهب أبرزها الثلاثي نايف أكرد ويوسف النصيري وعزالدين وسفيان أمرابط المحترفين في أوروبا حاليا، والحارس أحمد رضا التكناوتي، وجميعهم لعبوا أدوارا مهمة مع المغرب في مونديال قطر.

ولا تكتفي الأكاديمية بتخريج المواهب فقط، وإنما لديها نظام متابعة خاص لأكاديميات أوروبية تساعد عبره في رصد المواهب التي يمكن استهدافها مستقبلا لتمثيل المغرب.