أسهم المصارف تهتز مجددا.. هل يقترب العالم من أزمة ائتمان؟
تجدّد القلق في الأسواق العالمية هذا الأسبوع مع تراجع أسهم المصارف الإقليمية الأميركية وامتداد الموجة إلى آسيا وأوروبا، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد أزمة 2023 حين انهار بنك "سيليكون فالي".
ومع أنّ المحللين يؤكدون أنّ النظام المالي لا يواجه خطرا منهجيا، إلا أنّ المخاوف من القروض المتعثرة والفقاعات الائتمانية تثير تساؤلات لدى المودعين والمستثمرين على حدّ سواء: هل لا يزال المال في المصارف آمنا؟ وهل يمكن أن تتكرر العدوى التي هزّت الأسواق قبل عامين؟
بحسب
رويترز و
سي بي سي، بدأت الموجة من الولايات المتحدة بعد إعلان مصرفي Zions Bancorp وWestern Alliance عن خسائر بقيمة 50 مليون دولار في قروض صناعية وتجارية، ورفع أحدهما دعوى احتيال ضدّ شركة في كاليفورنيا.
هذه الإفصاحات تزامنت مع إفلاس شركتين في قطاع السيارات، ما أيقظ ذكريات انهيار "سيليكون فالي بنك" عام 2023، وأثار الشكوك حول جودة الإقراض في المؤسسات المتوسطة.
امتدت المخاوف سريعا من "وول ستريت" إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية، حيث تراجعت أسهم مصارف كبرى مثل دويتشه بنك وباركليز وسوسيتيه جنرال بما بين 4 و6٪، فيما فقد مؤشر المصارف الإقليمية الأميركية أكثر من 6٪ خلال يوم واحد.
عدوى الأسواق وثقة المستثمرين
قال جيمس روسيتر من TD Securities إنّ "ما يحدث في وول ستريت ليلا تستيقظ عليه آسيا ثم أوروبا"، في إشارة إلى تسلسل العدوى المعنوية في الأسواق.
وأشارت سي بي سي إلى أنّ الخسائر في المصارف الأميركية الكبرى مثل سيتي غروب وجي بي مورغان امتدت إلى شركات الرهن العقاري ومنصّات التمويل مثل Affirm وKlarna وSoFi، لتُعمّق المخاوف من ضعف الرقابة على سوق الائتمان الخاص، وهو قطاع متنامٍ لكنه أقل تنظيمًا.
وقال جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه.بي. مورغان، في تصريح لافت "عندما ترى صرصورًا واحدًا، فاعلم أنّ هناك غيره كثيرًا".
تباين في القراءة بين القلق والاطمئنان
ورغم هذا المشهد القاتم، أكّدت "
سي إن بي سي" نقلا عن مارك بينتو، رئيس قسم الائتمان الخاص العالمي في وكالة موديز، أنّ النظام المصرفي لا يُظهر علامات خطر منهجي، مضيفًا "صرصور واحد لا يُشكّل اتجاها".
وأوضح أنّ معدلات التعثر في الديون لا تتجاوز 5٪ هذا العام، ومن المتوقع أن تنخفض إلى أقلّ من 3٪ بحلول 2026، مقارنة بأكثر من 10٪ خلال أزمة 2008.
وأشار بينتو إلى أنّ الاقتصاد الأميركي أظهر "صلابة غير متوقعة"، رغم المخاوف من الرسوم الجمركية والتضخم، مؤكّدا أنّ جودة الأصول لا تزال جيّدة وأنّ "المعنويات في تحسّن".
الأسواق بين فقاعة الذكاء الاصطناعي وملاذ الذهب
بحسب CBC، يرى محللون أنّ الطفرة المدفوعة بالذكاء الاصطناعي في أسواق الأسهم تجعل التقييمات "مسعّرة للكمال"، ما يزيد هشاشة المعنويات. أيّ خبر سلبي، حتى وإن كان محدودا، قد يسبب ردود فعل مفرطة كالتي شهدتها الأسواق الأخيرة.
في المقابل، ارتفع الذهب إلى مستويات قياسية، محققاً أفضل أداء أسبوعي منذ أكثر من 17 عاماً، في إشارة إلى تحوّل المستثمرين إلى الملاذات الآمنة.
ويقول آلان ديفلين من Impax Asset Management إنّ "الأسواق متوترة منذ أشهر حيال فقاعة محتملة في سوق الائتمان الخاص، واليوم نراها تطلق النار أولًا وتسأل لاحقًا".
ما يعنيه ذلك للمودعين والمستثمرين
ما بين التحذيرات والطمأنينة، تبدو الصورة مزدوجة: فالمصارف الكبرى ما زالت قوية، والاقتصاد الأميركي متماسك، لكن الثقة تبقى العامل الأكثر هشاشة. أيّ حادثة صغيرة يمكن أن تشعل ذعرًا عالميًا في عصر التداول السريع والمضاربات اللحظية.
المودعون والمستثمرون الأفراد يراقبون بدقة مؤشرات الائتمان وأسعار الذهب وسلوك الأسواق، محاولين فهم إن كان ما يجري مجرد "عاصفة عابرة" أم بداية دورة مالية جديدة.