تكنولوجيا
.
دول عدة ربما تنقل صراعاتها من الأرض إلى القمر حيث يوجد موارد مائية ومعدنية كفيلة بتأمين رحلات فضائية أوسع، ولصناعة الهواتف والأدوات التكنولوجية.
طفرة واضحة في المهام المخطط لها للوصول إلى سطح القمر، مدفوعة بطموحات متجددة للبحث العلمي واستكشاف الفضاء السحيق. ويستهدف الكثيرون القطب الجنوبي للقمر، حيث اكتشف العلماء لأول مرة علامات وجود جليد مائي خلال عامي 2008 و2009، حسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال.
فما هي الموارد الموجودة على سطح القمر؟ وما أهميتها؟ وهل يمكن لأي دولة أو كيان احتلال القمر أو إعلان سيادته على جزء منه؟
طفرة في المهام المخطط لها للوصول إلى سطح القمر. مصدر الصورة: أ ب
أفادت ناسا بأن المهمة الهندية (تشاندرايان-1) اكتشفت في 2008 وجود الماء بشكل قاطع لأول مرة على القمر، إذ رصدت جزيئات الهيدروكسيل منتشرة في أنحاء سطحه ومتركزة في قطبيه.
والماء ضروري لحياة البشر ويمكن أيضا أن يكون مصدرا للهيدروجين والأكسجين اللذين يستخدمان وقودا للصواريخ، وفق رويترز.
يعدّ الماء موردا بالغ الأهمية لقاعدة قمرية مستقبلية، ويمكن استخدامه يوما ما لمعدات الشرب والتبريد، أو حتى لصنع وقود الصواريخ لتشغيل البعثات إلى أماكن أبعد في النظام الشمسي، وفقا للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء. إن استغلال الموارد القمرية الطبيعية قد يعني أن سفن الفضاء المستقبلية لن تضطر إلى سحب الوقود من الأرض، وفق وول ستريت جورنال.
الأستاذ المشارك في علوم الكواكب في معهد فلوريدا للتكنولوجيا، كاسابا بالوتاي، قال لوول ستريت جورنال "الماء هو المفتاح للعديد من جوانب الحياة على القمر. ونشك بوجود الكثير من هذه المادّة هناك، ولهذا السبب نقوم بهذه المهام للتحقق من الكمية الموجودة بالضبط".
كما أن وجود الماء في القطب الجنوبي للقمر يثير مخاوف بشأن كيفية المطالبة بهذه الموارد. قال مدير وكالة ناسا، بيل نيلسون، مؤخرا، إنه لا يريد رؤية أطقم الصين تهبط على القطب الجنوبي أولا وتطالب بموارد المياه هناك. وقالت الصين إن استكشاف الفضاء يجب أن يعزز التنمية لجميع الدول ويفيد البشرية جمعاء. وأكد الباحثون وجود الماء في أجزاء أخرى من القمر، بما في ذلك الأسطح المضاءة بنور الشمس والمظللة.
وجود الماء في القطب الجنوبي للقمر يثير مخاوف بشأن كيفية المطالبة بهذه الموارد. مصدر الصورة: أ ب
الهيليوم-3 هو نظير للهيليوم ويندر وجوده على الأرض، لكن ناسا تقول إن ثمة تقديرات بوجود مليون طن منه على القمر.
وتقول وكالة الفضاء الأوروبية إنه يمكن لهذا النظير أن يوفر الطاقة النووية في مفاعلات الاندماج النووي من دون ترك نفايات خطرة لأنه غير مشع، وفق رويترز.
نجحت الصين في الهبوط بـ٣ مهمات غير مأهولة على سطح القمر خلال العقد الماضي. في الآونة الأخيرة، حملت مركبة تشانغ آه 5 التابعة لإدارة الفضاء الوطنية الصينية مركبة هبطت على سطح القمر في نهاية عام 2020. والتقطت عينات، ثم أودعت تلك العينات في مركبة صاعدة أقلعت من السطح واتصلت بمركبة مدارية، مركبة العودة التي عادت إلى الأرض.
وتخطط الصين لمزيد من البعثات إلى القمر، بما في ذلك إلى القطب الجنوبي للقمر، وقد وصف مسؤولو ناسا برنامج الفضاء المتنامي في البلاد بأنه المنافسة الرئيسية لناسا، حسب وول ستريت جورنال.
تخطط الصين لمزيد من البعثات إلى القمر. مصدر الصورة: أ ب
وخلص بحث لشركة (بوينغ) إلى وجود معادن أرضية نادرة، تستخدم في تصنيع الهواتف الذكية والحواسيب والتقنيات المتقدمة، على القمر ومنها الاسكانديوم والإتريوم والـ١٥ عنصرا المكونة لمجموعة اللانثانيدات في الجدول الدوري، حسب رويترز.
ولم يتضح بعد كيفية تعدين القمر القمر، لكن وفق رويترز، سيتعين إنشاء نوع ما من البنية التحتية على القمر. وستجعل الظروف على القمر الروبوتات تؤدي أغلب العمل الشاق، غير أن وجود الماء على سطحه سيسمح بوجود البشر لفترات طويلة.
