روكي وتايسون.. عندما يدفعك الألم إلى "النزال الأخير"

اعتزل بطل العالم في الوزن الثقيل، مايك تايسون، عام 2005، وخاض عدة نزالات استعراضية في أوهايو عام 2006، قبل أن يترك حلبة الملاكمة إلى عالم السينما في رحلة استمرت إلى أن قرر العودة إلى رياضته المفضلة من جديدة في 2024.

تدهور حال تايسون كثيرا بعد الاعتزال، ودخل في حالة اكتئاب، وألقت الشرطة القبض عليه في ديسمبر 2006 بتهمة حيازة المخدرات والقيادة تحت تأثيرها في مقاطعة ماريكوبا، وقام ديفيد تشيسنوف، محامي الملاكم الأميركي بالحصول على موافقة السلطات وقتها لخضوع مايك إلى علاج في مستشفى داخلي من الإدمان، بعد القبض عليه.

تعافي تايسون من الإدمان لم ينقذه من قرار المحكمة، ليقضي فترة في سجن "تينت سيتي" الشهير في ولاية أريزونا، لمدة يوم واحد فقط، بالإضافة إلى 3 سنوات من المراقبة، وإجباره على العمل 360 ساعة في الخدمة العامة.

بعد نهاية سنوات المراقبة، بدأ تايسون تجربته السينمائية، ليطل على الجمهور من خلال فيلم The hangover وحققت مشاركته في الفيلم نجاحا مقبولا، لكن أزمة عائلية أخرى دفعته إلى الاكتئاب، بعد أن علقت ابنته البالغة 4 أعوام فقط في جهاز المشي الرياضي، لتتعرض لإصابات بالغة وتتوفى في اليوم التالي.

حاول تايسون العودة إلى السينما، وظهر في عدة أعمال، لكنه عاد بعد ذلك إلى تعاطي المخدرات، وزاد وزنه بشكل ملحوظ، ليعلن ثورة على نفسه في 2013 ويستعيد وزنه المثالي بعد برنامج رياضي وغذائي قاس للغاية، ويتعافى مجددا من الإدمان.

وظهر تايسون في عروض استعراضية مشتركة بين WWE وUFC، مع محاولات سينمائية على استحياء، أحدها في الوطن العربي، عندما ظهر في فيلم "حملة فرعون" المصري عام 2019.

وعاد تايسون لتدريباته بعد أن استعاد رشاقته، وأعلن في 2020 قدرته على العودة من جديد للملاكمة والمنافسة ضد أي شخص، ليمر بعدة محاولات قبل أن يعلن في مارس 2024 خوضه نزالا قويا على طريقة المحترفين.

يشهد استاد AT&T في دالاس بالولايات المتحدة، نزالا مرتقبا بين مايك تايسون، وجيك بول، وسط حضور 80 ألف متفرج، وبث مباشر على الهواء من خلال منصة "نتفلكس" يوم 20 يوليو المقبل.

جايك بول، منافس تايسون، هو أحد المؤثرين على منصة يوتيوب، ونجح في احتراف الملاكمة، ليكون المنافس الذي سيخوض النزال ضد تايسون بعد عودته من الاعتزال، وبغض النظر عن نتيجة القتال، فقد خرج بول فائزا بالفعل، بسبب التوقعات بحصوله على أكثر من 9 ملايين دولار نظير خوض النزال.

ونجح بول في لفت الأنظار بشدة، وأثبت كونه ملاكما يمتلك القدرة على خوض أصعب النزالات ضد أبطال العالم، وفي حديث نشرته ذا جارديان قال الملاكم الشاب: "هدفي أن أصبح بطلا للعالم، لكن الآن لدي فرصة لإثبات قدراتي ضد مايك تايسون، أشرس رجل على كوكب الأرض، وأخطر الملاكمين على الإطلاق، وأعظم أبطال العالم في الوزن الثقيل".

النزال بين تايسون وبول سيكون من 8 جولات فقط، مدة كل جولة دقيقتين، لكن من الممكن أن تنتهي المباراة بينهما قبل اكتمال الجولات بالضربة القاضية حال تفوق أي منهما على الآخر.

وتعليقا على النزال قال تايسون: "أشعر بألم شديد، لكنني في حالة جيدة، خوض القتال كان أمرا لا يحتاج إلى تفكير، المنافس صاعد بقوة وقادم إلى الساحة، وأنا أحب هز عالم الرياضة، وهو ما أفعله الآن".

وخاض تايسون خلال مسيرته 56 نزالا، فاز في 50 منها، إلى أن اعتزل عام 2005 بعد تتويجه ببطولة العالم في الوزن الثقيل، لكن هناك مخاوف من قدرته على خوض النزال ضد لاعب أصغر منه بـ31 عاما، لكن تايسون قلل من هذه المخاوف قائلا: "أنا رائع، الذين قالوا ذلك تمنوا لو كانوا الآن مكاني، لكن لا أحد يستطيع فعل ذلك غيري".

عودة تايسون بعد الاعتزال، تنبأ بها الممثل الأميركي سيلفستر ستالون، صاحب أشهر سلسلة أفلام عن الملاكمة "روكي"، وقدم الجزء السادس من السلسلة بعد 30 عاما من طرحها للمرة الأولى.

فيلم سلسلة روكي بالبوا الذي عُرض عام 2006، يبدو وكأنه يحكي قصة مايك تايسون، إذ ظهر البطل الشهير روكي حزينا وحيدا، يأكله الملل ولا يجد نفسه ناجحا بعيدا عن الرياضة، ليقرر العودة من الاعتزال مع احتفاله بعامه الـ60.

عودة روكي في الفيلم كانت بسبب الذكاء الاصطناعي، حين عرضت قناة تلفزيونية تصورا افتراضيا لمواجهة بينه وبين بطل العالم الحالي حققت نسبة مشاهدة كبيرة، وأظهرت المحاكاة فوز روكي، ليتشجع ويعلن تحديه لإقامة النزال في الحقيقة ضد أقوى ملاكم على الكوكب، وتقام بالفعل وسط حضور جماهيري واهتمام إعلامي كبير في مدينة لاس فيغاس.

وعند عرض الفيلم في السينما بالولايات المتحدة، كان تايسون يعاني في الواقع من الإدمان والخضوع لمراقبة الشرطة بعد اعتزاله بعامين، لكن بعد رحلة طويلة بدا مايك وكأنه يريد محاكاة الفيلم في الحقيقة.