السكوتر تتحدى التاكسي في تونس

هاني، أحد مستخدمي السكوتر، يقول لبلينكس إنه يضطر لاستخدامها يومياً من وسط العاصمة إلى ضاحية البحيرة مقابل دينار ونصف أو أقل قليلاً، رغم انعدام احتياطات السلامة، وعدم ارتداء السائق لخوذة، كما أنه يسير بسرعة جنونية غير عابئ بالإشارات، لكنه لا يجد بديلاً عنها.

يوضّح هاني أن الحافلة رقم 20 التي تتوجه نحو ضاحية البحيرة، تكون دائماً مكتظة لأن عدد سفراتها تقلّص عن السابق، كما أنّ مواعيدها غير ثابتة مما كلّفه الكثير من الغيابات عن العمل وسُخط مديره.

أما عن التاكسي الفردي فإنّها تكلّفه شهرياً ما لا يقل عن 350 دينار، أكثر من 100 دولار، ما يعادل تقريباً نصف دخله.

كذلك يرفض أصحاب سيارات التاكسي، وفق هاني، في كثير من الأحيان نقله بسبب ازدحام الطريق في أوقات الذروة الصباحية، وهي حجّة يكرّرها تقريباً كل سائقي التاكسي حتى أنّ وسما #ماكش في ثنيتي (لسنا في نفس الاتجاه)، انتشر على صفحات مواقع التواصل قبل سنوات، للتنديد بممارسات أصحاب السيارات الذين يرفضون الرحلات في الطرقات المزدحمة أو المسافات القريبة وغيرها من الأعذار.

في العام 2019، كانت أولى تجارب النقل عن طريق السكوتر، بعد أن أنشأ نبيل جريدات وصديقه بسام بوقرة شركة Intigo، التي توفّر مئات الدراجات النارية وتشغّل الآلاف من الشباب العاطل عن العمل، عن طريق تطبيق إلكتروني يستعين بها المسافرون لحجز وسيلة تُقلّهم بأسرع وقت ممكن، وبأقل التكاليف، بمجرّد تحديد المسار وحجز دراجة عن بعد.

هذه الفكرة، لم ترق لسائقي التاكسي، إذ اعتبروا حينها أن هؤلاء "الدخلاء" سيتسبّبون في قطع أرزاقهم، وسارعوا بتقديم شكوى إلى وزارة النقل.

نبيل جريدات، أحد مؤسسي "انتيغو" أكد لبلينكس، أن الدولة التونسية قتلت المشروع في المهد إثر مراسلة من وزير النقل يقول فيها إنّ القانون لم ينصّ في أي من فصوله على نقل الأشخاص بتلك الطريقة، فهو لا يمنعها كما أنه لا يُبيحها.

ويضيف جريدات أن صمت القانون وضغط نقابات التاكسي، أصبح يهدّد سلامة سواق التاكسي بعد تعرضهم للعنف من مجهولين ومضايقات من الأمن، ليتقرر أخيراً التخلّي عن المشروع وتحويله إلى شركة لتوصيل البضائع.

تخضع سيارات الأجرة في تونس إلى نظام الرخص، فلا يمكن ممارسة نشاط نقل الأشخاص إلا بعد استيفاء عدة شروط معقّدة، ثم قبول مطلب الترشح من قبل لجنة رسمية محددة.

ويقدّر عدد الرخص، وفق إحصائيات لمرصد رقابة، منظمة رقابية غير حكومية، بـ 70 ألفاً، منها حوالي 18 ألف في محافظات تونس الكبرى.

ورغم نقص عدد وسائل النقل الفردي، تُعارض نقابة سوّاق التاكسي في تونس، وجود من يزاحمها في سوق مكتظ بالزبائن.

وفي هذا الإطار يقول الأمين العام للاتحاد التونسي للتاكسي الفردي، فوزي الخبوشي، "الإشكال يتعلّق بمدى احترام القانون، أن يعتبر أن السكوتر لا يحترم الشروط والاجراءات المنصوص عليها وأنه لا يمكن اعتباره أساساً وسيلة نقل للأشخاص".

ويتابع الخبوشي أنه من غير المقبول نقل المواطنين على متن وسائل لا تحترم الحد الأدنى من شروط السلامة، لأن أصحاب التاكسي يدفعون سنوياً الضرائب والتأمين في حين يتجرّأ "غرباء ودخلاء" على ممارسة المهنة دون أي إثبات لهوياتهم.

ويضيف الخبوشي أن رجال الأمن لا يحركون ساكناً، رغم كثرة أعداد الدراجات النارية مؤخراً، في الوقت الذي تمتنع الجهات المعنية عن إسناد رخص جديدة، مؤكداً أن مواصلة عمل السكوتر تهديد صريح لأرزاق الآلاف من سائقي التاكسي وأيضاً سلامة الركاب.