من القيادة إلى المراقبة.. حين تتحول السيارات إلى جواسيس
تخيل أن سيارتك تعرف عنك أكثر مما يعرفه أقرب أصدقائك، من سجل مكالماتك، الأغاني التي تسمعها، عمليات البحث التي أجريتها، إلى التطبيقات على حملتها على هاتفك. 
هذا ليس خيالاً بل حقيقة تؤكدها خبيرة في 
مؤسسة هيرميس أليسيا أسين، التي توضح كيف يتحول الربط البسيط بين الهاتف ونظام السيارة إلى نافذة مفتوحة على حياتك الرقمية بأدق تفاصيله.
تُشير مؤسسة هيرميس في تقريرها الأخير إلى أنّ السائق داخل سيارة حديثة لا يجلس فقط أمام وسيلة نقل، بل داخل جهاز متصل يجمع كماً هائلاً من المعلومات الحساسة بدءاً من تحديد الموقع الجغرافي وصولاً إلى البيانات البيومترية مثل ملامح الوجه أو أسلوب القيادة. 
الهدف الذي تعلن عنه الشركات المصنعة هو تحسين الأداء والسلامة، لكن المؤسسة تحذر من غياب الموافقة الصريحة والواضحة، ما يشكّل تهديداً لخصوصية السائقين والمارة على حد سواء.
ما الذي يمكن فعله بكل هذه البيانات؟ 
بحسب ما أوردته صحيفة 
إل باييس، قد تُستغل هذه البيانات مستقبلاً في أغراض غير واضحة، مثل بيعها لشركات تسويق ترغب برسم ملامح دقيقة للمستهلكين، أو حتى رفع أقساط التأمين على من يقودون بطريقة معينة.
ويعزز التقرير نتائجه بدراسة سابقة لمؤسسة موزيلا عام 2023 شملت 25 شركة تصنيع سيارات، خلصت إلى أنّ 88% من هذه الشركات تستنتج بيانات إضافية من المعلومات التي تجمعها، تصل إلى حد معتقدات وسلوكيات شخصية للمستخدمين.
كما تحذر المؤسسة من أنّ الرقمنة تفتح الباب أمام هجمات إلكترونية تهدد السلامة الجسدية للمستخدمين، بينما يظل المستهلكون في معظم الأحيان بلا أي قدرة حقيقية على التحكم في جمع البيانات أو منعها. وترى أن غياب معايير خصوصية واضحة يفتح المجال أمام إساءة الاستخدام والغموض القانوني.
هل يمكن اختراق السيارات المتصلة؟ 
توضح مؤسسة 
Mapfre، وهي شركة إسبانية في مجال التأمين والخدمات المالية، أنّ أسوأ ما قد يحدث يتمثل في استيلاء القراصنة على أنظمة السيارة عن بُعد والتسبب في حوادث، كما حصل سابقاً مع سيارة 
Jeep تم اختراقها. 
وتحذر مؤسسة 
Flaxmanlaw القانونية من أن المهاجمين قادرون على تعطيل المحرك، أو قفل الأبواب، أو الوصول إلى أنظمة المكابح. ولهذا دعا خبراء أمنيون الحكومات إلى التدخل العاجل لوضع معايير صارمة للسلامة الرقمية في صناعة السيارات.
تطمينات من الشركات المصنعة
ردا على المخاوف التي عرضتها المؤسسات المهتمة بسلامة المستخدمين، تؤكد مصادر من جمعية مصنعي السيارات الإسبانية Anfac أنّ "البيانات لا تُستخدم تحت أي ظرف من دون موافقة صريحة من المستخدم"، وأنّ الغرض منها لا يتعدى الأهداف المعلنة. 
وتوضح الجمعية أن تحديد الموقع الجغرافي يُستخدم لتفعيل مكالمات الطوارئ التلقائية، فيما تسمح البيانات التقنية بمنع الأعطال وجدولة الصيانة وتحسين استهلاك الطاقة، إضافة إلى المساهمة في رفع مستوى السلامة على الطرق.