تكنولوجيا

سفن بلا قبطان.. هل تنجح تجربة أول سفينة "ذاتية القيادة"؟

نشر
AP
 & 
تبحر سفينة الشحن "نيدرزاكسن 2" بهدوء عبر قناة إلبه الفرعية شمالي ألمانيا، محمّلة بنحو 2500 طن من الفحم في طريقها من هامبورغ إلى محطة كهرباء في برلين.
على سطحها يبدو كلّ شيء طبيعياً، غير أن القبطان غير موجود هناك. فهو يجلس في مكتب بمدينة دويسبورغ، على بعد أكثر من 400 كيلومتر، حيث يوجّه السفينة عبر شاشات وأجهزة تحكم عن بُعد.
وتُعد "نيدرزاكسن 2" أوّل سفينة في ألمانيا تحصل على ترخيص لنقل البضائع بالتحكم عن بُعد، في تجربة تستمرّ 6 أشهر ضمن أجزاء من شبكة القنوات في شمال غرب البلاد.
وتأتي هذه الخطوة لتفتح الباب أمام حلّ عملي لمشكلة النقص الكبير في الأطقم البحرية، ولتعزيز تنافسية الشحن الداخلي الذي يُعتبر وسيلة أكثر صداقة للبيئة مقارنة بوسائل النقل الأخرى.
ويؤكّد شتيفن باور، رئيس شركة "إتش جي كيه" المشغّلة للسفينة، أنّ التقنية الجديدة ليست مجرّد ابتكار لافت، بل قد تكون الفيصل في قدرة ألمانيا على تشغيل نفس عدد السفن بحلول عام 2030 كما هو الحال اليوم.

سفن بلا قبطان.. ألمانيا تختبر الشحن بالتحكم عن بُعد (أ.ف.ب)

ضمان مستقبل الصناعة

لا تحظى وظيفة المسؤول عن تشغيل عمليات النقل المائي الداخلي، باهتمام كبير لدى الكثير من الشباب، حيث أن قضاء أسبوعين متواصلين على متن سفينة، والعيش فيها من دون القدرة على التنقل بحرية، هو أمر بعيد كثيرا عن المفهوم الحديث للموازنة بين العمل والحياة.
ومن الممكن أن يؤدي التحكم عن بعد إلى تحويل دور قائد السفينة إلى وظيفة مكتبية لبعض الأفراد، ما يتيح لمشغلي السفن البقاء في منازلهم مع عائلاتهم، أو ممارسة الرياضة في نهاية اليوم.
وحتى العمل بدوام جزئي قد يصير مستطاعا، حيث يقول باور "إنها أداة فعالة لجذب الكفاءات وجعل المهنة أكثر جاذبية".
وفي دويسبورغ، تشبه المحطة التي يعمل بها القبطان، إلى حد كبير، جسر سفينة شحن حقيقية، حيث أنها مجهزة برادار ولاسلكي وعصا تحكم- بالإضافة إلى أكثر من 10 شاشات وخط هاتف محمول.

سفن بلا قبطان.. ألمانيا تختبر الشحن بالتحكم عن بُعد (أ.ب)

ولأسباب تتعلق بالسلامة، لا تزال سفينة "نيدرزاكسين 2" تحتفظ بطاقم كامل على متنها أثناء القيام بالتجارب. ولكن في المستقبل، قد يتطلب الأمر قبطانا واحدا فقط عوضا عن اثنين.

الشحن بالتحكم عن بعد يحدث "تغييرا جذريا"

تقوم شركة "إتش جي كيه" للشحن باختبار عمليات الملاحة عن بعد منذ أكثر من عام في نهر الراين، وتحديدا في المنطقة الواقعة بين روتردام وبون، باستخدام تصاريح فردية من السلطات البلجيكية.
وفي حال نجحت التجربة الحالية، يأمل باور في أن تبدأ عمليات الملاحة المنتظمة من خلال التحكم عن بعد في ألمانيا بحلول عام 2027.
وتقوم شركات أخرى بتطوير أنظمتها الخاصة. وتعتزم شركة "رينوس" العملاقة للشحن، بالتعاون مع باحثين في دويسبورغ، إطلاق مركز تحكم بحلول عام 2030، وتجهيز أسطولها بصورة تدريجية للتشغيل عن بعد في أنحاء أوروبا.

سفن بلا قبطان.. ألمانيا تختبر الشحن بالتحكم عن بُعد (أ.ب)

ومن جانبه، يقول هربرت بيرجر، رئيس عمليات إدارة السفن في شركة "رينوس": "نعتقد أنّ هذا سيساعدنا في توفير وظائف أكثر جاذبية لمشغلي السفن لدينا في المستقبل".

النقل المائي الداخلي.. "بطل خفي"

من ناحية أخرى، يتابع السياسيون في ألمانيا المشروع عن كثب، حيث يقول وزير النقل الألماني باتريك شنايدر، إنّ النقل المائي الداخلي هو "البطل الخفي" في مجال الخدمات اللوجستية.
ويشير إلى أنّ "عمليات النقل المائي الداخلي هي وسيلة النقل الوحيدة في ألمانيا التي لديها طاقة استيعابية متاحة". ونظرا لنقص أطقم العاملين، يأمل شنايدر في أن يؤدي التحكم عن بعد إلى "تغيير جذري".
وعلى صعيد متّصل، يقول البروفيسور بيطار المختار، رئيس معهد الأنظمة البحرية المستقلة في دويسبورغ، إن هذه التقنية تعتبر آمنة وموثوقة بالفعل.
ويضيف: "من الناحية الفنية، يمكن تسريع وتيرة بدء تشغيل السفن التي يتمّ التحكم بها عن بعد، بشكل ملحوظ"، مشيرا إلى أنّ السلطات على وجه الخصوص لديها في الوقت الحالي دورا يجب القيام به، "فالتقنية موجودة، وكلّ ما نحتاج إليه هو الموافقة فقط".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة