رياضة
مع اختتام دورة الألعاب الأولمبية "باريس 2024"، ستكتب العاصمة الفرنسية نفسها في تاريخ أقدم حدث رياضي في العالم، إذ ستفاخر على المدى البعيد بأنها أول مدينة تنظم حفل الافتتاح خارج ملعب رياضي، إذ استضافه نهر السين الخالد.
لكن بمثل ما ستخلد في الذاكرة بهذا الحدث، سترسخ في ذاكرة الناس مشاهد ولحظات خاصة، وأخرى جدلية وقعت في عاصمة الأنوار.
ومن حفل افتتاح مثير للجدل في بعض مشاهده، إلى قضية الملاكمتين الجزائرية إيمان خليف والتايوانية يو-تينغ لين اللتين توجتا بالذهب رغم ما ترافق من جدل بشأن هويتهما الجنسية، مرورا بالانحناء احتراما في منافسات الجمباز، ستبقى هناك لحظات عالقة في الأذهان من أولمبياد باريس الذي وصل إلى نهايته الأحد.
وعد المنظمون بحفل افتتاح مذهل وانتهى الأمر بموكب القوارب الغارق في المطر على نهر السين.
وتصدر الحفل عناوين الأخبار حول العالم، لكن ليس للأسباب المتوقعة، إذ أثار غضب رجال الدين المسيحي وحتى المرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب لمشاركة المتحوّلين جنسيا في مشهد تمثيلي فسره البعض على أنه محاكاة ساخرة للوحة العشاء الأخير للرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي.
ونفى المدير الفني لحفل افتتاح توماس جولي أن يكون العرض "مستوحى" من لوحة العشاء الأخير، قائلا في حديث عبر "بي إف إم تي في": "ليس لدي مطلقا أي رغبة في السخرية من أي أمر أو تشويهه. أردت إنجاز حفل افتتاح ينطوي على إصلاح ومصالحة، ويعيد تأكيد قيم جمهوريتنا".
وتابع: "كانت الفكرة تكمن بالأحرى في إقامة احتفال وثني كبير مرتبط بآلهة أوليمبوس".
أخيرا نجح الصربي نوفاك ديوكوفيتش في إحراز أوّل ذهبية أولمبية في كرة المضرب بمسيرته، بفوزه على الإسباني كارلوس ألكاراز على ملاعب رولان غاروس.
وبات الصربي، المصنّف أول في البطولة والبالغ 37 عاما، خامس لاعب يحقق الفوز بـ "سلام الذهبي"، حيث أضاف المعدن الأصفر في خامس مشاركة أولمبية له إلى سجله المرصّع بـ 24 لقباً في البطولات الأربع الكبرى "جراند سلام".
واحتفل ديوكوفيتش بصرخة تردد صداها في أنحاء مجمع رولان غاروس قبل أن يتسلق الصربي الباكي مقصورة اللاعبين ليعانق زوجته يلينا وطفليه.
وقال الصربي: "لا يوجد إلهام أعظم من تمثيل بلادك". وكان ألكاراز أيضا يبكي لأنه "خذل إسبانيا".
قد تكون الأميركية سيمون بايلز نجمة العرض وأبرز من مارس الجمباز، لكنها حظيت بإشادة واسعة بعد الانحناء أمام منافستها اللدودة البرازيلية ريبيكا أندرادي على منصة التتويج.
قالت بايلز إن ذلك "كان التصرف الصحيح" بعد أن احتلت هي وزميلتها جوردان تشايلز المركزين الثاني والثالث تواليا خلف البرازيلية في نهائي الحركات الأرضية. وتابعت "ريبيكا مذهلة جداً، إنها ملكة".
حصلت الرومانية آنا باربوزو في وقت لاحق على البرونزية بعدما قضت محكمة التحكيم الرياضي بعدم ترفيع تشايلز من المركز الخامس الذي احتلته في البداية.
أعاد العداء الأميركي نواه لايلز سيطرة بلاده على سباق 100 متر، بمنحها الذهبية الأولى منذ 2004، وذلك بعد فوزه بفارق 5 بالألف من الثانية فقط عن الجامايكي كيشاين تومسون.
وأضاف لايلز اللقب الأولمبي إلى العالمي الذي توج به صيف 2023 في بودابست، متفوّقا بالصورة النهائية (فوتو فينيش) على تومسون صاحب الفضية، والأميركي الآخر فريد كيرلي، بطل العالم في يوجين عام 2022، صاحب البرونزية.
وقال "أنا الرجل بينهم جميعاً. أنا الذئب بين الذئاب".
أحرز أرشاد نديم أول ذهبية في مسابقة فردية لباكستان في تاريخ مشاركاتها الأولمبية، بعد تتويجه بلقب رمي الرمح، متفوقا على الهندي نيراج شوبرا حامل لقب نسخة طوكيو الأخيرة.
