الحرب أم الدبلوماسية؟.. اليونيفيل بلبنان دون اعتراض حزب الله

في مارس عام 1978، تم إنشاء قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، اليونيفيل، بموجب القرارين 425 و426 الصادرين عن مجلس الأمن.

استنادا لهذين القرار، كانت مهمة "اليونيفيل" تأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، ومساعدة الحكومة البنانية على بسط سلطتها الفعلية في المنطقة.

عام 2006، وإثر حرب تموز، صدر القرار 1701، وبات لزاما على "اليونيفيل"، إلى جانب مهامها المرتبطة بالقرارين 425 و426، القيام برصد الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، ومرافقة القوات المسلحة اللبنانية خلال انتشارها في جنوب لبنان ودعمها.

الخبير العسكري اللبناني، مصطفى الأسعد، تحدث عن ضرورة وجود قوات اليونيفيل في لبنان، مشيرا إلى أنه إلى جانب مهامها المعلنة، فإن القوات الدولية تعمل على تثبيت وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، كما عملت على وضع علامات الترسيم للحدود في المناطق المتنازع عليها، وفق تصريحه لبلينكس.

وأفاد الأسعد، بأن اليونيفيل تعمل على حل النزاعات، وتسيّر دوريات راجلة على الحدود وفي عموم مناطق عملياتها ضمن منطقة جنوب نهر الليطاني.

وتشمل هذه المنطقة البقعة الجغرافية التي يتمركز فيها حزب الله في جنوب لبنان، عسكريا وشعبيا، وهي تمتد من منطقة الناقورة غربا إلى منطقة الوزاني شرقا على طول 120 كيلومترا.

من جهته، صرح العميد منير شحادة، منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات الطوارئ الدولية، إن دور اليونيفيل في لبنان يرتبط بالفصل السادس في ميثاق الأمم المتحدة، أي أنه لا يحق لها استعمال القوة.

في حديثه مع بلينكس أشار شحادة إلى أنّ اليونيفيل تراقب خرق القرار 1701، إن كان من لبنان أو من إسرائيل، ومن ثم إرسال تقارير إلى الأمم المتحدة.

إضافة لذلك كان لليونيفيل دور الوسيط في لقاءات تُعقد بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي عُرفت بـ"الاجتماعات الثلاثية"، وخلالها يناقش كل طرف، عبر اليونيفيل، الخروقات التي يبدي بها الطرف الآخر ملاحظاته بشأنها، بحسب شحادة.

الخبير مصطفى الأسعد قال إن "حزب الله اصطدم بقوات الأمم المتحدة مرات عدة استخدم فيها القوة والسلاح، والسبب هو أن الحزب لا يستطيع السيطرة على قوات الطوارئ ولا يستطيع فرض إرادته عليها مثلما يفعل مع الدولة المركزية في بيروت".

وتابع الأسعد "يتهم الحزب قوات اليونيفيل بالتجسس على عمليات التسلح، علما أن هذا الأمر من صلب صلاحية اليونيفيل، كما أن القرار 1701 ينص صراحة على منع كل أشكال التسلح في منطقة العمليات".

كما أن مسألة التمديد لليونيفيل شهدت أخذا وردا خلال العامين الماضيين، لكن هذا الأمر لم يحصل هذا العام.. فما القصة؟

• يوم 31 أغسطس 2022، تضمن قرار تمديد مهام اليونيفيل تعديلات أبرزها عدم حاجة القوات الدولية إلى إذن مسبق من أي شخص لأداء مهامها بشكل مستقل، أي من دون مؤازرة من الجيش اللبناني.
• أثار هذا البند جدلا كبيرا، ما استدعى رفضا من حزب الله، كون الأخير يرفض قيام اليونيفيل بمهامها، من دون التنسيق مع الدولة اللبنانية.
• خلال أغسطس 2023، وأثناء الحديث عن التمديد لليونيفيل، أبدت الجماعة رفضها إتمام عملية منح القوات الدولية ولاية جديدة وفق صيغة تمديد العام 2022، علما أن الموقف ذاته تبنته الدولة اللبنانية الرسمية.
• بعد أخذ ورد، تم تعديل قرار التمديد للعام 2023 بضغط من فرنسا التي أضافت موادا نصت على أنه يتوجب على اليونيفيل التنسيق مع الحكومة اللبنانية في تحركاتها، وتاليا تبديل صيغة تمديد عام 2022.
• العام الحالي 2024، جرى تمديد مهام اليونيفيل بالشروط نفسها التي تم إقرارها عام 2023.

لكن لماذا لم يعترض حزب الله على التمديد هذه المرة؟

يقول النائب في البرلمان اللبناني، بلال عبدالله، لبلينكس إن الصيغة التي طُرح بها التمديد هذا العام تحظى بموافقة الحزب والدولة، مشيرا إلى أن الخطوة التي حصلت على صعيد منح القوات الدولية سنة إضافية للعمل في لبنان، هي ثمرة جهد دبلوماسي قامت به الحكومة اللبنانية.

بدوره، أشار الخبير العسكري الأسعد إلى أمور ومكاسب عدة قد تتحقق لاحقا ودفعت الحزب لعدم الاعتراض.

يقول الأسعد "هل يتم التفاوض الآن على منطقة عزل أكبر وأشمل في جنوب لبنان؟ هل هناك وعود اقتصادية لإعمار ما تهدم من ضمن صفقة ما"، وتاليا الحصول على موافقة الحزب للتمديد؟.

منذ العام 2006 وحتى 8 أكتوبر الماضي، انتهكت إسرائيل القرار الأممي 1701 أكثر من 35 ألف مرة، وفق ما يقول العميد منير شحادة عبر بلينكس.

في المقابل، فإن زعيم حزب الله، حسن نصرالله، أعلن صراحة انتهاك القرار 1701 خلال خطابه الأخير، يوم الأحد 25 أغسطس، إبان الرد العسكري الذي نفذته الجماعة ضد إسرائيل انتقاما لاغتيال الأخيرة أحد كبار قادته وهو فؤاد شكر، بقصف طاول الضاحية الجنوبية لبيروت.

الاعتراف الذي أقر به نصرالله يقول إن حزب الله نفذ رده وأطلق صواريخ من مناطق ضمن جنوب الليطاني، وهي منطقة عمل اليونيفيل التي يجب أن تكون أصلا خالية من الأسلحة والمسلحين بحسب القرار 1701.

لكن هل سيبقى القرار الأممي على حاله أم ستدخل عليه تعديلات، خاصة أن الحكومة اللبنانية تعلن بشكل مستمر ودائم تمسكها به وتطبيقه بالكامل كمدخل لإنهاء التوتر بين لبنان وإسرائيل.

المحلل السياسي اللبناني جوني منيّر قال لبلينكس "من المفترض إدخال توضيحات وتعديلات على آلية تطبيق بنود القرار 1701"، مشيرا إلى أن الأمور ستبقى على حالها إن لم تطرأ تعديلات جديدة توافق عليها الدولة اللبنانية.

منيّر توقف عند إعلان زعيم حزب الله إخلاء التنظيم منشآت في جنوب لبنان كانت تضم صواريخ باليستية، وقال "هناك ترتيبات في الخفاء حصلت نتيجة الضربة التي نفذها حزب الله الأحد الماضي. أيضا، في كلام نصرالله عن إخراج الصواريخ الدقيقة من الجنوب يشير إلى أن هناك محاكاة لشيء ما يحصل في الخفاء، مع العلم أن إسرائيل كانت تقول إن مشكلتها هي تلك الصواريخ التي كانت موجودة في جنوب لبنان".