أزمة صلاح وكلوب.. من الجاني ومن الضحية؟

لا تزال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تحتشد بسيل من السيناريوهات حول الأسباب الحقيقية للخلاف بين محمد صلاح وكلوب.

ومن جهته، حدد أسطورة ليفربول السابق جيمي كاراغر سيناريو واحدا للاشتباك، وجعل فيه صلاح في مكان الجاني، وذلك بسبب تأخره في تجهيز نفسه للدفع به بديلا، وهو أمر أغضب كلوب بشدة.

في المقابل، نشرت صحيفة ديلي ميل مقطع فيديو التقطته كاميرا لمشجع في ملعب لندن الأولمبي، وبنت عليه روايتها حول سبب المشادة الكلامية.

ويظهر الفيديو يورغن كلوب وهو يأتي لتحية صلاح قبل دخوله الملعب، لكن النجم المصري حيّاه ببرود، وصافحه بـ"طرف كفه" فقط، وهو ما دفع كلوب إلى استيضاحه عن هذا السلوك، كونه حدث أمام المشجعين، لينفجر الوضع بينهما.

وهنالك تقارير أخرى تنصف صلاح وتضع كلوب في خانة الجاني عليه، إذ تنطلق من عدم تقدير الألماني لمكانة النجم المصري، الذي يُعد أكبر من يدفع به في مثل هذه الأوقات من المباريات.

وفي السياق قال نجم أستون فيلا السابق غابي أجبونلاهور، في تصريحات صحافية: "يمكنك وضع صلاح على مقاعد البدلاء إذا كنت تطبّق نظام المداورة، لكن المصري سجل 210 أهداف، وقدم 86 تمريرة حاسمة مع ليفربول، لذا فهو محق في غضبه من توقيت التبديل".

وذكرت مصادر لبلينكس، أن سبب المشكلة التي حدثت بين صلاح وكلوب هو تهميش المدرب للاعبه المصري خلال المدة الأخيرة، وإبعاده عن التشكيل الأساسي، رغم كونه هداف الفريق وينافس على جائزة هداف الدوري الممتاز.

وأشارت المصادر إلى أن صلاح وجه اللوم إلى مدربه على خط الملعب قبل نزوله في الدقيقة 82 بعد استقبال فريقهما هدف التعادل، وذلك بعد توجيه كلوب بعض التعليمات إلى اللاعب المصري لتطبيقها عند دخوله أرض الملعب.

وتعجب صلاح من تعليمات مدربه المكثفة بسبب ضيق الوقت، إذ كان سيلعب لمدة 8 دقائق فقط، ليبلغ مدربه بأن المباراة توشك على النهاية، وأنه كان يجب عليه منحه وقتا أكثر، لينجح في مساعدة الفريق، بحسب المصدر.

قفزت بعض وسائل الإعلام الإنكليزية على خانة المتسبب والضحية، وركزت على توقيت هذه الأزمة، الذي يأتي قبل أسابيع قليلة على نهاية علاقة محمد صلاح ومدربه يورغن كلوب، الذي أعلن رحيله رسميا نهاية الموسم.

ونوهت سكاي سبورتس البريطانية بالمشوار الحافل بين كلوب وصلاح، الذي استمر لـ8 أعوام، بدأت بإيمان كلوب بصلاح، وبناء مشروعه عليه، ليثمر ألقابا ونجاحات، بات معها صلاح أحد أساطير نادي ليفربول بفضل تحطيمه عددا من الأرقام القياسية الصامدة.

وشارك أسطورة نيوكاسل ألان شيرر في الدرب ذاته، مبديا أسفه لإنهاء العلاقة بين كلوب وصلاح بهذه الصورة.

وأضاف شيرر في تصريحات: "لقد سجل 17 هدفا في 25 مباراة بالدوري، وتنظر إلى هذه الحقيقة، وتدرك أنه لاعب لا يُصدق.. من المؤسف أن ينتهي الأمر بهذه الطريقة".

