القصة ليست غزّة ولبنان.. لماذا هدد نصرالله قبرص؟

كلام نصرالله التصعيدي ترك إشارات واضحة بأن الحرب الشاملة اقتربت، فيما الوسائل العسكرية المستخدمة ستكون كبيرة ومؤثرة، بحسب مزاعمه.

بالتوازي مع ذلك، هناك سؤال يُطرح: أين مصلحة إيران من هذه التهديدات؟ على هذا السؤال، يجيب النائب في البرلمان اللبناني وضاح الصادق مؤكدا لبلينكس أن "إيران تقوي ورقتها أمام الأميركيين وتستخدم لبنان في سبيل تنفيذ مخططاتها عبر حزب الله".

في حديثه، أوضح الصادق التالي:

• أمين عام الحزب يتحدث بلسان الإيرانيين ويأخذ أوامره من مجلس الشورى الإيراني كما أنه يقحم لبنان في حرب تنفيذا لأجندة طهران.
• حزب الله ما زال مستمرا بتوريط لبنان تحت شعارات يرددها دائما ويستخدمها كإطار لتنفيذ مخططات إيران.
• الهدف من الحرب التي يلّوح بها هو القول إن لبنان تحول لقاعدة عسكرية قوية تدافع عن إيران وتحمي مصالحها في المنطقة لا أكثر ولا أقل.

من ناحيته، يقول الخبير الاستراتيجي ومدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات خالد حمادة لبلينكس إن الحرب التي دخل بها حزب الله عند الحدود الجنوبية للبنان، لم تكن يوما حربا لبنانية–إسرائيلية، كما أنها لم تكن جبهة مساندة لغزّة.

على هذا السؤال، يجيب حمادة بالقول:

• الحرب هي لتأكيد الحضور الإيراني بكل ما يتعلق باستقرار المنطقة.
• المعركة هي المنصّة الوحيدة المتبقية للحوار، التي تريد إيران الحفاظ عليها للإبقاء على مادة للتفاوض مع الأميركيين.

كذلك اعتبر حمادة أن خطاب نصرالله التصعيدي يرتبط بـ 3 أمور أساسية:

1. طهران تستشعر أنها ما زالت مستبعدة عن طاولة التفاوض بشأن غزّة وجنوب لبنان، وبالتالي قد يكون التصعيد بالحرب هو الفرصة المتاحة الوحيدة لإعادتها إلى حلقة المفاوضات الإقليمية.
2. التصعيد انطلاقا من لبنان، هدفه إعادة الوصل بين طهران وواشنطن عبر مسألة استقرار وأمن الحدود بين لبنان وإسرائيل.
3. هناك سعي إيراني للحفاظ على مفهوم "وحدة الساحات" الذي أطلقته طهران سابقا، فالأخيرة ترفض عملية فصل لبنان عما يجري في غزّة وتحويل ما يجري فيه إلى مسألة حدود، لأن ذلك سيجعل حزب الله ينسلخ عن القضية التي يتحدث عنها دائما والمرتبطة بغزّة وفلسطين.

نصرالله في خطاب الأربعاء، أدخل قبرص إلى مرحلة المواجهة، خصوصا أنه هدد بقصفها في حال استخدمت إسرائيل مطاراتها وقواعدها لمهاجمة لبنان.

الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس رد على ما قاله نصرالله، مؤكدا أن بلاده لا تتورط بأي حال من الأحوال في الصراعات الحربية.

في المقابل، فإن قبرص التي هددها حزب الله تعتبر منصّة لنقل المساعدات إلى ميناء غزة. ففي ميناء لارنكا في قبرص، تتم عملية تجميع وفحص المساعدات الغذائية قبل نقلها إلى القطاع الفلسطيني، وتحديدا نحو الرصيف العائم الأميركي.

وبما أن قبرص تساهم في مساعدة غزّة، فما هي الأسباب الحقيقة التي دفعت نصرالله لتهديدها بمعزل عن المسألة التي تحدث عنها؟ الإجابة عن هذا السؤال تتلخص في التالي:

• حزب الله وجد أن قبرص شهدت تدريبات جوية إسرائيلية تحاكي هجوما على إيران.
• في يونيو 2023، ضبطت قبرص خلية تابعة للحرس الثوري الإيراني كانت تخطط لشن هجمات ضد إسرائيليين.
• خلال شهر أبريل الماضي، اتهمت أوساط حزب الله قاعدة بريطانية في قبرص بإطلاق صواريخ دفاع جوي لاعتراض مسيّرات إيران فوق الأراضي اللبنانية قبل وصولها إلى سماء إسرائيل.
• أيضاً، استخدمت بريطانيا قاعدتين عسكريتين خاضعتين لسيادتها داخل قبرص في عمليات ضد سوريا، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز".
• "ثأر حزب الله" ضد قبرص ليس جديدا أيضا، فالأخيرة أدانت عام 2013 المدعو حسام طالب يعقوب، بتهمة التعامل مع حزب الله والتخطيط لمهاجمة مصالح إسرائيلية لحساب التنظيم.

لكن كيف تؤثر تهديدات نصرالله لقبرص على لبنان؟

المسألة وصفها الصادق خلال حديثه عبر بلينكس بـ"الخطيرة جدا"، معتبرا أن نصرالله ضرب عرض الحائط بكيان الدولة اللبنانية، "فبات هو من يحدد السياسات الخارجية، ويملي على لبنان سياسات دفاعية تورطه بصراعات وحروب مع دول، وتحديدا مع قبرص التي تعتبر محسوبة على الأوروبيين".

الصادق يرى أن ما قاله نصرالله يساهم في القضاء على ما تبقى من علاقات للبنان مع الدول المحيطة به، مشددا على أن حزب الله يضرب العلاقة مع قبرص التي ساعدت لبنان باستمرار.

بدوره، يعتبر الخبير الاستراتيجي خالد حمادة، أن تهديد نصرالله لقبرص يندرج في إطار رسم الأخير إطارا إقليميا للحرب والتي لا شك أنها ستقع بعد استكمال العناصر الضرورية لانطلاقها، وقال "حاليا، فإن إيران تستدعي الحرب، وخطاب نصرالله بالأمس كان إقليميا وليس هناك ما يتعلق بأي مصلحة لبنانية".