متلازمة التعاطف المفرط.. كيف تظهر في متابعتنا لأخبار غزة؟

يعرّف دليل العلاج النفسي في المملكة المتحدة، متلازمة التعاطف الزائد بأنها تحدث حين تتوحد مشاعر الشخص وتعكس بشكل كبير مشاعر من يتعرضون لكرب أو حادث مؤلم، بمعنى آخر حين يبدى الشخص اهتماماً بالغاً بما يحدث للآخرين، ويجد الشخص صعوبة في تنظيم مشاعره، وغالباً يكون لديه الكثير من المشاعر السلبية.

وتتمثل أعراضها في حدوث أعراض عاطفية قوية ومكثفة حين يتعرض الآخرون إلى أحداث مؤلمة أو يختبرون مشاعر سلبية، تستمر هذه المشاعر لعدة أيام، ويشعر الشخص بثقل كأنه هو من يمر بالتجارب السيئة.

كذلك تظهر أعراضها حين يركّز الشخص بشكل كبير على مشكلات الآخرين، ويبدأ في إهمال نفسه واحتياجاته الأساسية، ويجد صعوبة في الحديث عن هذا الأمر، وصعوبة في وضع حدود صحية.

تظهر أيضاً أعراض متلازمة التعاطف المفرط عند الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية.

في حديث مع بلينكس، يقول الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، إن أسباب متلازمة التعاطف الزائد تختلف، فقد تكون وراثية وجينية، وقد تكون متعلقة بنمط الشخصية، خاصة الأشخاص الذين يعانون من الحساسية المفرطة.

ويضيف "أيضا عوامل التربية والتنشئة، فالأشخاص الذين تعرضوا لمواقف وخبرات مؤلمة أو الإساءة في سن مبكر، يميلون إلى إظهار التعاطف الزائد مع من يتعرضون للتنكيل والأزمات".

في أحداث الحرب على غزة، يقول هندي إن الكثير من الأشخاص أظهروا أعراضاً لمتلازمة التعاطف الزائد، تمثّل ذلك في الأشخاص الذي تركوا حياتهم وتفرغوا لمتابعة الأخبار، وآخرون عانوا من القلق المفرط، انعكس في صورة توتر وعصبية وهوس مستمر بمتابعة الأحداث بشكل دقيق.

ويضيف هندي، ظهر ذلك أيضاً في الانشغال العقلي الدائم بأخبار الحرب وما يتعرض له الفلسطينيون، والإرهاق العاطفي من فرط الشعور بالحزن تجاه ما يحدث، وهذا قد يؤدي إلى الاكتئاب.

وتابع، تمثلت الأعراض أيضاّ في أعراض ما بعد الصدمة التي تحدث لأشخاص خارج الحدث، والأشخاص الذين أهملوا حياتهم العائلية والعملية وروتينهم اليومي لمتابعة أخبار الحرب في غزة، إضافة إلى شعور العديد من الأشخاص الدائم بالذنب، أو الشعور بالعجز، وتغير المزاج والشعور الدائم بالغضب وتكرار مشاعر وذكريات الألم والشعور بخيبة الأمل.

كل هذه الأعراض تشير إلى معاناة الشخص من متلازمة التعاطف المفرط، وهي تسبب مشكلة ومشاعر سلبية لدى الشخص.

يقول الهندي إن التعامل مع هذه المتلازمة يبدأ من عمل الإنسان على نفسه.

ففي حالة غزّة، ينصح بتقليل وقت متابعة الأخبار والأحداث، ومشاهدة الصور والفيديوهات التي تحوي مشاهد أليمة، مؤكداً أن هذا يساعد على النوم الجيد، والنوم الجيد يساعد على تنظيم حياة الشخص وتقليل الأعراض.

يضيف "علينا أيضا الانشغال بشؤوننا، والاهتمام بالروتين اليومي للحياة، من الأكل الجيد والذهاب إلى العمل، وغيرها من الأنشطة اليومية".

وختاماً، ينصح الهندي بتحويل التعاطف المفرط السلبي إلى تعاطف إيجابي، وعدم الاكتفاء بالرثاء والبكاء.

على سبيل المثال، ينصح بالمشاركة في حملات التبرع بالدم للمصابين في غزة، والمساهمة في حملات تجميع المساعدات الإنسانية والطبية، كذلك يمكن المشاركة بتدشين صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي للحديث عن القضية، ومخاطبة العالم الخارجي والمنظمات الحقوقية.

ويواصل "مثل هذه الأنشطة تساهم في تحويل التعاطف السلبي الذي يؤثر بالسلب على حياة الشخص إلى تعاطف إيجابي، يساهم بصورة حقيقة في دعم ومساندة أهلنا في غزّة".