لا تعتبر هذه المرة الأولى التي يحدث فيها خلاف وجدل بين محمد صلاح وكلوب بسبب تبديل أو استبدال، لكنها وجدت زخما أكبر، وذلك بسبب توقيتها، ووضع يورغن كلوب مع الفريق، وأيضا نتائج الفريق المتراجعة في الوقت الحالي من الموسم.

وعلى ما يبدو أن موسم ليفربول قد انتهى بلقب وحيد وهو كأس الرابطة، بعدما ودع الدوري الأوروبي أمام أتلانتا وغادر كأس الاتحاد الإنكليزي، وأصبح ثالثا في البريمييرليغ، الذي تضاءلت حظوظه فيه.

وعموما، تعد هذه هي المرة الرابعة التي يظهر فيها خلاف من هذا القبيل، وسبقها:

• في أغسطس الماضي احتج صلاح بشدة على استبداله أمام تشيلسي في افتتاح البريمييرليغ، وحرم ذلك التبديل صلاح من أن يصبح أول لاعب في تاريخ الدوري الإنكليزي يسجل في المباراة الافتتاحية للموسم السابع تواليا.
• في موسم 2020ـ2021، بدا صلاح غاضبا على استبداله أمام برايتون والدفع بالسنغالي ساديو ماني، وأظهرت الكاميرات غضبه ورفضه مصافحة كلوب.
• في الموسم ذاته (2020ـ2021) تكرر الأمر بعد غضب صلاح من استبداله أمام نيوكاسل.

بنظرة أدق على كل ما يُثار حاليا حول أسباب غضب صلاح، إذ أن ما حدث قد لا يكون كافيا لانفجاره بهذا الشكل، لتبدو تحليلات الأزمة في سياق أوسع مما حدث، السبت، أكثر منطقية.

وبالتركيز على النجم المصري محمد صلاح حاليا، فإن وضعه ليس سيئا في ليفربول فقط، وإنما يمر بمشكلات تهدد مسيرته مع منتخب بلاده، الذي غاب عن آخر تجمع له، في وقت تؤكد فيه التقارير وجود أزمة حقيقية بينه وبين مدرب الفراعنة الجديد حسام حسن.

ويطل يورغن كلوب برأسه في هذه الأزمة، إذ يعد فعليا هو أول من أشعل فتيلها، عندما أعلن قدوم صلاح لتلقي العلاج بليفربول بعد إصابته مع مصر أمام غانا في (الكان) بكوت ديفوار، وسبق بذلك إعلان النجم والمنتخب المصري عن الأمر.

ودفع تسرع كلوب الكثيرين إلى مهاجمة صلاح، أبرزهم حسام حسن، الذي قال إن هذا التوجه لا يليق بقائد منتخب مصر، وهو ما أغضب صلاح من المدرب الحالي.

بعيدا عن العلاقة القوية بين كلوب وصلاح في الملعب، التي تعد براغماتية، إذ ظل كلوب يشعر بالامتنان للمصري وتفانيه مع الفريق، فإن الألماني عادة ما يظهر بعض المواقف الغريبة تجاه صلاح.

وقبل بداية الموسم الجاري، أغضب كلوب صلاح بعدم منحه شارة "القائد" التي ذهبت إلى فان دايك، بل لم يسمه قائدا ثانيا، واختار ألكسندر أرنولد.

وما أن يجد كلوب فرصة إخفاق من صلاح حتى يهاجمه علنا، وأبرز ذلك قضية إضاعته ضربة جزاء أمام أرسنال في نهاية الموسم الماضي، وتأكيده أنه سيفكر في سحب المهمة منه، بدلا من دعمه.

وأخير بعد وداع ليفربول أمام أتلانتا، خرج كلوب بتصريح يحتمل التأويل عن صلاح، وعلق على سوء طالع المصري في المباراة بقوله: "ليست أول مرة يهدر فيها فرصا مثل تلك"، رغم استدراكه بأنه ليس قلقا ويعود لمدح صلاح بأنه الأكثر خبرة في ليفربول.