القانون غير واضح ومليء بالثغرات، حسب رويترز. وتنص "معاهدة المبادئ المنظمة لنشاطات الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى" لعام 1966 على أنه لا يحق لأي دولة إعلان سيادتها على القمر أو غيره من الأجرام السماوية وأن استكشاف الفضاء ينبغي له تحقيق فائدة ومصالح جميع البلدان.
لكن محامين يقولون إن من غير الواضح ما إذا كان يحق لجهة خاصة إعلان سيادتها على جزء من القمر. وقالت مؤسسة (راند) في تدوينة في العام الماضي "تعدين الفضاء خاضع لسياسات أو حوكمة قليلة الوجود نسبيا، رغم احتمال وجود هذه المخاطر المرتفعة".
وينص "الاتفاق المنظم لأنشطة الدول على سطح القمر والأجرام السماوية الأخرى" لعام 1979 على أنه لا يجوز أن يصبح أي جزء من القمر "ملكا لأي دولة، أو منظمة حكومة دولية، أو غير حكومية، أو لأي منظمة وطنية، أو لأي كيان غير حكومي أو لأي شخص طبيعي". ولم تصدق أي من القوى الفضائية الكبرى على الاتفاق.
وأعلنت الولايات المتحدة في 2020 توقيع "اتفاقات أرتميس"، وهي مسماة على اسم برنامج ناسا للقمر (أرتميس)، للسعي إلى تعديل قانون دولي قائم للفضاء من خلال إنشاء "مناطق آمنة" على القمر. ولم تنضم روسيا والصين إلى الاتفاقات.
أعلنت الولايات المتحدة في 2020 توقيع "اتفاقات أرتميس". مصدر الصورة: أ ب
الهبوط على سطح القمر ليس بالأمر السهل، ويرجع ذلك أساسا إلى أن الغلاف الجوي الرقيق للقمر لا يحمل ما يكفي من الهواء لإبطاء مركبة هابطة، مثلما أبطأت المظلات عودة المركبات الفضائية إلى الأرض، حسب وول ستريت جورنال.
وبدلا من ذلك، تتضمن مهمة الهبوط على سطح القمر إبطاء مركبة فضائية من آلاف الأميال في الساعة إلى التوقف التام باستخدام محركات تمنع المركبة من الهبوط بسرعة كبيرة بسبب سحبها بواسطة جاذبية القمر.
ليست اليابان وروسيا الدولتين الوحيدتين اللتين عانتا من الهبوط الأخير على سطح القمر. في عام 2019، انتهت أول مهمة قمرية لإسرائيل ممولة من القطاع الخاص بالفشل بعد اصطدام مركبة الفضاء "بريشيت" بالقمر في أعقاب مشكلات جعلت من المستحيل إبطاء هبوط المركبة.
ليست اليابان وروسيا الدولتين الوحيدتين اللتين عانتا من الهبوط الأخير على سطح القمر. مصدر الصورة: أ ف ب
يبعد القمر 384 ألفا و400 كيلومتر عن الأرض ويبطئ من تذبذب ودوران الأرض حول محورها، ما يضمن وجود مناخ أكثر استقرارا. ويتسبب القمر أيضا في حدوث مدّ وجزر في محيطات العالم.
والاعتقاد الحالي هو أن القمر تشكل حينما اصطدم جسم هائل بالأرض قبل 4.5 مليارات سنة. ثم تجمع الحطام الناتج عن الاصطدام ليشكل القمر.
وتتفاوت درجة حرارة القمر، فعند تعرضه لضوء الشمس أكثر من ست ساعات يوميا ترتفع إلى 127 مئوية، بينما تهوي في الظلام إلى نحو سالب 173. ولا يوفر الغلاف الخارجي للقمر حماية للجرم السماوي من إشعاعات الشمس.
قال رئيس وكالة الفضاء الروسية (روسكوسموس) إن السباق لاستكشاف موارد القمر وتطويرها قد بدأ، وإن روسيا يجب أن تظل فاعلة رغم فشل أول مهمة لها للقمر في 47 عاما.
وخرجت المركبة الفضائية الروسية لونا-25 عن السيطرة وتحطمت على سطح القمر يوم السبت بعدما واجهت مشاكل أثناء انتقالها إلى مدارها قبل الهبوط، مما يؤكد تراجع برنامج الفضاء في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي.
وقال يوري بوريسوف رئيس الوكالة، الذي بدا مكتئبا خلال مقابلة أجرتها معه القناة 24 الروسية الحكومية، إن من مصلحة روسيا الوطنية الحيوية أن تظل ملتزمة باستكشاف القمر.
وذكر في أول تعليق علني له بعد فشل المهمة "الأمر لا يتعلق فقط بمكانة الدولة وتحقيق بعض الأهداف الجيوسياسية، إنه يتعلق بضمان القدرات الدفاعية وتحقيق السيادة التكنولوجية".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة