الأقدم أغلى.. الآيفون يعكس معاناة الإيرانيين

عاش حميد، 32 عاماً، شهرا واحدا من النعيم، إذ أوضح لوكالة فرانس برس أن التغطية كانت متوافرة "ثم اختفت". والآن، عليه أن يلجأ إلى نطاق أقل من الداتا لتعمل، مثل الـ3G بدلا من الـ5G المتوفرة على هواتف الآيفون.

ورغم هذا الحظر، الذي يجعل من حياة حميد جحيما، لا يمنع الكثير من الإيرانيين من اقتناء الآيفون، فهو مرغوب جداً في بلادهم بسبب تقنيته المتقدمة، ولأنه مؤشر على مكانة اجتماعية مرموقة.

وكحل مؤقت لهذه المأساة، يحاول مستخدمو آيفون إيجاد طرق غير قانونية ومكلفة في كثير من الأحيان للوصول إلى شبكة الإنترنت.

ويتقاضى أصحاب محال الإلكترونيات من 4 إلى 70 مليون ريال مقابل تغيير إعدادات الشبكة لمحاولة التحايل على القيود، بحسب نافيد، صاحب متجر للهواتف في وسط طهران.

وحميد ليس الإيراني الوحيد الذي يمر بهذه المشكلة.

يعاني المهندس مهدي، 26 عاما، للعثور على الطريقة الأنسب لاستخدام الآيفون الخاص به، لكنه يأسف، "لأن أيّاً من الحلول لن يكون دائماً".

لم يكن لشركة أبل أي وجود رسمي في إيران بسبب العقوبات الأميركية التي أُعيد فرضها بعد انسحاب واشنطن من اتفاق نووي تاريخي عام 2018.

وتغذّي هذه القيود سوقاً سرية مربحة، إذ يُقدِم عدد من الباعة على رفع أسعار طرازات الآيفون القديمة، لأنّ تسجيلها سهل.

واستعمل أصحاب محال الإلكترونيات هذه الطريقة في العمل للاحتيال على آلاف الإيرانيين. ومن الشركات التي تتبع هذا النهج هي "كوروش" المشهورة لبيعها آيفون بأسعار منخفضة.

وفي أحد الإعلانات، عرضت كوروش إعلانا لجهاز آيفون قديم يظهر أحد المشاهير وهو يحمله. والآيفون يصل سعره إلى 200 مليار ريال إيراني (340 دولاراً).

وجمعت عملية الاحتيال هذه نحو 35 مليون دولار، وفق صحيفة "جوان" اليومية. ولكن أشارت وسائل إعلام أخرى نقلاً عن الشرطة، إلى أرقام أقل تصل إلى نحو 3 ملايين دولار.

أما مالك الشركة فتقدم نحو 5 آلاف شخص بشكوى ضده، وهو لا يزال هاربا.

يلوم نافيد، صاحب متجر للهواتف في وسط طهران، الحظر لخلق عدم استقرار في أسعار الآيفون. بالتالي، يجد المتسوقون مثل عرفة، 26 عاما، أن سعر آيفون 13 يساوي سعر الطرازات الأحدث، "لأنّ تغطية الشبكة مُتاحة فيه".

وتتراوح الأسعار:

• آيفون 13: بين 410 ملايين ريال وأكثر من مليار ريال (بين 710 و1900 دولار)
• آيفون 15: بين 440 مليون ريال ومليار ريال (بين 750 و1900 دولار).

وفي المجموع، يمثّل هذا القطاع نحو ثلث واردات إيران من الهواتف، فقد بلغ 4.4 مليار دولار بين مارس 2021 ومارس 2022، بحسب تقرير للسلطات الجمركية نقلته وسائل إعلام.

خلال السنوات الأخيرة، أظهرت السلطات الإيرانية رفضاً متزايداً للمنتجات الأميركية.

وفي عام 2020، حضّ المرشد الأعلى علي خامنئي الحكومة على وقف واردات الآيفون. وطلب من الحكومة "وضع حد" لهذا الأمر، بعدما علم بإنفاق بقيمة نصف مليار دولار على استيراد "نوع من الهواتف الأميركية الفاخرة" من عام 2019 وحتى مارس 2020.

وأضاف أن "القطاع الخاص مسؤول عن هذا الوضع، لكنّ الحكومة عليها وضع حدّ له".

وبحسب وكالة "إسنا"، يرمي هذا الإجراء رسمياً إلى خفض الإنفاق بالعملة الأجنبية التي يندر وجودها في البلاد، في وقت تواجه فيه الحكومة الإيرانية عقوبات دولية وتضخماً متصاعداً.