"الأشياء الخفيفة".. هذا ما حمله لبنانيون قبل الخروج من "الضاحية"

يقول علي مهدي أحد سكان الضاحية الجنوبية: "لا أعلم كيف خرجنا من منزلنا، ما استطعنا التقاطه من الشقة أخذناه سريعا وهربنا لنترك كل شيء خلفنا"، يصف مهدي الليلة التي أمضوها تحت القصف بأنها "كانت رعبا غير مسبوق".

يقطن مهدي في منطقة الرحاب عند أطراف الضاحية الجنوبية، ومن هناك بدأ رحلة النزوح باتجاه الجامعة اللبنانية في منطقة اليونسكو.

بعض الأغراض الأساسية البسيطة والأموال حملها الرجل قبل خروجه هربا من المنزل، بينما لم يستطع أخذ معه أي شيء آخر.

يقول لبلينكس "منذ يومين، جهزت أوراقي الثبوتية ووالدتي وشقيقي، وما إن حصل القصف بُعيد منتصف الليل حتى حملت هذه المحفظة وخرجت ومعي بعض الأغراض الشخصية الخفيفة التي استطعت حملها".

من ناحيته، يقول يوسف وهبي لبلينكس إنه خرج من منطقة الجناح قرب الضاحية على متن سيارته الخاصة ومعه شقيقته ووالده، مشيرا إلى أنه "ترك الكثير من الأغراض وراءه، بينما تمكن من أخذ بعض الأموال فيما والدته كانت تحضر محفظة فيها مصوغاتها الذهبية".

يلفت وهبي إلى أنه ترك وراءه حاسوبه الخاص كما لم يستطع أخذ كافة أغراضه الخاصة، ويضيف "خرجنا كما نحنُ بسرعة، وتوجهنا فورا إلى منطقة زغرتا حيث أمضينا الليلة في إحدى مراكز الإيواء التي فتحت أبوابها للنازحين".

وتحولت شوارع الضاحية إلى ساحات حرب، مما دفع مئات العائلات للفرار؛ امتلأت الحدائق العامة بالنازحين، محولين إياها إلى مخيمات مؤقتة.

من منطقة الشيّاح في الضاحية الجنوبية لبيروت، اختار إبراهيم عطوي الهرب سيرا على الأقدام واللحاق بوالدته وشقيقته اللتين غادرتا باتجاه إحدى مناطق الشوف القريبة من بيروت.

تقول شقيقته إن إبراهيم غادر خلال القصف باتجاه منطقة الروشة في بيروت، واستغرق وصوله إلى هناك نحو ساعة ونصف، وتضيف "خرج من دون أموال أو أي شيء آخر، لم يأخذ معه شيء، خرج بملابسه".

ما عاينه إبراهيم حصل أيضا مع مُحسن نور الدين الذي غادر منزله في منطقة الليلكي حاملا مفتاح منزله فقط من دون أن يأخذ هاتفه الخاص أو أي شيء آخر.

إبنة ابراهيم، زينب، تحدثت عبر "بلينكس" واصفة اللحظات بـ"المخيفة"، وتضيف "والدي لم يخرج من المنطقة قبل ذلك، لكننا نزحنا قبله إلى منطقة إقليم الخروب. ما إن بدأ القصف حتى خرج من هناك مسرعا. بسبب الخوف لم يأخذ أي شيء معه، كما أن تركه لهاتفه جعلنا نعتبره من المفقودين".

وأردفت "بملابسه خرج والدي حتى أنه ترك أمواله وراءه وتوجه إلى كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية على متن سيارة أحد الأشخاص الهاربين أيضا. من هناك اتصل بنا وأخبرنا أنه بخير لكنه اضطر للعودة إلى الليلكي لتفقد المنزل وتبين أنه لم يتعرض للقصف".

تقطنُ سهى قطيش مع عائلتها عند أطراف الضاحية الجنوبية لبيروت، ومنذ الاستهداف الذي طال مقر حزب الله الرئيسي، مساء الجمعة، اتخذت الشابة قرارا بالمغادرة الفورية.

تقول قطيش التي تسكن بالقرب من منطقة الغبيري، لبلينكس إنها لم تعد تحتمل البقاء في منزلها: "لم أتحمل التوتر، فخلال ضربة الضاحية كنت متواجدة في مكان قريب من الغارة، سمعتُ الأصوات كلها وكانت اللحظات قاسية. عدت مسرعة إلى منزلي لنكون أمام ساعات أكثر صعوبة".

تتابع سهى "خلال ساعات الليل، القصف كان عنيفا، منزلنا قريب أيضا على محيط منطقة برج البراجنة التي هدد الجيش الإسرائيلي بقصفها وفعل ذلك. لم أنم لحظة بسبب القصف العنيف. لهذا السبب قررت سهى النزوح باتجاه إحدى بلدات جبل لبنان مع عائلتي وأقاربي".

من بلدة القماطية، جبل لبنان والتي تُشرف على بيروت، تابعت زهراء عزالدين قصف الضاحية الجنوبية طيلة ساعات الليل، ومن شرفة منزلها هناك، جلست تراقب الغارات.

تقول عز الدين لبلينكس إنها سمعت أنباء عن قصف منطقة برج البراجنة، فبادرت على عجل للاتصال بوالدها الذي يقطن هناك طالبة منه إخلاء المنزل فورا، وما هي إلا دقائق عديدة حتى بدأ القصف.

تكشف عز الدين أنها عاشت لحظات عصيبة عندما انقطع الاتصال مع والدها لبعض الوقت، لكنه تمكن في النهاية من الخروج باتجاه محلة السفارة الكويتية والانتقال إلى منطقة آمنة، وتضيف "خرج بصعوبة تحت الضربات، القصف كان عنيفا ومركزا، الساعات التي مرت لا يمكن وصفها نهائيا".

وفي منطقة الشويفات القريبة من بيروت، بقيت هبة الربيع متواجدة داخل منزلها، لكنها قضت ليلتها من دون نوم مع أفراد عائلتها، فيما الجميع يرتدي ملابس الخروج تأهبا لنزوح مُحتمل.

"أغراضنا جاهزة للهروب"، هذا ما قالته الربيع لبلينكس مضيفة: "أصوات القصف كانت عنيفة في منطقة الشويفات. ما جرى لم يكن متوقعا، إذ كنا نعتقد أن قصف الضاحية بالأمس كان الأخير خلال الليل، لكن ما ظهر هو أن جولة القتال استمرت".