مال وأعمال

"عملات رقمية ببطاقات فيزا وماستركارد".. هل تتغير قواعد اللعبة؟

نشر
Camil Bou Rouphael
من كان يتوقّع أن يجد عملاقا المدفوعات العالميان، فيزا وماستركارد، نفسيهما في سباق غير متكافئ مع عملات رقمية ولدت خارج المنظومة المصرفية؟
قبل سنوات قليلة فحسب، بدت العملات المستقرة مفهوماً طموحًا لا يتجاوز ساحات التداول المشفّر.
لكن اليوم يتغير المشهد بسرعة: التشريعات تُقرّ، الأسهم تتأرجح، وتحالفات غير تقليدية تنشأ، وكلّ ذلك على وقع صراع يتجاوز التكنولوجيا ليصل إلى عمق جيب المستهلك وجهازه المحمول.
خلال الأيام الماضية، وافق مجلس الشيوخ الأميركي على أول قانون شامل ينظّم العملات المستقرة، ما أحدث هزة فعلية في السوق.
ارتفعت أسهم شركات الكريبتو مثل Circle وCoinbase، بينما عانت أسهم Visa وMastercard من أسوأ أداء شهري لها منذ سنوات، بحسب وول ستريت جورنال.
لكن الانعكاس لم يكن فقط في المؤشرات، بل في عقلية اللاعبين الكبار: هل يتعيّن عليهم مقاومة هذا الطوفان، أم ركوبه؟
العملات المستقرة، وهي رموز رقمية ترتبط بالدولار الأميركي وتعمل عبر سلاسل البلوكشين، تُقدّم نفسها كبديل أسرع وأرخص وأكثر شفافية، خاصة في المدفوعات العابرة للحدود وفي التطبيقات الموجهة للجيل الشاب.
وبينما يتسابق تجار التجزئة لتقليص الرسوم وفرض شروط جديدة على الشبكات التقليدية، تسعى Visa وMastercard بدورهما إلى احتواء التحول قبل أن يُطيح بهما.
من البلوكشين إلى البطاقات، ومن المحافظ الرقمية إلى الأسواق الناشئة، ومن العملات الورقية إلى "الأصول القابلة للبرمجة".. تتجدد قواعد اللعبة بسرعة، وتُطرح أسئلة جوهرية منها: هل يمكن لفيزا وماستركارد أن تُدمج العملات المستقرة ضمن منظومتها من دون أن تفقد مكانتها؟

اعرف أكثر

من "كريبتو" إلى "كاش.. ما الذي تغيّر في رؤية Visa وMastercard؟

ما بدا قبل سنوات وكأنه تهديد خارجي للمنظومة المصرفية، بات اليوم جزءًا من استراتيجيات اللاعبين الكبار.
فقد أتاحت كل من Visa وMastercard لشركائهما إصدار بطاقات تموّل من العملات الرقمية، بما فيها العملات المستقرة، ما يسمح للتجار بتحصيل المدفوعات كما لو كانت عبر بطاقة تقليدية، من دون الحاجة إلى بنية تقنية جديدة، بحسب وول ستريت جورنال.
وتسعى Visa إلى تحديث البنية التحتية للتسوية، حيث وسّعت خدماتها لتشمل معاملات USDC على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وتمت تسوية أكثر من 225 مليون دولار حتى الآن، وفق ما ورد في تقارير corporate.visa.com.
كما أعلنت عن شراكة مع شركة Yellow Card في أفريقيا لتجريب حالات استخدام العملات المستقرة في المدفوعات العابرة للحدود.
أما Mastercard، فقد انضمت إلى شبكة Paxos Global Dollar، وتتيح حاليًا إنفاق أرصدة العملات المستقرة مثل USDC وUSDG وPYUSD وFIUSD في أكثر من 150 مليون نقطة بيع حول العالم، بحسب موقع mastercard.
وتقول الشركة إن العملات المستقرة لا تهدم نموذج البطاقات، بل تعزّزه من خلال تقديم الراحة والموثوقية نفسها التي يتوقعها المستهلكون.

"بلا عمولة تقريبًا".. هل تنجح Stablecoins في إقناع التجار؟

بينما يستفيد المستهلك من برامج الولاء وحماية المعاملات التي توفّرها البطاقات التقليدية، يُثقل كاهل التجار برسوم مرتفعة لمعالجة المدفوعات.
فقد كلّفت رسوم بطاقات الائتمان وحدها التجار الأميركيين أكثر من 187 مليار دولار في عام واحد، بحسب تقرير بلومبرغ.
وهنا يبرز دور العملات المستقرة كحلّ محتمل لتجاوز هذه الرسوم، إذ توفر مدفوعات فورية بتكاليف منخفضة مقارنة بالمدفوعات التقليدية التي قد تتطلب أيامًا للتسوية، كما أوضح تقرير فوربس.
ووفقًا لما نقلته وول ستريت جورنال، يدرس كبار التجار مثل Walmart وAmazon إصدار عملاتهم المستقرة الخاصة، ما يمنحهم مرونة تفاوضية إضافية مع الشبكات الكبرى.
وقد أعلنت منصة Coinbase عن نظام مدفوعات جديد يمكّن التجار من قبول USDC بطريقة تشبه بطاقات الائتمان، ولكن برسوم ومعقّدات أقل، وهو ما يفتح الباب أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة لاختبار هذه البدائل، كما ذكرت Forbes وTrefis.

