هل يحق للاعبين اللجوء إلى المحاكم الجنائية؟

مرت الواقعة بعدة محطات، نستعرض تسلسلها تاليا:

• 23 يوليو بيراميدز يهزم الأهلي 3-0، وبعد المباراة، تلتقط الكاميرات صفع حسين الشحات المغربي محمد الشيبي وسبّه.بعدها بيومين أوقع الأهلي غرامة مالية على لاعبه، وأدان سلوكه.تزامن ذلك مع إيقاف لجنة الانضباط باتحاد الكرة المصري الشحات لمباراتين وتغريمه 20 ألف جنيه مصري.الشيبي يرفض اعتذار الشحات، ويلجأ إلى المحاكم المدنية.4 ديسمبر النيابة العامة المصرية تستدعي الشحات للتحقيق وتطلب شهادة بعض اللاعبين.قدم الأهلي شكوى لاتحاد الكرة بسبب توجه اللاعب المغربي للقضاء، وطالب فيها بفرض عقوبة لتجاوزه لوائح اتحاد الكرة وفيفا.راسلت لجنة الانضباط فيفا قبل إصدار قرارها في الشكوى.الخميس 9 مايو محكمة جنح مدينة نصر تستمع لمرافعات دفاع اللاعبين، وتحدد 30 مايو موعدا للحكم.قبلها طلب محامي الشيبي عقوبة السجن 3 سنوات لحسين الشحات.

لم يتوقف الجدل طوال الأيام الماضية في مصر حول قانونية خطوة الشيبي المتمثلة في الذهاب إلى القضاء.

وانتقل الجدل من وسائل التواصل إلى الإعلام المصري الذي انقسم حيال اللجوء إلى القضاء.

وفيما أبدى نجم الكرة المصرية السابق أحمد حسام الشهير بـ"ميدو" استغرابه من حرمان اللاعبين من الذهاب إلى القضاء، تمسك مدرب مصر السابق ضياء السيد بلوائح الاتحاد المصري للكرة، فيما ظل الجدل محتدما بسبب منطقية الطرح والطرح المضاد، وتأخر الحسم.

وبالمقابل، رأى المستشار القانوني كمال شعيب قانونية ذهاب الشيبي إلى النيابة، وقال إنه أمر مكفول له، ما دام كان الاعتداء بعد المباراة.

بحسب النظام الأساسي للفيفا، فإن المشرّع فصّل بشكل واضح في هذا الأمر، والذي نص على منع اللجوء إلى المحاكم في قضايا تخص الشأن الرياضي.

وتنص المادة 58 من النظام الأساسي لفيفا في الفقرة 2 على التالي: "يحظر اللجوء إلى المحاكم العادية ما لم ينص على ذلك على وجه التحديد في لوائح الفيفا، كما يحظر أيضا اتخاذ تدابير مؤقتة".

أما لوائح اتحاد الكرة المصري، فتحظر بدورها هذا الأمر، وتقول المادة 38 : "لا يجوز للأندية والمسؤولين واللاعبين وعناصر اللعبة اللجوء للمحاكم العادية لحل نزاع رياضي".

يكمن سبب تردد لجنة الانضباط باتحاد الكرة، وعدم حسمها الشكوى مباشرة، إلا بعد استشارة فيفا، في ندرة هذا النوع من القضايا، وخصوصا في كرة القدم.

وبنظرة على القواعد واللوائح بدت وكأنها معدة لحالات لا تشبه أزمة (الشحات والشيبي)، إذ يكمن الفرق في التأويل، وهذا ما يزيدها غموضا.

فتوقيت الواقعة كان بعد نهاية المباراة، فيما كان الفعل (الصفع والشتم) موثقا بالكاميرا، إلى جانب، الأهم، وهو عدم ردة فعل الشيبي لحظة صفعه.

ويمكن أن تُؤول الواقعة في اتجاه إهانة لإنسانية الشيبي، كما أن الأمر الآخر يتعلق بتحرك المغربي وتصعيده، في ذات الاتجاه الحساس.

سلط القانوني البريطاني هنري غولدشميدت الضوء على حدود التداخل بين القضاء الجنائي والقوانين الرياضية، وبعد رصده لعدد من الحالات، توصل إلى أنه لا توجد حصانة للاعبين من الملاحقة القضائية.

وفرقّ غولدشميدت في مقال على موقع (sports.legal) بين العنف الذي يقع خلال مجريات اللعب، والعنف خارجه، أي يتسبب لاعب ما بإصابة آخر بالضرب أو الركل أو الاعتداء الجسيم. وقال إن كليهما مخول للقضاء البت فيه، مع انفراد القضاء بسلطة كاملة تجاه السلوك خارج الملعب، مثل المراهنات.

وأحصى غولدشميدت 8 حالات رياضية وصلت للمحاكم وفصلت فيها، كانت 6 منها في رياضة الرغبي المشهورة بعنفها، و2 في كرة القدم.

وفي الكرة، كان بطل الواقعة الأولى، وهي مشابهة لواقعة الشحات والشيبي، هو لاعب سويندون تاون كريس كامارا، الذي لكم جيم ميلروس لاعب شروزبري تاون بعد مباراة في عام 1988، وتسبب في كسر فكه، قبل أن يمثل أمام القضاء ويتم الحُكم عليه بغرامة 1200 جنيه إسترليني، و250 ألفا أخرى للتسوية.

أما الواقعة الثانية، فكان بطلها الفرنسي ولاعب مانشستر يونايتد إريك كانتونا، الذي ركل مشجع كريستال بالاس ماثيو سيمونز على طريقة (الكونغ فو) عقب مباراة في 1995، قبل أن يمثل أمام المحكمة، ويحاكم بأداء 120 ساعة في الأعمال الاجتماعية.

ولاحظ غولدشميدت أن العلاقة بين القضاء والقوانين الرياضية، لا تزال مواربة، بمعنى أن القضاء يحاول عدم التدخل، لكنه غير ممنوع تماما من ذلك، مشيرا إلى أن العلاقة بينه وبين المؤسسات الكروية، مثل إنكلترا، لا تزال غير محسومة بشكل واضح.

ومن واقع التجارب يبدو أن الفاصل هو تحرك الضحية، وهنا تحضر حالة الهولندي الجنسية المغربي الأصل ولاعب سبارتا روتردام رشيد بوعوزان، الذي تسبب في كسر قدم لاعب غو أهيد نيلز الهولندي نيس كوكمايير في ديسمبر 2004، قبل أن يحاكم بالسجن 6 أشهر و200 ساعة أعمال مجتمعية. وجاءت العقوبة بعد توجه كوكمايير للقضاء.

وفي 2020، كانت هنالك حادثة جدلية في طواف بولندا، عندما تسبب الدراج الهولندي ديلان جرونفيخن في حادث مريع لمواطنه فابيو ياكوبسن، قبل أن يدخله في غيبوبة، وقال رئيس فريق ديسيونيك كويك ستوب للدراجات إن جرونفيخن مكانه السجن بسبب تلك الواقعة.