وقال نديم "المنافسة موجودة عندما يتعلق الأمر بمباريات الكريكيت والرياضات الأخرى. هناك تنافس بين البلدين، لكنه أمر جيد للشباب في كلا البلدين أن يشاهدوا رياضتنا ويتابعونا. إنه أمر إيجابي".
أشعلت صورة "سيلفي" بين لاعبين من الجارتين الكوريتين الجنوبية والشمالية على منصة التتويج ذاتها لمسابقة كرة الطاولة للزوجي المختلط، مواقع التواصل الاجتماعي، في سياق التوتر الدائم بين سيول وبيونغ يانغ.
وفي الصورة التي التقطها الكوري الجنوبي جونغ-هون ليم مع شريكته يو-بين تشين عقب تتويجهما ببرونزية الزوجي المختلط، ظهر الثنائي الكوري الشمالي صاحب الفضية، جونغ سيك ري وكوم يونغ كيم، إضافة إلى الثنائي المتوّج بالذهبية الصيني تشوكين وانغ تشوكين وينغشا سن.
والتقطت هذه اللحظة بواسطة هاتف سامسونغ، الرائد في مجال التكنولوجيا في كوريا الجنوبية.
وكتبت صحيفة "تشون هان ييبو" الكورية الجنوبية الشهيرة "صورة شخصية مع العلمين الوطنيين للكوريتين وهاتف سامسونغ".
وقامت القنوات التلفزيونية الكورية الجنوبية بإعادة عرض صورة "السيلفي" بشكل متكرّر، في حين رافقتها التعليقات التي تخلد لحظة نادرة من الوحدة بين الكوريتين.
وأشاد أحد المعلقين قائلاً "هذه هي الروح الحقيقية للألعاب الأولمبية".
في ليلة صاخبة في رولان غاروس، موطن بطولة فرنسا المفتوحة لكرة المضرب، فازت الملاكمة الجزائرية إيمان خليف بذهبية 66 كلغ، متجاوزة الجدل المتعلّق بالهوية الجنسية. وردّت إيمان خليف بذلك على "الهجمات" و"التنمّر"، قبل أن تعلن بتحد "أنا امرأة مثل أي امرأة أخرى".
وعلى غرار خليف، كانت يو تينغ لين عرضة للاتهامات ذاتها بعدما استبعدت، كما حال الجزائرية، من بطولة العالم العام الماضي لفشلها في اختبارات الأهلية الجنسية. لكنها تخطت كل ذلك وأحرزت ذهبية وزن 57 كلغ.
دخل الكوبي ميخاين لوبيز تاريخ الألعاب الأولمبية كأوّل رياضي يحرز ذهبية في الألعاب الفردية 5 مرات متتالية، وذلك بعد فوزه بلقب فئة 130 كلغ في المصارعة اليونانية الرومانية.
وانفرد بالرقم القياسي لعدد الذهبيات المتتالية الذي كان يتشاركه مع العداء الأميركي كارل لويس (سباقات السرعة والوثب الطويل)، والسباح الأميركي مايكل فيلبس (200 متر متنوعة)، والسباحة الأميركية كاتي ليديكي (800 متر حرة)، والأميركي آل أورتر (رمي القرص)، والدنماركي بول إلفسترون (الشراع)، واليابانية كاوري إيتشو (مصارعة).
وكان من المفترض ألا يتواجد لوبيز في أولمبياد باريس بعدما اعتزل عقب النسخة الماضية في طوكيو قبل 3 أعوام، لكنه عاد عن قراره وكان مصيبا لأن ذلك أدخله تاريخ الألعاب لكنه علّق حذاءه بعد الفوز على أرض الحلبة، في إشارة إلى أن مشوار اللاعب الذي يحتفل قريباً بميلاده الـ42 وصل هذه المرة فعليا إلى نهايته.
لم يكن الرامي التركي يوسف ديكيتش بحاجة إلى أي حركة استعراضية ليصبح أحد نجوم أولمبياد باريس، وعلى الرغم من ذلك، خطف ضابط الصف السابق في قوات الدرك، الأضواء حين فاز بفضية الفرق المختلطة لمسابقة مسدس الهواء المضغوط 10 أمتار، لعدم استخدامه أي معدات خاصة بالرماية وبوضعه يده اليسرى في جيبه خلال محاولاته وكأنه يرمي في حديقة منزله.
بات التركي بمنظره المسترخي تماما حديث العالم وكتب أحدهم "الاسم ديكيتش. يوسف ديكيتش"، في إشارة إلى الجملة الشهيرة التي يطلقها بطل أفلام جيمس بوند للتعريف عن نفسه.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة