ولد فينيسيوس جونيور في 12 يوليو 2000 لعائلة فقيرة تعيش في حي ساو غونسالو الواقع في ريو دي جانيرو. وكان والده خوسيه دي أوليفيرا فينيسيوس لا يملك عملا ثابتا، إذ يجنى لقمة عيشه من الأعمال الوقتية المتاحة، وذات العائد المادي البسيط، فيما كانت والدته تاتيانا فينيسيوس تشرف على تربيته رفقة أشقائه الثلاثة (ولدان وفتاة).

وفي 2006 أخذه والده إلى أحد المراكز التابعة لنادي فلامنغو وتحديدا في حي موتوا القريب من ساو غونسلو، لكن تكلفة الترحال، دفعته للعيش مع عمه أوليسيس في منطقة أبوليساو، القريبة من النادي، ليتكفل عمه بتلك المصاريف.

وفي الفترة بين 2007 و2010، انضم فينيسيوس جونيور إلى فريق كرة قدم الصالات في نادي مدرسة فلامنغو في ساو غونسالو في كانتو دو ريو، وهو نادٍ مشهور يقع في وسط نيتيروي.

وفي 2010 لاحظ فلامنغو موهبته في مركز الظهير الأيسر قبل أن يضمه إلى الأكاديمية ومن ثم للفريق الرديف.

وفي 13 مايو 2017، خاض فينيسيوس جونيور أول مباراة رسمية له مع فلامنغو، عندما دخل بديلا في الدقيقة 82 خلال تعادل الفريق مع أتلتيكو مينيرو.

ولم تمر سوى 10 أيام على ظهوره الأول، حتى ظهر ريال مدريد، ليدفع مقابل ضمه 46 مليون يورو، ويعيره للنادي حتى إكمال سن الـ18.

في 20 يوليو 2018، تم تقديم فينيسيوس جونيور لاعبا للريال ومنح الرقم 28، فيما سجل ظهوره الأول من على مقاعد البدلاء في ديربي مدريد أمام أتلتيكو (1-1) في 29 سبتمبر.

وفي 31 أكتوبر سجل ظهوره الأول كأساسي مع الفريق خلال الفوز 4-0 على مليلية في كأس الملك.

ولم تحظ بدايته بحماس كبير من قبل الجماهير، إذ ظل يصر على مراوغة الخصوم وإضاعة الفرص السهلة، وتزامن ذلك مع اضطراب في أداء الريال، بعد رحيل كريستيانو رونالدو.

وفي أكتوبر 2020 وفي خضم صمت الملاعب بسبب فيروس كورونا التقطت الكاميرات الداخلية نجم ريال مدريد السابق واتحاد جدة الحالي كريم بنزيما، وهو يوجه طلبا صادما لمواطنه فيرلاند ميندي، عندما أمره بعدم التمرير لفينيسيوس: "لا تمرر له يا أخي، إنه يلعب ضدنا".

لكن تلك اللحظة تحديدا بدت وكأنها إعلان لحلف بين بنزيما وفينيسيوس أكثر من كونها تصريح بشن حرب على البرازيلي الشاب.

وفي 2021 دخل فينيسيوس وبنزيما مرحلة متقدمة من التفاهم، أثمرت عن فوز الفريق في 2022 بلقب دوري الأبطال الـ 14 للريال والأول لفينيسيوس، فيما لعب البرازيلي دور البطل، بعدما سجل هدف الفوز الوحيد في مرمى ليفربول في نهائي باريس.

وفي الموسم الأخير أيضا، كرر فينيسيوس الأمر ذاته، وسجل الهدف الثاني لفريقه (هدف الفوز والأمان) في مرمى بروسيا دورتموند 2 ـ 0، وهو اللقب الذي أهله للفوز بجائزة الأفضل 2024.

بقدر ما كانت مهارات نجم السامبا الخارقة بمنزلة نعمة للريال، فإنها تحولت بالمقابل إلى نقمة على فينيسيوس، إذ فتحت عليه استفزازات الخصوم من لاعبين وجماهير.

ومنذ بداية تأثيره الضخم مع الريال في موسم 2022 ـ 2023، ظل فينيسيوس هدفا لجماهير الليغا الإسبانية.

وفي الموسم الماضي، أحصت صحيفة آس الإسبانية 14 حالة عنصرية صريحة ضد فينيسيوس من جماهير فرق الليغا، وكانت الذروة في ملعب المستايا خلال مباراة الريال وفالنسيا في مايو 2023، عندما انهمرت دموع الفتى الأسمر لتبلل العشب الأخضر، إثر تنامي الهجمة العنصرية ضده، وامتلاء الملعب بصوت القردة.

وأثارت تلك المباراة جدلا كبيرا داخل وخارج فرنسا، بدأه فينيسيوس نفسه، الذي اتهم الدوري الإسباني "الليغا" بأنه عنصرية وتطبع مع العنصريين، قبل أن يجد تعاطفا كبيرا من قبل النجوم في كرة القدم والرياضات الأخرى.

ولاحقا دخل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا على الخط، ليهاجم سلوك جماهير أتلتيكو مدريد، التي شبهت فينيسيوس بالشمبانزي.

وهذا العام اجتاحت إسبانيا موجة أحكام قاسية ضد مشجعين في الليغا، وصلت إلى حد السجن لأحد مشجعي مايوركا، بدت أنها نتيجة لردة فعل فينيسيوس الغاضبة.

بفعل تصعيده وفضحه العنصرية، بدا فينيسيوس جونيور بمنزلة محارب ضد هذه الآفة.

وفي مايو 2023 اقترحه فيفا لرئاسة لجنة لمكافحة العنصرية رفقة نجوم كبار في عالم كرة القدم.

وبعيدا عن هذا الوجه النضالي، يبرز فينيسيوس جونيور وجها آخر، يتمثل في كونه رجل خيري، لا يتوقف عن مد يد العون للمحتاجين في بلاده، وخصوصا في حواري ريو دي جانيرو الفقيرة.

وتجلى هذا الوفاء للجذور في أولى كلماته بعد فوزه بالجائزة، إذ قال على المنصة: "لا أعرف من أين سأبدأ، ولكن كان من المستحيل أن أتخيل أن أصل لهذه المكانة عندما كنت طفلا ألعب في الشارع ببيئة فقيرة، فالوصول إلى هنا مصدر إلهام للأطفال، وأشكر من صوت لي من اللاعبين والمدربين والصحفيين، إنها جائزة مهمة جدا".

وفي 2021، أعلن فينيسيوس جونيور إنشاء مؤسسته الخيرية "معهد فينيسيوس" في ريو دي جانيرو، وفي أغسطس الماضي تبرع بمبلغ 20 مليون ريال برازيلي ( 3.3 ملايين يورو ) لتشييد مقر للمؤسسة.

ويشرف المعهد على 10 مدارس في 4 ولايات برازيلية، قام فينيسيوس بمدها بوسائل تعليم تكنولوجية استفاد منها 4500 وطالب فقير في البرازيل.

ودفع ذلك فيفا لمنحه جائزة سقراط للأعمال الخيرية في 2023، وفي هذا العام اختارته منظمة اليونسكو سفيرا للنوايا الحسنة، ليصبح ثاني لاعب برازيلي بعد الأسطورة الراحل بيليه يتم اختياره لهذا المنصب.

والآن، قد تمثل جائزة "ذا بيست" انطلاقة لفينيسيوس نحو المزيد من التألق أولا، ثم الكثير من النضج تجاه انفعاله مع استفزازات الخصوم والجماهير.