بين الزلازل والقروض والتلاعب.. تركيا في قلب أزمة سكنية خانقة

مع الساعات الأولى التي تلت زلزال إسطنبول في 23 أبريل، بدأت وزارة التجارة التركية بتتبع التحركات في سوق العقارات، مشيرة إلى تسجيل زيادات غير مبررة في أسعار البيع والإيجار، وفق تصريحات نائب وزير التجارة، محمود غورجان عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكّد غورجان أن الوزارة جمعت بيانات من منصات الإعلانات التي شهدت هذه الزيادات، وتوعدت بفرض أشدّ العقوبات الإدارية من دون تهاون أو تأخير على كلّ من يثبت تورطه في ممارسات استغلالية.

وشددت الوزارة على أن مثل هذه الفترات الحساسة، التي تتطلب تضامنا مجتمعيا، يجب أن تُقابل بمسؤولية وليس باستغلال.

وأضاف غورجان: "لن يُسمح بأيّ سلوك أو موقف يمكن اعتباره استغلالا لمعاناة المواطنين".

وفق بيانات البنك المركزي التركي لشهر مارس 2025، ارتفعت أسعار العقارات السكنية بنسبة 2.03% مقارنة بشهر فبراير، وهي أبطأ وتيرة نمو شهري خلال الربع الأول من العام.

ومع ذلك، فإن الزيادة السنوية بلغت 32.3% مقارنة بشهر مارس من العام الماضي، وهو أعلى مستوى يُسجّل منذ 7 أشهر.

ورغم هذا التباطؤ الشهري، تُظهر البيانات وجود فجوة مستمرة بين العرض والطلب، بالإضافة إلى ارتفاع كلفة البناء وتراجع وتيرة إصدار التراخيص.

وشهدت منطقة شرق الأناضول أعلى زيادة سنوية في الأسعار بنسبة 46.7%، بينما سجلت أنقرة نسبة 38.6%، وإزمير 32.5%، وإسطنبول 30.7%.

تشير بيانات هيئة التنظيم والرقابة المصرفية إلى أن رصيد قروض الإسكان في تركيا بلغ 551.7 مليار ليرة حتى منتصف أبريل، بزيادة بلغت 24.2% مقارنة بالعام السابق، وهي أعلى زيادة تُسجل على الإطلاق.

ومع أن بعض الانخفاضات الطفيفة في معدلات الفائدة ساهمت في تنشيط مبيعات المنازل بالقروض، إلا أنّ التضخم البالغ 39.1% جعل من قيمة هذه القروض أقلّ فعالية.

وقال الخبير الاقتصادي، أحمد بويوكدومان، إن هذا النمو في القروض لا يعوّض التآكل في القوة الشرائية للمواطن.

ورغم ذلك، ارتفعت مبيعات المنازل الممولة بقروض بنسبة 87.3% خلال الربع الأول من 2025 لتصل إلى 51,729 وحدة، في حين بلغ عدد المنازل الممولة بالقروض خلال عام 2024 نحو 158,486 فقط من أصل أكثر من 1.47 مليون عملية بيع، أي بنسبة 10.7% فقط من إجمالي المبيعات، وهي الأدنى خلال 12 عاما.

يرى خبراء القطاع العقاري أن ارتفاع الإيجارات دفع المواطنين إلى السعي للشراء بأي وسيلة متاحة، حتى لو تطلب الأمر الاستدانة بفوائد مرتفعة.

وأوضح مصطفى أكيز، رئيس منصة العقارات والبناء في تركيا، أن الطلب القوي على السكن لا يزال مستمرا، رغم الظروف الاقتصادية، مشيرا إلى أن نسبة تملك المنازل انخفضت إلى 55% فقط.

وأضاف أكيز أن الفجوة بين عدد الوحدات المطلوبة سنويا 850 ألف وحدة والوحدات التي يتم إصدار تراخيص لها فعليا 500 ألف وحدة فقط تسهم بشكل مباشر في ارتفاع الأسعار وتراجع معدلات التملك.