كيف تصل العملات المستقرة إلى الهاتف؟

بينما تتحرك الشبكات الكبرى لتوفير حلول متقدمة للتجار، تبقى تجربة المستهلك هي الفيصل.
استخدام العملات المستقرة يتطلب محفظة رقمية، وغالبًا ما يتم إعدادها عبر منصات خارجية مثل MetaMask أو Coinbase Wallet، ما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا من استخدام بطاقة جاهزة، بحسب تصريحات نقلتها بلومبرغ عن محللين.
في المقابل، تحاول Visa وMastercard تخفيف هذه الفجوة عبر التعاون مع تطبيقات المحافظ وتقديم بطاقات مرتبطة بالعملات الرقمية.
على سبيل المثال، أطلقت Mastercard بطاقة OKX بالتعاون مع شركة الكريبتو، فيما تعمل Visa مع شركات مثل Crypto.com وCoinbase لتوفير وصول مباشر إلى العملات المستقرة من داخل المحافظ، وفق ما ورد على mastercard.com وvisamiddleeast.com.
لكن رغم هذه الجهود، لا تزال التحديات قائمة. فبحسب محللين لدى Jefferies نقلت عنهم بلومبرغ، لا يرى المستهلك الأميركي حافزًا ملموسًا للتخلي عن البطاقات التقليدية التي توفر مكافآت وتأمينًا، مقابل تجربة قد تكون أكثر تعقيدًا من دون مزايا واضحة.

هل ينهار النظام القديم أمام البلوكتشين؟

في وقت تُعد شبكات البطاقات بمثابة العمود الفقري لقطاع المدفوعات الاستهلاكية، بدأت Visa وMastercard في مراجعة بنيتهما الداخلية لمجاراة التحوّل نحو البلوكتشين. فقد أطلقت Visa أول نظام تسوية بالعملات المستقرة يعمل طوال أيام الأسبوع، وبلغت قيمة المعاملات المنجزة عبره أكثر من 225 مليون دولار حتى الآن، وفق ما ذكرت tradingview وcorporate.visa.com.
أما Mastercard، فقد دمجت شبكتها Multi-Token Network (MTN) مع حلول تسوية تعتمد على العملات المستقرة، تمكّن من دفع الفواتير، وتحويل الأموال، وتسوية المدفوعات بين الشركات، بالتعاون مع Fiserv ومنصات أخرى، بحسب ما ورد على mastercard.com.
ورغم أن النظام القائم لا يزال يتمتع بانتشار هائل، حيث تُستخدم بطاقات الدفع في أكثر من 150 مليون نقطة بيع حول العالم، إلا أن القدرة على تسوية المعاملات على مدار 365 يومًا في السنة، حتى خلال العطل الرسمية، تمثّل تغييرًا جوهريًا في البنية التقليدية، كما ذكرت visamiddleeast.com.

لماذا تتحالف الشبكات الكبرى مع الكريبتو؟

تُكثف Visa وMastercard شراكاتهما مع شركات الكريبتو لتوسيع نطاق استخدام العملات المستقرة ضمن منظومتهما، بحسب مواقع الشركتين.
فقد أعلنت Mastercard عن شراكتها مع Paxos وCircle وOKX وKraken وCrypto.com، كما دخلت في تعاون مع Fiserv لإصدار ودعم عملات مستقرة مثل PYUSD وUSDGوFIUSD، وفقًا لموقعها الرسمي.
كما أتاحت الشركة من خلال Mastercard Move للتجار وصنّاع المحتوى والمستقلين اختيار تلقي مستحقاتهم بعملات مستقرة من اختيارهم، وربطت هذه الخدمات بمحافظ مثل MetaMask وCoins.ph، بحسب نفس المصدر.
من جهتها، عقدت Visa اتفاقًا مع Yellow Card في أفريقيا لتسوية المدفوعات عبر الحدود باستخدام USDC، في خطوة تسعى لتعزيز حضورها في الأسواق الناشئة، كما أفادت visamiddleeast.com.
وتشير هذه الشراكات إلى أن الشبكات الكبرى لا تكتفي بمراقبة التحول، بل تعمل بفاعلية على "جسر" الفجوة بين العملات المستقرة والأنظمة المالية القائمة، كما صرّح جاك فورستل من Visa، بحسب corporate.visa.com.

ما الذي يعوق انتشار العملات المستقرة؟

رغم الزخم التشريعي والابتكار التكنولوجي، لا تزال هناك عقبات تحدّ من اعتماد العملات المستقرة كوسيلة دفع يومية، خاصة في الولايات المتحدة.
وفق ما جاء في بلومبرغ، تجربة الاستخدام ما زالت معقدة، إذ تتطلب إعداد محافظ رقمية وتجاوز خطوات غير مألوفة للمستهلك التقليدي.
كما أن المستهلكين لا يرون حافزًا ملموسًا للتخلّي عن بطاقاتهم المألوفة، خاصة وأن هذه الأخيرة توفّر مزايا الولاء والحماية والتأمين، وهي مزايا لا تقدّمها العملات المستقرة حتى الآن، بحسب مذكرة لمحلل في Jefferies نُقلت في تقرير بلومبرغ.
ويُعدّ غياب البنية التحتية الكافية، إلى جانب ضعف الثقة بالمنظومة، من أبرز العوامل التي تبطئ التحول، كما أشار إليه تقرير Trefis أيضًا.
كذلك، فإن ضبابية التنظيم، رغم التحسن الأخير، لا تزال تلقي بظلالها على مستقبل الاستخدام واسع النطاق.
حتى شركات مثل PayPal، التي أطلقت عملتها المستقرة الخاصة PYUSD، تحاول معالجة هذه الإشكالات عبر تطوير أنظمة تسمح باستخدام العملات المستقرة لتسديد مدفوعات الموردين والتزامات الشركات، بحسب mastercard.com.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة