"أميركا بسرعة الصوت".. ترامب يطلق ثورة في الجو
في خطوة تاريخية تهدف إلى إعادة تشكيل مستقبل الطيران الأميركي، وقع الرئيس دونالد ترامب يوم الجمعة 6 يونيو، ثلاثة أوامر تنفيذية طموحة تعكس رؤية شاملة لتعزيز الهيمنة الأميركية في مجال الطيران المتقدم مع ضمان الأمن القومي.
تشمل هذه الأوامر تطوير قطاع الطائرات المسيرة التجارية، وإطلاق عصر جديد من الطيران الأسرع من الصوت، وتعزيز تقنيات "السيارات الطائرة" الكهربائية، إلى جانب إنشاء آليات دفاعية متطورة ضد التهديدات الأمنية المتزايدة من الطائرات المسيرة.
تأتي هذه المبادرات في توقيت حاسم مع اقتراب استضافة أميركا لكأس العالم 2026 والألعاب الأولمبية الصيفية 2028 في لوس أنجلوس.
هيمنة أميركية في مجال المسيرات
يركز الأمر التنفيذي الأول على "إطلاق الهيمنة الأميركية للطائرات المسيرة" من خلال توجيه إدارة الطيران الفيدرالية، لتوسيع عمليات الطائرات المسيرة لتشمل العمليات الروتينية "خارج نطاق الرؤية البصرية" (BVLOS) للمهام التجارية والسلامة العامة، بحسب
بيان للبيت الأبيض.
هذه الخطوة تمثل تطوراً ثورياً حيث أن أقل من 1% فقط من طلبات إعفاءات BVLOS المقدمة لإدارة الطيران الفيدرالية تم الموافقة عليها حتى الآن.
الأمر يوجه أيضاً إدارة الطيران الفيدرالية لنشر أدوات الذكاء الاصطناعي لتبسيط وتسريع مراجعات إعفاءات أنظمة الطائرات غير المأهولة، بالإضافة إلى نشر خارطة طريق محدثة لدمج الطائرات المسيرة المدنية في نظام المجال الجوي الوطني.
كما يهدف الأمر إلى تقوية القاعدة الصناعية المحلية للطائرات المسيرة من خلال إعطاء الأولوية للطائرات المسيرة المصنعة أميركيا وتعزيز تصديرها مع اتخاذ إجراءات لضمان بقاء التكنولوجيا الأميركية آمنة من
التأثير الأجنبي غير المرغوب فيه.
يشهد قطاع الطائرات المسيرة التجارية تطورات مهمة مؤخراً، حيث حصلت شركة UPS على موافقة إدارة الطيران الفيدرالية لتشغيل "
خطوط جوية للطائرات المسيرة"، على غرار خطوط الطيران التجارية العادية، مما يسمح لطائراتها المسيرة للتسليم بالطيران خارج نطاق الرؤية البصرية، كما حصلت شركة أمازون، Prime Air، على نفس الشهادة.
ثورة في السيارات الطائرة والطائرات الكهربائية العمودية
الأمر التنفيذي الثاني ينشئ برنامجاً تجريبياً لدمج الطائرات الكهربائية "عمودية الإقلاع والهبوط" (eVTOL) لتسريع نشر العمليات العمودية الآمنة والقانونية في الولايات المتحدة، مع اختيار ما لا يقل عن خمسة مشاريع تجريبية لتطوير تطبيقات مثل نقل البضائع والاستجابة الطبية.
يشهد قطاع الطائرات الكهربائية العمودية
ارتفاعاً كبيراً في أسعار الأسهم بعد إعلان البيت الأبيض، حيث استفادت شركات مثل Archer Aviation وJoby Aviation وBlade Air Mobility من هذا الأمر التنفيذي.
تتسارع وتيرة التطوير في هذا القطاع، حيث أعلنت شركة Lilium عن خططها لإنتاج 25 طائرة في 2023، تليها 250 طائرة في 2024، و400 طائرة في 2025، مع خطط لتصنيع طائرة eVTOL بـ16 مقعداً للإنتاج في 2027 وطائرة بـ50 مقعداً بحلول 2030.
عودة للطيران الأسرع من الصوت
يُوجّه الأمر التنفيذي الثالث إدارة الطيران الفيدرالية لإنشاء معيار لشهادة الضوضاء ورفع الحظر على السفر الأسرع من الصوت فوق اليابسة.
يقول مايكل كراتسيوس مدير مكتب البيت الأبيض لسياسات العلوم والتكنولوجيا إن الابتكارات في هندسة الطيران وتخفيف الضوضاء جعلت الطيران الأسرع من الصوت فوق اليابسة آمناً ومستداماً وقابلاً للتطبيق التجاري، لكن اللوائح الفيدرالية أعاقت هذه الرحلات السريعة للركاب وقللت من قدرة الشركات الأميركية على المنافسة،
بحسب تقرير لموقع يو إس إيه توداي.
"بوم سوبرسونيك" تكسر حاجز الصوت
حققت شركة Boom Supersonic تقدماً ملحوظاً في هذا المجال، حيث نجحت طائرتها التجريبية XB-1 في كسر حاجز الصوت في رحلة تجريبية الأسبوع الماضي، وصلت فيها إلى سرعة قصوى بلغت Mach 1.122 (حوالي 750 ميل في الساعة)، بحسب دراسة
لدورية MIT technology.
أعلنت الشركة أيضاً عن تحديد موقع في مطار كولورادو الجوي والفضائي لإجراء اختبارات المحرك لنظام الدفع Symphony الخاص بها، حيث تستثمر بين 3 و5 ملايين دولار في الموقع هذا العام للتحضير لاختبارات المحرك الأسرع من الصوت المقرر بدؤها في أواخر العام.
ما هو هدف ترامب من السيطرة على الأجواء؟
ينشئ ترامب فريق عمل فيدرالي لضمان السيطرة الأميركية على أجوائها، و
توسيع القيود حول المواقع الحساسة، وتوسيع الاستخدام الفيدرالي للتكنولوجيا لكشف الطائرات المسيرة في الوقت الفعلي وتقديم المساعدة لأجهزة إنفاذ القانون على مستوى الولايات والمحلي.
يأتي هذا التركيز على الأمن في ضوء التهديدات المتزايدة، حيث تستخدم الطائرات المسيرة في تهريب المخدرات عبر الحدود، وهناك مخاوف من احتمالية وقوع تصادم كارثي بين طائرة مسيرة وطائرة تجارية بالقرب من المطارات، بحسب
وكالة أسوشيتد برس.
ويتضمن الأمر أيضاً توجيهات لإنشاء مركز تدريب وطني لمكافحة الطائرات المسيرة لبناء القدرة اللازمة لتأمين الأحداث الكبرى مثل كأس العالم 2026 والألعاب الأولمبية الصيفية 2028.
تأتي هذه الأوامر التنفيذية في سياق دولي متسارع، حيث نشرت المفوضية الأوروبية مؤخراً استراتيجية جديدة لمكافحة الطائرات المسيرة وأدلة حول تقنيات مكافحة الطائرات المسيرة، مع وضع إطار سياسي شامل لمواجهة التهديدات المحتملة التي تشكلها الطائرات المسيرة.
تهدف الاستراتيجية الأوروبية للطائرات المسيرة 2.0 إلى توفير إطار سياسي متماسك لتسهيل تطوير السوق للطائرات المسيرة وeVTOLs، مع تغطية الأنشطة حتى عام 2030، بحسب
دراسة حديثة للمفوضية الأوروبية.