هل يدمر "سوبر صلاح" ثقة ليفربول في العلم والإحصاء؟

لم يتوقف صلاح عن الإبهار مع ليفربول منذ بداية الموسم الحالي، وانعكس ذلك على تربع الريدز على صدارة الدوري الإنكليزي الممتاز برصيد 45 وبفارق 8 نقاط عن أقرب مطارديه، كما يتصدر أيضا دوري أبطال أوروبا بالعلامة الكاملة (18 نقطة).

وحطم صلاح عددا من الأرقام القياسية، قد يصعب حصرها، ليتوج نفسه أسطورة خارقة في ناديه والكرة الإنكليزية عموما.

ويتصدر صلاح ترتيب هدافي البريميرليغ برصيد 17 هدفا وبفارق 3 أهداف عن إيرلينغ هالاند، وساهم إجمالا في 30 هدفا في البطولة (سجل 17 وصنع 13)، أي أنه ساهم بأكثر من نصف الأهداف التي سجلها فريقه بالمسابقة (45 هدفا).

لكن رغم ذلك، لم يتحرك ناديه ليفربول الذي تملكه شركة فينواي الرياضية الأمريكية، لتجديد عقد اللاعب، وهو أمر أثار حيرة وغضب جماهير الفريق.

أما سبب ذلك، فينحصر، بحسب "ذا أثلتيك"، في تفاصيل العقد، إذ يرغب محمد صلاح في عقد لمدة 3 أعوام بزيادة قليلة في الراتب، فيما ترفض إدارة ليفربول ذلك، وترى بأن التمديد 3 أعوام للاعب سيصل في نهاية الموسم الجاري إلى 33 عاما، وبنفس راتبه الحالي البالغ 135 ألف أسترليني في الأسبوع، سيكون بمنزلة مغامرة حقيقة.

وحتى عقد لمدة عامين، قد تشعر الإدارة بأنه خطوة غير مأمونة العواقب.

على الرغم من استعانة جميع أندية كرة القدم بالعلم والإحصاء في عملها، فإن ليفربول يعتبر على مدى واسع بأنه أكثر الأندية إيمانا بهذا الجانب في كرة القدم، وهو أمر رسّخه مدير الأبحاث السابق في النادي إيان غراهام.

ويحمل غراهام درجة الدكتوراة في الفيزياء النظرية، وألف كتابا بعنوان "كيف تفوز بالدوري الإنكليزي".

وينسب إلى غراهام الفضل في اختيار المدرب الألماني يورغن كلوب، بعد مدة قصيرة من إخفاقه الذي أدى لرحيله من بروسيا دورتموند، كما ينسب له أيضا استكشاف لاعبين مثل محمد صلاح وساديو ماني، وفيرجيل فان دايك.

ولا يزال "السيستم" الذي وضعه غراهام في النادي قائما، إذ تشعر إدارة ليفربول، حاليا، بالفخر تجاهه، حيث رشحت شعبة البيانات المدرب أرني سلوت، بعد عملية دقيقة وطويلة أمضتها في دراسة ملفه.

ومن أبرز الحقائق التي يؤمن بها غراهام، أن ذروة اللاعب هي في الـ29 من عمره، ويرى أن أعلى راتب يجب أن يحصل عليه لاعب هو في هذه الفترة، قبل أن تتراجع قيمة ما يحصل عليه تدريجيا، وأيضا مدة التعاقد الجديد.

وساهمت أفكاره هذه، بجانب دراسات علمية عن فترة الذروة بكرة القدم، في اعتماد عدد من الأندية استراتيجية التمديد بعقد لمدة عام واحد لكل لاعب يتخطى سن الـ30، ثم النظر إن كان يستحق عاما آخر.

