صراعات
أقر البرلمان الإسرائيلي، الاثنين، قانونا يحظر على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) العمل داخل إسرائيل، مما أثار قلق بعض حلفاء إسرائيل الغربيين الذين يخشون أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل في قطاع غزة.
وزعم أعضاء الكنيست الذين صاغوا القانون إلى مشاركة البعض القليل من آلاف موظفي الأونروا في هجوم السابع من أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة وانتماء عدد قليل من الموظفين لحركة حماس وفصائل مسلحة أخرى.
أقرّ أعضاء الكنيست المشروع بغالبيّة 92 صوتا مقابل 10 أصوات معارضة.
كما أن ثمّة نصا ثانيا تمّ تبنّيه أيضا بغالبية كبيرة (89 مقابل 7) يحظّر على المسؤولين الإسرائيليين العمل مع الأونروا وموظفيها، ما من شأنه عرقلة أنشطتها إلى حد كبير.
وسيدخل القانونان حيز التنفيذ بعد 90 يوما من إقرارهما، وفق الكنيست.
وجاء التصويت في نفس اليوم الذي توغلت فيه الدبابات الإسرائيلية في بلدتين بشمال غزة ومخيم للاجئين، مما أدى بحسب مديرية الدفاع المدني الفلسطينية إلى تقطع السبل بنحو 100 ألف مدني.
يستهدف التشريع عمليات الوكالات في القدس الشرقية المحتلة ومن بينها التنظيف والتعليم والرعاية الصحية في أحياء بعينها.
وسيحرم التشريع أيضا العاملين في الوكالة من بعض المزايا الممنوحة للموظفين الدبلوماسيين بما في ذلك الإعفاءات الضريبية.
ويحظر التشريع على الأونروا العمل في إسرائيل، وتقطع العلاقات مع الوكالة وتعلنها "منظمة إرهابية".
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إنّ إسرائيل التي تفرض رقابة صارمة على دخول شحنات الإعانات الدولية "مستعدّة" لإيصال مساعدات إنسانية للقطاع.
وكتب على منصة إكس "نحن مستعدون للعمل مع شركائنا الدوليين لضمان استمرار إسرائيل في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بطريقة لا تهدد أمن إسرائيل".
في شهر ديسمبر الماضي، نشرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل تقريراً داخلياً لوزارة الخارجية الإسرائيلية يصف خطة من ثلاث مراحل لتدمير الأونروا.
نتنياهو أكد ذلك المسعى في لقائه مع السفراء حيث قال "حان الوقت لكي يفهم المجتمع الدولي والأمم المتحدة نفسها أن مهمة الأونروا يجب أن تنتهي. الأونروا تعمل على الاستدامة الذاتية، وهي تجدد نفسها أيضاً في رغبتها في إبقاء قضية اللاجئين الفلسطينيين حية".
فعداء إسرائيل لوكالة الأونروا ليس بالأمر الجديد، فمنذ عقود والحكومة الإسرائيلية تدفع باتجاه تفكيك المنظمة ونقل صلاحياتها في الأراضي الفلسطينية لمنظمات أممية أخرى.
السبب الرئيسي في هذا العداء هو اعتقاد الإسرائيليين بأن إنهاء الأونروا يعني إنهاء حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، فهي المنظمة المسؤولة عن توثيق حالات اللاجئين ومنحهم تلك الصفة بشكل قانوني ومستندات رسمية.
وكتبت حكومات الدول الأوروبية الأربع التي اعترفت بدولة فلسطين "إن عمل الوكالة ضروري ولا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لملايين الفلسطينيين، بخاصة في الوضع الحالي في غزة". واعتبرت هذه الدول أن التشريع الذي أقره البرلمان الإسرائيلي "يشكل سابقة خطرة جدا لعمل الأمم المتحدة".
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الوكالة التي تقدم خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ربما تمنع من مواصلة أداء عملها المكلفة به من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة إذا تم تنفيذ قانونين أقرهما الكنيست الإسرائيلي.
ووصف غوتيريش عمل (الأونروا) بأنه "ضروري"، وقال إن تنفيذ القوانين "يمكن أن تكون له عواقب مدمرة على اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو أمر غير مقبول".
وأضاف في بيان صدر يوم الاثنين: "لا يوجد بديل للأونروا".
تأسست الأونروا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949 لتقديم الإغاثة للفلسطينيين الذين فروا أو تم طردهم من منازلهم قبل وأثناء حرب 1948 التي تلت الإعلان عن تأسيس إسرائيل، بالإضافة إلى أحفادهم.
وتوظف الوكالة نحو 30 ألف شخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي مخيمات اللجوء الفلسطينية في الأردن ولبنان وسوريا.
وتكبدت الأونروا خسائر فادحة حيث قتل ما لا يقل عن 223 من موظفيها وتضرر أو تم تدمير ثلثي مرافقها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر ٢٠٢٣.
في وقت سابق من العام الجاري، شهد تمويل الوكالة تراجعا بعد الاتهام الإسرائيلي الذي طال 13 ألف موظّف في قطاع غزة، إذ زعمت تل أبيب ضلوع عدد من العاملين مع وكالة الأونروا في هجوم ٧ أكتوبر.
ودفعت هذه الاتهامات دولاً عدة أبرزها الولايات المتحدة، الى تعليق دعمها للوكالة الأممية، ما قوّض قدرتها على إيصال المساعدات الى القطاع الفلسطيني المحاصر. إلا أن بعض هذه الدول عاودت التمويل بعد ذلك.
ونهاية أبريل ٢٠٢٤ خلصت مجموعة تقييم مستقلة إلى أن إسرائيل لم تقدم "دليلا" على الاتهامات المزعومة، مشددة على أن الأونروا تواجه مشكلات تتصل بالتزام "الحياد" في غزة.
وطالت الاتهامات الإسرائيلية نحو 12 موظفاً من أصل 13 ألفاً يعملون مع الوكالة، ويعمل معها نحو 30 ألف شخص في فلسطين والأردن ولبنان وسوريا.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة