تيك توك محاصر أميركيا.. حظر أو استسلام

عبّر المشرعون الأميركيون عن مخاوفهم بشأن إمكانية قيام المنصة بمراقبة الأميركيين والتلاعب بهم. فكيف ذلك من وجهة نظرهم؟

عن طريق استغلال بيانات الأميركيين.

أثار الانتشار السريع للمنصة قلق المشرعين الأميركيين، الذين يعتقدون أن الشركة الأم لتيك توك التي تدعى بايت دانس ومقرها الصين يمكنها جمع بيانات حساسة عن المستخدمين، من جهة، وحجب أي محتوى يتعارض مع الحكومة الصينية، من جهة أخرى، بحسب صحيفة الغارديان.

ذكرت تيك توك مرارا أنها لم ولن تشارك بيانات المستخدمين الأميركية مع الحكومة الصينية، لكن مخاوف المشرعين تفاقمت بسبب تحقيقات إعلامية أظهرت أن موظفين في شركة بايت دانس، المقيمين في الصين، وصلوا إلى بيانات "غير عامة" عن مستخدمين أميركيين.

ما مشكلة أميركا مع بايت دانس؟

بالإضافة لحقيقة أن الشركة هي صينية، هناك اتهامات أن بايت دانس يسيطر عليها الحزب الشيوعي الصيني الحاكم.

ينبع القلق من مجموعة قوانين الأمن القومي الصينية التي تجبر المؤسسات على المساعدة في جمع المعلومات الاستخبارية.

وتتهم شريحة واسعة من السياسيين الأميركيين بايت دانس بأنها أداة دعائية تستخدمها بكين، وهو أمر تنفيه الشركة بشدّة.

وتساءل مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان، الثلاثاء 12 مارس "هل نريد أن يكون تيك توك منصة مملوكة لشركة أميركية أم مملوكة للصين؟ هل نريد البيانات من تيك توك، بيانات الأطفال والبالغين، أن تظل هنا في الولايات المتحدة أم تذهب إلى الصين؟".

تأثير تيك توك على الانتخابات

في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، استيقظ الأميركيون على إمكانات مواقع التواصل الاجتماعي الكبيرة التي قد تستغلها "القوى الأجنبية" بهدف التدخل في سياسات أميركا الداخلية، بحسب تقرير لمجلة تايم الأميركية.

وعبّر التقرير عن مخاوف أميركية من التأثير المحتمل لتيك توك على مسار الانتخابات الرئاسية في 2024، مشيرا إلى اتهامات سابقة لروسيا بشأن استخدام منصات التواصل الاجتماعي لأهدافها السياسية بخصوص انتخابات 2016.

إما البيع أو الحظر. هذا باختصار ما تريده أميركا من تيك توك.

وصف النائب الأميركي راجا كريشنامورثي، الذي أيد التشريع، الخميس 7 مارس، في منشور على موقع إكس، الاتصالات التي انهالت على الكونغرس بدعوة من التطبيق، بـ"حملة دعائية ضخمة"، إذ ضغط المستخدمون الأميركيون على أعضاء الكونغرس من أجل وقف مشروع القرار.

ومن وجهة نظر كريشنامورثي، يضع مشروع القرار خيارين بيد الشركة، إما قطع العلاقات مع بايت دانس أو إلغاء التطبيق في متجري التطبيقات الأميركية، غوغل بلاي وأبل ستور.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الصين ستوافق على أية عملية بيع، أو ما إذا كان من الممكن تصفية أصول تيك توك الأميركية في غضون 6 أشهر.

نعم، بحسب خبراء.

أطلق المشرعون الأميركيون على مشروع القانون اسم "قانون حماية الأميركيين من التطبيقات الخاضعة لسيطرة الخصوم الأجانب".

من خلال هذه التسمية يمكن فهم جدية التهديد الذي تشعر به أميركا من التطبيق الشهير الذي يستخدمه 170 مليون أميركي.

القانون لا يحظر تيك توك فحسب، بل أي تطبيق تملكه "دولة أجنبية معادية"، كما يمنع الشركات التي تمنح خدمات الاستضافة عبر شبكة الانترنت من تخزين ملفات أو بيانات من تيك توك.

إذا لم تنفذ بايت دانس ما يتطلبه التشريع، فإن متاجر التطبيقات التي تديرها أبل وغوغل وغيرهما لا يمكنها إتاحة تنزيل تطبيق تيك توك بشكل قانوني أو تقديم خدمات استضافة المواقع للتطبيقات التي تسيطر عليها بايت دانس للمستخدمين المتواجدين داخل أميركا، بحسب تقرير لفوربس.

وقال بعض الخبراء لوكالة أسوشييتد برس إنه يمكن للمستخدمين إيجاد طريقة للالتفاف على الحظر باستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية "VPN"، لإخفاء مواقعهم وتجاوز هذه القيود، بحسب ما نقل أيضا موقع لايف مينت.

وافق مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة، الأربعاء 13 مارس، على مشروع قانون يمنح شركة بايت دانس الصينية المالكة لتيك توك مهلة 6 أشهر لتصفية الأصول الأمريكية لتطبيق الفيديوهات القصيرة، أو مواجهة الحظر.

وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إن المجلس سيراجع التشريع.

وكتب النائب الجمهوري ستيف سكاليز على منصة إكس "هذه قضية حساسة للأمن القومي. يتعين على مجلس الشيوخ بحث هذا الأمر والموافقة عليه".

ووافق المجلس بأغلبية 352 صوتا مقابل 65 في تصويت يعكس إجماعا ساحقا بين الحزبين.

قال الرئيس التنفيذي لشركة تيك توك شو زي تشيو في مقطع فيديو نُشر الأربعاء، إن التشريع إذا تم تمريره ليصبح قانونا "سيؤدي إلى حظر تيك توك في الولايات المتحدة وسيحرم المبدعين والشركات الصغيرة من مليارات الدولارات، ويعرض 300 ألف وظيفة في الولايات المتحدة للخطر".

وكتب، متوجها الى مستخدمي الشبكة، "لن نتوقف عن الدفاع عنكم وسنواصل بذل كل ما في وسعنا، بما في ذلك ممارسة حقوقنا القانونية لحماية هذه المنصة الرائعة التي بنيناها معكم". وأضاف "اجعلوا أصواتكم مسموعة".

من جهته، صرح الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين ردا على سؤال عن مشروع القرار الأميركي "حين يرى شخص ما شيئًا جيدًا لدى شخص آخر ويحاول أن يأخذه لنفسه، فهذا منطق قطّاع طرق بالتأكيد".

وأكد أن تبني مشروع القانون "يضع الولايات المتحدة على الجانب المعاكس من مبادئ المنافسة العادلة والقواعد الاقتصادية والتجارية الدولية".