زيدان والديوك.. هل حان قطف ثمار "1325 يوما من العزلة"؟

لم تتوقف صور زين الدين زيدان، منذ الأربعاء، عن اجتياح أغلفة الصحف الورقية في فرنسا وإسبانيا، وأيضا الصفحات الرئيسية للمواقع الإلكترونية، إذ بدا على مدى واسع بأنه حسم المنصب في انتظار فرمان التنصيب الرسمي.

ولعل أبرز ما جعل زيدان الخيار الأبرز، هو إنجازاته كمدرب مع ريال مدريد، إذ تولى تدريب الفريق الملكي في حقبتين، الأولى بين 2016 وحتى 2018، وكانت الأنجح، إذ قاد الأسطورة زيزو الميرينغي إلى بسط هيمنته على دوري أبطال أوروبا، بالفوز به 3 مرات متتالية، ليصبح أول مدرب في تاريخ المسابقة العريقة هذا الإنجاز، بل ويبدو أنه سيكون الأوحد لعقود قادمة.

والحقبة الثانية كانت بين 2019 وحتى 2021، وحقق فيها لقب الليغا في موسم 2019ـ2020، قبل أن يرحل في مايو 2021، بسبب عدم رضاه عن دعم إدارة ريال مدريد له.

الأمر الآخر هو تواصل زيدان الصامت مع قادة الاتحاد الفرنسي، إذ اكتفى برسالة مقتضبة أودعها في بريد الاتحاد ورئيسه السابق نويل لوغريت، وذلك عندما صرح لصحيفة ليكيب في 2022، قائلا: "سيكون من الرائع بالنسبة لي تدريب المنتخب الفرنسي"، لكنه لاذ منذ وقتها بالصمت، مراعاة لتواجد زميله السابق في الديوك ديدييه ديشامب على دفة القيادة في مركز كليرفونتين في ضواحي باريس حيث مقر المنتخب الفرنسي.

وفي الأثناء، رفض زيدان أكثر من 7 عروض مغرية، من قبيل بايرن ميونخ الألماني ومانشستر يونايتد الإنكليزي، ويوفنتوس الإيطالي، وباريس سان جيرمان الفرنسي، وقالت صحيفة "ماركا" الإسبانية إن إجابته ظلت واحدة للجميع: "لا شكرا جزيلا"، قبل أن تؤكد وفقا لمصادر مقربة منه أن خروجه من العزلة في منزله بمدريد سيكون إما لريال مدريد أو فرنسا فقط.

وبينما تسود حالة من الترقب الممزوج بالتشويق لانطلاقة حقبة "ملك الأبطال" مع الديوك، وارتفاع سقف التوقعات باستغلاله كيليان مبابي للفوز بالمونديال ولقب اليورو عدة مرات، بالطريقة ذاتها التي فعلها مع الأسطورة كريستيانو رونالدو للهيمنة على التشامبيونزليغ، دشّن زملاء زيدان السابقون حملة ضغط على اتحاد الكرة الفرنسي، بقيادة فيليب ديالو، من أجل عدم التفكير مرتين في تنصيب زيدان مدربا للديوك.

والجمعة، قال كريستوفر دوغاري في تصريحات لـ RMC إن تدريب فرنسا ظل بمنزلة الحلم لزيدان منذ فترة طويلة، مشيرا إلى أن الوظيفة ستناسب الأسطورة بسهولة.

وأوضح دوغاري: "زيدان لا يخشى التحدي ولا الفشل، كما أنه لا يتهيب التجربة.. تدريب (البلوز) هو حلم طفولته".

وفي سياق دعم زيدان، بشرت صحيفة "آس" الإسبانية الفرنسيين بخريف واعد مع الألقاب، بمجرد أن يجتمع شمل زيدان بمبابي، وأشارت إلى تعلق المهاجم بالأسطورة زيدان، وأيضا قناعة الأخير بمبابي، إذ كان سببا في جلبه لزيارة ريال مدريد عندما كان في سن الـ13 من عمره.

وحتى عندما وصل مبابي لريال مدريد الصيف الماضي، أخرج رئيس النادي فلورنتينو بيريز زيدان من عزلته الاختيارية لحصور تقديم مواطنه "التاريخي" بملعب سانتياغو برنابيو.

حتى الآن، يتصدر زيدان الترشيحات لتدريب منتخب فرنسا، لكن، في الساعات الماضية، بدأ الحديث عن تييري هنري، الذي قاد منتخب الديوك الأولمبي إلى التتويج بفضية أولمبياد باريس 2024، كخيار محتمل أيضا.

وهنالك مدرب فريق نيس الفرنسي، فرانك هايس، وكذلك مواطنه برونو غينيسيو المتألق مع فريق ليل الفرنسي حاليا.

لكن يبدو أن زيدان يتواجد في مكان بعيد عن هؤلاء حتى الآن، وهو أمر أكده الاستطلاع الذي أجرته صحيفة "ليكيب" الفرنسية بعد يوم من قرار ديشامب بالرحيل، والذي شارك فيه 23 ألف و339 شخصا.

واحتل زيدان المركز الأول بإجمالي 72.35%، مقابل9.98% لغينيسيو، و6.68% لهنري، و2.34% فقط لهايس.

ومن جهته، قال الخبير في شؤون الكرة الفرنسية جوليان لورانس لموقع "بي بي سي"، إن المنصب سيكون بين هنري وزيدان، وأشار إلى أن خبرة زيزو تبدو أكبر من زميله السابق، وختم بوضوح: "مسألة وقت فقط.. إنه زمن زيدان".

بمجرد صدارة اسم زيدان وترشيحه لتدريب فرنسا، ظهر رئيس الاتحاد الفرنسي السابق نويل لوغريت، وامتدح قرار ديشامب قبل أن يشكك في حظوظ زيدان، حيث قال: "لا أعرف حقا ما إذا كان (زيدان) مهتما"، في إشارة إلى ابتعاده عن أجواء المنتخب الفرنسي وفرنسا عموما.

ولا تربط لوغريت علاقة طيبة بزيدان، إذ سبق أن قلل منه في فبراير 2023، عندما قال في تصريحات إذاعية: "حتى إن اتصل بي لن أرد عليه"، قبل أن يجدد عقد ديشامب.. ثم لاحقا انقلبت فرنسا ضده، قبل أن يُجبر على الاستقالة في منتصف العام قبل الماضي.

ومن جهته، بدا موقع فرانس إنفو وكأنه تعمد السباحة عكس التيار، إذ نشر تقريرا عن الفروق بين مهمة تدريب الأندية والمنتخبات، ليُفسر وكأنه إشارة لدعم تعيين هنري، صاحب التجربة مع الديوك الأولمبي والعمل ضمن طاقم المنتخب البلجيكي، على حساب زيدان صاحب التجربة الواحدة مع الريال.

ونقل الموقع على لسان المدرب الألماني المخضرم غيرنوت رور قوله: "الحياة اليومية تختلف، لسبب بسيط هو أن اللاعبين، رجالا ونساء، في النادي نراهم كل يوم، بينما في المنتخب الوطني نراهم مرة واحدة أو 4 مرات في العام".

ومن جهته، أرسل الموقع تحذيرات ضمنية للاتحاد الفرنسي بشأن زيدان، وجاءت على لسان المدرب أوليفييه إشوفيني، الذي قال: "لا نستطيع بالضرورة أن نجعل اللاعبين يتطورون في عشرة أيام، أو أن نخلق التماسك بينهم.. هذا هو الأمر الأكثر صعوبة"، في إشارة إلى مغامرة المدرب باختيار تشكيلة معينة في بطولة حاسمة.