"وجهة غير متوقعة".. لماذا يذهب غربيون للسياحة في أفغانستان؟

عند هبوط الطائرة، يُستقبل المسافر في أفغانستان بالفقر المدقع، في ظلّ غياب البنى التحتية السياحية وندرة المواقع الثقافية بعد الدمار والنهب الذي دام 4 عقود من الحرب وسيطرة حركة طالبان.

ويتوجّب عليه التسجيل لدى السلطات عند وصوله إلى كلّ ولاية والالتزام بقواعد اللباس الصارمة. كما يخضع للتفتيش من قبل رجال مسلّحين ببنادق كلاشنيكوف لدى مروره في عدد لا يُحصى من نقاط التفتيش.

ولا تقتصر التهديدات في هذا البلد على عمليات الخطف، بل تتعدّاها إلى احتمال شنّ هجمات من قبل تنظيم داعش، بعد استعادة طالبان الحكم في أغسطس 2021.

ولكن بالرغم من ذلك، قام كل من غودان وويلس بزيارة جميع المواقع السياحية في ولاية بلخ، وهما يرتديان اللباس الأفغاني التقليدي "الشالوار كاميز" أي السترة الأفغانية والسراويل الفضفاضة، بينما وضعا القبعة الأفغانية المصنوعة من اللباد.

في أسبوع نظّمته وكالة Untamed Borders البريطانية التي أحضرت حوالى 100 سائح إلى أفغانستان العام الماضي، حصل المسافرون على فرصة للتزلّج على جبال باميان مع القرويين.

ويشير ديدييه غودان إلى أنّ السائحين "مثلنا فضوليون ويريدون التواصل مع السكان". ويضيف أنّه أحضر هذه السنة "130 كيلوغراماً من لوازم التزلّج إلى باميان".

كثرت زيارات البعض إلى أفغانستان، بالنسبة لويلس، 65 عاماً، المزارع الآتي من الغرب الأوسط الأميركي، فهذه زيارته الثالثة إلى أفغانستان.

يقول إنّه يجب هذا البلد "الفريد" و"جباله الرائعة" و"شعبه الذي يعيش كما في العصور القديمة".

من جهته، يشير مؤسس وكالة Untamed Borders جايمس ويلكوكس، إلى أنّه في ظلّ عودة طالبان، "يمكننا القيام بمزيد من الأمور، مثل الذهاب نحو الجنوب".

لكنّه يضيف أنّ "هذا الأمر أحدث أيضاً اضطراباً، إذ كان على مرشدتنا الأفغانية أن تذهب وتعيش في إيطاليا".

ورغم سيطرة حركة طالبان على الحكم، ارتفع عدد السائحين الأجانب في أفغانستان بنسبة 120٪ إلى حوالى 5 آلاف و200 سائح في العام 2023 على أساس سنوي، وفقاً للأرقام الرسمية.

وفي هذه الأثناء، أعادت كابول افتتاح معهد السياحة وإدارة الفنادق، حيث يقول وزير الإعلام والثقافة خير الله خيرخواه إنّه تمّ اتخاذ هذه الخطوة حتى يتوقف "أعداء أفغانستان عن رسم صورة سيئة".

انعدام الأمان بالنسبة للنساء في أفغانستان، لم يمنع نايوري تشاينتون، امرأة تايلاندية تبلغ 45 عاماً وتملك وكالة سفر في بانكوك، وجاءت لاستكشاف المناطق الأفغانية مع مجموعة من مواطنيها.

وتقول تشاينتون أثناء زيارتها مسجد كارتي ساخي في كابول: "لم نكن نعرف الكثير عن الوضع هنا. ولكن أشعر بالأمان على الرغم من كلّ نقاط التفتيش". وتضيف "عند عودتنا سنعمل على الترويج لأفغانستان كوجهة سياحية".

عادة ما تكون الرحلات إلى أفغانستان باهظة الثمن. ولكن هناك من يسافر إلى أفغانستان بمفردهم بتكلفة أقل، بما في ذلك النساء، مثل الأميركية ستيفاني ماير، 53 عاماً، التي سافرت إلى أفغانستان لمدّة شهر من دون أن تواجه أي مشكلة أو حادثة، وانتقلت من كابول إلى قندهار (جنوباً) عبر باميان ثمّ هرات (غرباً).

تقول المهندسة الأميركية مازحة إنّ كلّ شيء يسير على مايرام "طالما أنّك تدرك أنّ الأمر سيكون فوضوياً".

لم تواجه المواطنة الأميركية "أيّ صعوبات لدى سفرها بمفردها"، وتصف التجربة بالحلوة والمرة. وأثناء تنقلها، باتت ماير في منزل أحد السكان المحلّيين أكثر من مرة. ولكنها تتساءل: "كيف يمكن للأفغان أن يعيشوا في الفقر والبطالة، ومع حرمان الفتيات من التعليم وبدون مستقبل".

يوفر الواتساب مساعدة قيّمة للسائحين الذين يسافرون إلى أفغانستان بمفردهم وبميزانيات صغيرة.

بإمكان المسافرين الإنضمام إلى مجموعة "تجربة السفر الأفغانية" (Afghanistan Travel Experience) النشطة للغاية، التي تضم أكثر من 600 سائح من دول مختلفة، سواء متواجدين في أفغانستان أو غادروها، مثل:

• المكسيك
• كندا
• الهند
• أستراليا
• إيطاليا

ويتبادل أعضاء الغروب النصائح بشأن حالة الطرق والسلامة وسعر سيارات الأجرة المشتركة. كما يبحثون عن رفاق سفر أو فنادق رخيصة. ويفضّل هؤلاء الحافلة على الطائرات للتنقل بين المدن الكبرى، ولا يترددون في القيام برحلة تستغرق 20 ساعة بين كابول وهرات والتي تمتدّ على مسافة 850 كيلومتراً.

على نحو مماثل، لا يوجد سوى طريق واحد يستغرق 4 أو 5 ساعات لوديان باميان المهيبة، التي تعدّ الوجهة السياحة الأولى وحيث المواقع الفارغة لتماثيل بوذا العملاقة التي فجّرتها حركة طالبان في العام 2001.