إعمار سوريا بـ10 أضعاف اقتصادها.. من يدفع الفاتورة؟
بعد أكثر من 13 عاما من الحرب، يضع البنك الدولي رقمًا ثقيلًا على طاولة التعافي السورية: 216 مليار دولار لإعادة إعمار الأصول المادية المتضررة بين 2011 و2024.
المبلغ يُعادل تقريبًا ١٠ أضعاف الناتج المحلي الاسمي المُقدَّر لعام 2024 (نحو 21.4 مليار دولار)، ما يفتح سؤال القدرة على التمويل وتدرّج الأولويات وسط اقتصاد انكمش 53% منذ 2010، وتباينات حادّة في خريطة الدمار.
الأولوية للبنية التحتية.. والعبء الأكبر على ٣ محافظات
بحسب تقرير البنك الدولي، قُدِّرت الأضرار المادية المباشرة بنحو 108 مليارات دولار: 52 مليارا في البنية التحتية (48% من الإجمالي)، و33 مليارا في المباني السكنية، و23 مليارا في غير السكنية.
جغرافيا، تتصدّر حلب ثم ريف دمشق فحمص قائمة المحافظات الأكثر تضررا، فيما سجّلت طرطوس والسويداء والقنيطرة أضرارا محدودة نسبيا.
ويقدِّر البيان الصحافي للبنك الدولي أن محافظتي حلب وريف دمشق ستحتاجان الحصة الأكبر من استثمارات الإعمار.
فاتورة "إعادة البناء بشكل أفضل"
يرتكز تقدير 216 مليار دولار (ضمن نطاق 140–345 مليارا) على منهجية تُضمِّن فروقات الأسعار وندرة المواد وارتفاع كُلف الأمن والعمالة، إضافة إلى مضاعفات تعكس معايير "إعادة البناء بشكل أفضل" واشتراطات السلامة والزلازل وإزالة الأنقاض.
التوزيع القطاعي للتقدير الوسطي المتحفظ: 75 مليار دولار للمساكن، 59 مليارًا للمنشآت غير السكنية، و82 مليارًا للبنية التحتية، حسب تقرير البنك الدولي.
اقتصاد مُنهَك وقدرة تمويلية مقيدة
يشير البنك الدولي إلى انكماش الناتج الحقيقي بنحو 53% بين 2010 و2022، وتراجع الناتج الاسمي من 67.5 مليار دولار (2011) إلى نحو 21.4 مليار (2024).
كما تقلّص الإنفاق الاستثماري في 2024 إلى 11% من مستوى 2010، مع اعتماد أكبر على الاستيراد واستنزاف في الاحتياطيات الأجنبية، ما يقيّد بشدّة قدرة البلاد على تمويل الإعمار داخليا ويُبرز الحاجة إلى شراكات ودعم دولي منسّق.
خريطة ضرر غير متساوية.. ونتائج محفوفة بعدم اليقين
تُظهر النتائج تفاوتا مكانيا واضحا: أعباء ثقيلة على المراكز الحضرية والبنى الحيوية، مقابل أضرار أقل في بعض المحافظات الساحلية والجنوبية.
ويشدّد تقرير البنك الدولي على هوامش عدم يقين مرتفعة مرتبطة بظروفٍ أمنية متقلبة وفجوات بيانات، ما يقتضي تحديثًا مستمرًا وتخطيطًا مرنًا في أولويات الإعمار.
أصوات ودعوات إلى تعبئة منسّقة
قال جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي، إن "التحديات هائلة"، مؤكدًا الاستعداد للعمل إلى جانب السوريين والمجتمع الدولي لدعم جهود التعافي، مع التشديد على "الالتزام الجماعي والعمل المنسّق وبرنامج دعم شامل ومنظّم".
ومن جانبه، رأى وزير المالية السوري محمد يسر برنية أنّ التقرير يوفّر "أساسًا مهمًا لتقييم حجم الدمار وتكاليف الإعمار"، داعيًا إلى حشد الدعم لاستعادة خدمات البنية التحتية وإنعاش المجتمعات وإرساء أسسٍ أكثر صمودًا.
ما الذي يدخل في الرقم.. وما الذي يبقى خارجه؟
تقديرات 216 مليار دولار تغطي إعادة بناء الأصول المادية (المساكن، وغير السكنية، والبنية التحتية). ولا تشمل إعادة تشغيل الخدمات التشغيلية، ولا الخسائر الاقتصادية غير المباشرة، ولا الأثر على التراث الثقافي، ما يرجّح أن تكون الكلفة الشاملة للتعافي أعلى من رقم الإعمار المادي، حسب تقرير البنك الدولي.