بنوك إسرائيل تربح المليارات من حرب غزة وتوزع الأسهم لتهدئة الغضب
كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أنّ أكبر المصارف الإسرائيلية تخطّط لمجموعة من الإجراءات لتقديم دعم مالي للعملاء، كجزء من خطة أطلقها البنك المركزي لتهدئة الانتقادات المُوجهة إلى المصارف بعد تحقيقها أرباحاً طائلة خلال الحرب في غزة.
فقد حقق القطاع المصرفي الموحّد في إسرائيل أرباحًا عالية لسنوات عدة، لكن العوائد أصبحت مثيرة للجدل بشكل متزايد منذ بدء الحرب في عام 2023، مما أدّى إلى إجهاد الموارد المالية للعديد من الأسر والشركات الصغيرة الإسرائيلية. فماذا في هذه الخطط؟
كان "بنك إسرائيل" اقترح خطة تُقدّم بموجبها المصارف إعفاءات مالية بقيمة 896 مليون دولار لعملائها الأفراد عبر سلسلة من المبادرات بحلول مطلع عام 2027، وسط دعوات من بعض المشرعين لفرض ضرائب إضافية ولوائح أكثر صرامة لكبح الأرباح.
قال "بنك هبوعليم"، ثاني أكبر مصرف في البلاد من حيث الأصول، إنه سيقدم هذا الشهر لنحو مليون عميل خيار 100 شيكل نقدًا أو سهمين بقيمة تقارب 130 شيكل عند إغلاق السوق يوم الأحد، وذلك كجزء من مساهمته في الخطة. وذكر البنك أن هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها شركة إسرائيلية أسهمًا مجانية لعملائها.
تخفيض سعر الفائدة لتخفيف الأعباء عن العملاء
أعلن "بنك لئومي"، أكبر بنك إسرائيلي من حيث الأصول، أنه سيخفض اعتبارًا من أكتوبر سعر الفائدة الذي يستخدمه لتسعير الرهن العقاري وقروض المستهلكين بنسبة 0.25 نقطة مئوية لتخفيف "العبء الاقتصادي الكبير الذي يواجهه المواطنون الإسرائيليون بسبب بيئة الفائدة المرتفعة وعدم اليقين في الاقتصاد في خضم الحرب"، وفق صحيفة "فايننشال تايمز".
مبادرات محدودة وانتقادات للأرباح
ومع ذلك، تُعتبر هذه المبادرات محدودة نسبيًا مقارنة بإجمالي أرباح القطاع.
فقد كشفت الصحيفة أن صافي الأرباح لأكبر ٥ بنوك بلغ 29.5 مليار شيكل، قرابة 1.2 مليار دولار أميركي، حيث حقق كل من لئومي وهبوعليم أرباحًا قياسية.
ودفع هذا موشيه غافني، رئيس اللجنة المالية في البرلمان الإسرائيلي، إلى انتقاد الحكومة والبنك المركزي بشدّة بسبب "التهوّر" في نهجهما لتنظيم القطاع.
وقال آنذاك: "في وقت ترتفع تكاليف المعيشة وتكافح العديد من العائلات لكسب قوتها، تعمل البنوك كما لو لم تكن هناك زيادات في الأسعار".
ويرى محللون أنه بالإضافة إلى ضبط تكاليف التشغيل، فإن أحد أسباب ارتفاع الأرباح هو عدم خفض البنك المركزي الإسرائيلي أسعار الفائدة بنفس سرعة نظرائه في أماكن أخرى.
وبمعدل 3.1%، يظل التضخم أعلى من هدفه الذي يتراوح بين 1% و3%، ويعزى ذلك جزئيًا إلى الاضطرابات الناجمة عن حرب غزة. ويبلغ سعر الفائدة المرجعي حاليًا 4.5%.
قد ساعد هذا في رفع هوامش الفائدة الصافية للبنوك الإسرائيلية، وهو الفرق بين ما يدفعه المصرف على ودائعه وما يكسبه على قروضه.
يقول ميشيل ستراوتشينسكي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية في القدس والرئيس السابق لقسم الأبحاث في "بنك إسرائيل"، إن العوامل الهيكلية أدت دوراً أكبر في ارتفاع أرباح المصارف.
5 بنوك تسيطر على 90% من ودائع التجزئة
وتحتفظ أكبر ٥ بنوك بأكثر من 90% من ودائع التجزئة، وتُصدر أكثر من 90 % من قروض الإسكان والائتمان بالتجزئة للشركات الصغيرة، مما يجعل محاولة اقتحام هذا القطاع، وتاليا تعزيز المنافسة، أمرًا غير جذاب للعديد من البنوك الأجنبية.
قال ستراوتشينسكي: "إن الإصلاح البسيط الذي طُبّق في دول أخرى، السماح للبنوك الأجنبية بالدخول، والسماح بالمنافسة من خلال هذه الصيغة البسيطة للغاية، لا يمكن تطبيقه في إسرائيل".
وأضاف: "ترى البنوك الأجنبية سوقًا مُركّزة للغاية، وتُدرك أن الأمر سيستغرق سنوات عدة للحصول على حصة ضئيلة من السوق، بينما في الوقت نفسه، يمكنها الذهاب إلى مكان آخر، مثل البرازيل، والاستحواذ على حصة أكبر من السوق في وقت أقصر بكثير".
وقال إران ياشيف، أستاذ الاقتصاد في جامعة تل أبيب، إنه إلى جانب بيئة أسعار الفائدة، لعبت عوامل أخرى، مثل تحكم البنوك في التكاليف، دورًا في القفزة الأخيرة في الربحية، والتي بدأت في عام 2021، أي قبل عامين من بدء الحرب في غزة.
وأضاف أنه على المدى الطويل، كان تشجيع لاعبين محليين جدد على دخول السوق، مثل البنك الرقمي "ون زيرو"، الذي أُطلق في عام 2022، هو أفضل طريقة لمعالجة نقص المنافسة. "هذه مشكلة هيكلية قائمة في النظام المصرفي الإسرائيلي منذ سنوات عدة"، وفق قول ياشيف.
وصرّح أوري برزاني، رئيس قسم الرقابة المصرفية في "بنك إسرائيل"، بأنّ البنك المركزي يراقب كيفية تطبيق المُقرضين لخطة الإغاثة المالية. لكنه أضاف أن "المفتاح الحقيقي" لتحسين المنافسة ورفاهية العملاء يكمن في "إصلاحات هيكلية أعمق" وفق قوله.