والشهر الماضي، بدا مدرب ليفربول أرني سلوت وكأنه يود تطمين إدارة ناديه بشأن عدم ندمها على منح صلاح عقد لـ3 أعوام، عندما قال بدون مناسبة إن "صلاح قادر على تكرار مسيرة ميسي ورونالدو، باللعب في القمة حتى سن الـ37"، عطفا على ما يظهره من جاهزية بدنية حاليا.

وأثارت مسألة عقد الـ3 أعوام، مناظرة حادة في قنوات "سكاي سبورتس" أخيرا عندما حذر أسطورة أرسنال بول ميرسون بطريقة "فظة" ليفربول من منح صلاح عقد بـ3 أعوام، وقال إن هذا العقد يمنح للاعبين الاستثنائيين مثل رونالدو وميسي، مشيرا إلى أن صلاح مجرد لاعب عادي.

نشر الصحافي في ESPN والمختص في علم الإحصاء ريان أوهالون دراسة مثيرة في سبتمبر 2023، تتعلق بذروة الأداء الرياضي في كرة القدم الإنكليزية.

وتتبع أوهالون أداء المهاجمين في الدوري الإنكليزي منذ موسم 2008ـ2009، ليخلص إلى أن دقائق لعب هؤلاء تبدأ في التصاعد بنسق تدريجي منذ سن الـ17، قبل أن تصل الذروة عند 26 عاما، بمتوسط دقائق يتراوح بين (260 إلى 954) دقيقة في البريميرليغ.

ووجد أن الانحدار الأكبر بعد الوصول إلى الذروة، يحدث عند الانتقال بين سن الـ29 والـ30، لتتراوح دقائق اللعب بين (198 إلى 949 دقيقة) في الموسم، قبل أن يستمر التراجع لينتقل من (116 إلى 536 دقيقة) لعب في سن الـ32، لـ (02 إلى 70 دقيقة) في سن الـ33.

ولا تبدو أن هنالك أي شكوك بعلم ليفربول بهذه الدراسة، إن لم يكن يطبقها بالفعل منذ أعوام.

لكن محمد صلاح أثبت بأن هذه الدراسة تخص فقط المهاجمين العاديين، إذ خاض الموسم الماضي عندما كان بسن 31 عاما 2536 دقيقة، وفي الموسم الذي قبله بعمر 30 عاما خاض 3297 دقيقة، والموسم الذي كان فيه بعمر 29 عاما (2021ـ2022) خاض فيه 2762 ألف دقيقة.

أما هذا الموسم وبعمر 32 عاما، خاض محمد صلاح 1587 دقيقة، في 18 مباراة فقط بالبريميرليغ، ويتوقع أن تصل إلى أكثر من 3000 دقيقة بنهاية الموسم.

وفي هذا السياق، رأى أوهالون أحقية محمد صلاح في الحصول على عقد يشبه عقد النجوم الاستثنائيين في كرة القدم، مطالبا ليفربول بالتخلي عن عقيدته الراسخة تجاه كبار السن في الفريق، وتمييز محمد صلاح.

وفي سياق ذي صلة، نشر موقع FBref إحصائية عن أداء المهاجمين بعمر 32 عاما أو أكثر في جميع البطولات الأوروبية، وتتبع معدل إسهاماتهم التهديفية (تسجيلا وصناعة) من دون احتساب ركلات الجزاء في المباراة الواحدة، خلال 2000 دقيقة لعب على الأقل في الدوري.

وتصدر الإحصائية السويدي المعتزل زلاتان إبراهيموفيتش في عمر 33 عاما في موسم 2015ـ2016 مع باريس سان جيرمان، وبمعدل مساهمات بلغ 1.7 في المباراة الواحدة، وجاء في المركز الثاني ليونيل ميسي بعمر 32 عاما مع برشلونة في موسم 2019ـ2020 بمعدل مساهمات بلغ 1.3 مساهمة في المباراة الواحدة، فيما بلغ إجمالي مساهمات محمد صلاح في المباراة الواحدة في الموسم الجاري 1.4مساهمة.