كيف تتحول السيارة إلى امتياز طبقي في سوق أميركية على شكل K؟

تجاوز متوسّط ما يدفعه الأميركيون لشراء سيارة جديدة حاجز الـ٥٠ ألف دولار للمرّة الأولى، فيما ترتفع التعثرات في سداد القروض ويصعد سوق المستعمل إلى مستويات تفوق ما قبل الجائحة بآلاف الدولارات.

فبين أسعار جديدة عند قمم تاريخية، ومعروض مستعمل شحيح، وفوائد مرتفعة تضغط على الأضعف ائتماناً، ترسم صناعة السيارات صورة اقتصاد "على شكل K": أي، أسر ثرية تُبقي السوق في المستويات العليا، وأصحاب ميزانيات محدودة يُدفَعون إلى الهامش أو إلى ديون أثقل.

ماذا يعني ذلك؟

بحسب "سي إن إن" نقلاً عن كيلي بلو بوك، بلغ متوسّط السعر المدفوع لسيارة جديدة ٥٠ ألفاً و٨٠ دولاراً في سبتمبر، مع زيادة سنوية بنحو ٣،٦٪ يقودها أساساً انتشار الطرازات الفاخرة والسيارات الكهربائية مرتفعة الثمن.

تقول كوكس أوتوموتيف إنّ السيارة بسعر ٢٠ ألف دولار باتت شبه منقرضة، وإنّ الأسر الثرية التي تملك رأس مال وتستفيد من معدلات قروض جيّدة هي التي تُبقي السوق في الشريحة العليا.

ورغم فرض رسوم جمركية بنسبة ٢٥٪ على معظم السيارات وقطع الغيار، لم تقفز الأسعار بقوة فوراً بسبب موجة شراء سبقت تطبيق الرسوم، على أن الزيادات مرشحة للظهور أكثر مع طرازات عام ٢٠٢٦، وفق سي إن إن.

تفيد "بزنيس إنسايدر" بأنّ متوسّط سعر سيارة مستعملة بعمر ٣ سنوات تجاوز ٣١ ألف دولار في عام ٢٠٢٥، مقارنة بـ"٢٢ ألفاً وزيادة قليلة" قبل الجائحة.

وتُظهر بيانات إدموندز أنّ هبوط مبيعات الجديد بين عامي ٢٠٢٠ و٢٠٢٢ إلى ١٣-١٤ مليوناً سنوياً، بدلاً من ١٦-١٧ مليوناً سابقاً، خلق فجوة في المعروض الذي كان ينبغي أن يدخل سوق المستعمل لاحقاً.

كما تركّزت عروض الشركات على الطرازات الأكثر ربحية في الفئات المتوسطة والعليا، وتراجعت معدلات التأجير من نحو ٣٠٪ إلى ١٧٪، ما قلّص مصدراً إضافياً للمعروض.

النتيجة، بحسب خبراء نقلتهم "بزنيس إنسايدر": المستعمل أغلى لأنّه كان غالياً وهو جديد، والمالكون يحتفظون بسياراتهم لمدد أطول، ومن كان يبحث عن جديد بسعر ٣٠ ألفاً يُدفَع إلى المستعمل، فيما بات السعر الابتدائي يقترب من ٣٠ ألفاً.

وللمقارنة، ٢٠ ألف دولار التي كانت تشتري قبل عقد سيارة بعمر ٣ سنوات في الولايات المتحدة الأميركية، تكفي اليوم بالكاد لسيارة بعمر ٨ سنوات قطعت ٨٠ ألف ميل.

تنقل "سي إن بي سي" عن منصّات كوكس أنّ متوسّط الفائدة على قروض الجديد يدور حول ٩٪، ويقفز إلى ١٨-٢٠٪ لدى الأضعف ائتماناً، مع اقتراب معدلات التأخر الطويل من قمم تاريخية.

وتشير وكالة فيتش إلى أنّ ٦،٤٣٪ من قروض السيارات لفئة "دون الائتمان" كانت متأخرة ٦٠ يوماً أو أكثر في أغسطس، بما يتماشى مع أعلى مستوى مسجّل.

كما يلفت التقرير إلى أنّ ١٩،١٪ من المشترين التزموا بأقساط شهرية تتجاوز ألف دولار في الربع الثالث، فيما يتجاوز إجمالي ديون السيارات تريليوناً و٦٦٦ مليار دولار، مع شكاوى قياسية لدى الجهات الرقابية وارتفاع احتمال التعثر لدى أصحاب الدرجات الائتمانية المتوسطة مقارنة بما قبل الجائحة. وكمؤشر هشاشة، سجّل انهيار مصرف متخصّص في قروض الفئات الأضعف.

توضح "سي إن إن" أنّ تأثير الرسوم الجمركية بنسبة ٢٥٪ ظهر تدريجياً بعدما كبح الطلبُ المسبق تمرير الزيادات فوراً، مع ترجيحات بزيادات إضافية عند طرازات ٢٠٢٦ من دون أن تعوّض "مليارات" كلفة الرسوم بالكامل.

وتضيف "سي إن بي سي" أنّ اندفاع المشترين إلى السيارات الكهربائية قبل انتهاء الحافز الضريبي بقيمة ٧ آلاف و٥٠٠ دولار في نهاية سبتمبر رفع المتوسّط العام، إذ بلغ متوسّط صفقة السيارة الكهربائية الجديدة أكثر من ٥٨ ألف دولار.

وفي الخلفية، تشير "بزنيس إنسايدر" إلى أنّ استمرار الغموض التجاري قد يدفع شركات السيارات إلى تمرير مزيد من الكلفة إلى المستهلك، فيما لا يبدو أنّ الأسعار ستعود إلى مستويات ما قبل الجائحة وفق اتجاهات المعروض والطلب الراهنة.