هل أكمل أنشيلوتي صناعة "الوحش غولر"؟

أنهى ريال مدريد التعاقد مع التركي الشاب أردا غولر الصيف الماضي قادما من فنربخشة التركي مقابل 20 مليون يورو، بعدما هزم غريمه برشلونة الذي كان راغبا فيه.

ووصل الفتى غولر، 18 عاما وقتها، بتوقعات كبيرة بسبب موهبته، ووقعت جماهير الريال في حبه قبل أن تشاهده بالقميص الأبيض، لكنه تعرض لإصابة خلال معسكر الريال الصيفي في الولايات المتحدة، تطلبت خضوعه لعملية جراحية، ولاحقا انتكس بعد تعافيه، ليغيب عن الفريق لـ106 أيام، خاض خلالها الفريق 22 مباراة بدونه.

وحتى بعد تعافيه، لم يضعه المدرب كارلو أنشيلوتي في حساباته، ليتسرب اليأس إلى جماهير ريال مدريد، التي بدأت ترى فيه إدين هازارد جديد.

لكن أنشيلوتي أعاده تدريجيا للعب وخاض أول مباراة له مع الريال في 6 يناير أمام فريق أراندينا المغمور في كأس الملك، فيما سجل أول هدف له في 10 مارس في مرمى سيلتا فيغو.

بهدفيه في فياريال، الأحد ، دخل غولر تاريخ ريال مدريد، إذ رفع رصيده إلى 6 أهداف في الليغا، ليصبح رابع أصغر لاعب في تاريخ الفريق يسجل 6 أهداف أو أكثر، وهو بعمر 19 عاما و84 يوما.

أما الأمر المميز الآخر، فيتعلق بالأهداف، إذ حقق رقما مثيرا عندما سدد 6 مرات على المرمى مباشرة، سجلها جميعا، ولم يفلح أي حارس في صد أي منهما.

وبحسب قاعدة الأهداف المتوقعة، xG، تقوم بها خوارزميات الذكاء الاصطناعي بناء على تمركز اللاعب والضغط والرقابة المفروضة عليه من الخصم، وكذا جودة التسديدة، فإن غولر لا ينبغي له تسجيل هذا العدد من الأهداف.

وبلغت نسبة الأهداف المتوقعة لغولر 1.3%، بمعنى آخر، أن كل تسديدة كانت نسبة تحولها إلى هدف 21% فقط، لكنها رغم ذلك دخلت جميعها.

ومن 373 دقيقة خاضها، سدد غولر 15 تسديدة، 5 منها تم اعتراضها من الخصم، و10 ذهبت في اتجاه المرمى، 2 منها اصطدمت بالقائم، بما فيها تسديدة من منتصف الملعب أمام أوساسونا، و2 ضلتا طريقيهما نحو المرمى.

أما التسديدات الـ6 التي ذهبت مباشرة نحو الخشبات الثلاث، فدخلت جميعها، وهذا رقم يشير إلى تطور اللاعب وثباته الانفعالي وأيضا حسمه الشديد أمام المرمى، ما يبشر بـ"وحش" جديد في عالم الكرة.

بعد أرقامه المثيرة وأهدافه التي لا تتوقف مع ريال مدريد، بدأ الجميع في الثناء على غولر، وامتصاصه لصدمة البدايات وضغوط الإصابة والعودة من جديد.

وقارنت وسائل إعلام الموهبة اليافع بالنجم البلجيكي إدين هازارد المشبع بالخبرات، الذي تأثر بإحباط البداية، وبصم على أسوأ أداء، قبل أن يغادر الريال ويعتزل الكرة.

وتخطى غولر بعدد أهدافه في الليغا بـ6 أهداف في 10 مباريات، إدين هازارد الذي سجل 4 أهداف فقط في 54 مباراة.

وداخل التدريبات ظل غولر يواصل باستمرار في إظهار مهاراته وسط إعجاب النجوم.

وبجانب ذلك كشف غولر عن شخصية كبيرة، ظهرت في تصريحاته بعد التألق أمام فياريال: "أرغب في الاستمرار في تسجيل الأهداف والتطور وجعل الجميع فخور بشخصي".

كما نجح في الاندماج بسهولة مع غرفة الملابس، وكون صداقات مع النجوم والصغار.

قبل نهاية 2023، وبعد تعافي غولر من الإصابة، ظلت وسائل الإعلام ترشحه للعب في كل جولة، لكن أنشيلوتي كان يبقيه على الدكة.

وعن سبب ذلك قال مصدر داخل طاقم تدريب الريال لصحيفة ذي أثلتيك إن أنشيلوتي قال لهم: "ينبغي علينا الصبر، لا يزال طفلا".

وتجسدت أهداف أنشيلوتي في حرمانه من اللعب في محورين، الأول؛ إبعاده عن ضغوط البرنابيو الرهيبة، والثاني؛ رغبته في إكسابه المزيد من العضلات والتحمل البدني.

وخلال هذه الفترة، ظل أنشيلوتي يحيط غولر برعاية أبوية، عبر عنها غولر أخيرا: "أنا فخور به، حتى عندما كنت لا ألعب، كان يتحدث معي ويقول لي كن صبورا واعمل بجهد وقتك سيأتى".

وخلال احتفال الريال بالليغا أخيرا، ظهر أنشيلوتي، وهو يثبث "لفة العنق" الخاصة بالتركي.

والآن بعد أن حسم الليغا، وانتهت الضغوط بدأ الدفع به، كما ظل يمتدحه باستمرار، مشيدا بتطوره موهبته، وقال مؤخرا: "لديه موهبة فطرية، سيكون مفيدا لو تم استخدامه بالقرب من مرمى الخصم، سيسجل الكثير من الأهداف".

والآن، بعد اعتزال توني كروس، يخطط أنشيلوتي للدفع به الموسم المقبل كلاعب وسط جنبنا إلى جنب مع بيلينغهام وفالفيردي، من أجل ضمان امتلاك هجوم رفقة الثلاثي مبابي، المرتقب، وفينيسيوس جونيور ورودريغو.