المشكلة الأساسية في هذه الملف هي أن الأموال التي رصدتها الدولة غير كافية لإتمام عملية رفع الأنقاض.
يوضح أبوشقرا لبلينكس أنّ المتعهدين رأوا أن المبالغ المنصوص عليها زهيدة جدا لقاء عمل شاق، مضيفا أن أمام المتخصصين في مجال رفع الردميات والبناء تحديات كثيرة يجب أخذها في عين الاعتبار خلال العملية منها مبان بحاجة للهدم، بالإضافة إلى محتويات الأنقاض من حديد وألومنيوم وغيرها من المواد التي تحتاج إلى فرز، وكذلك مسألة الذخائر غير المنفجرة التي تشكل خطرا على العمال وعمليات التدعيم وكلفة النقل إلى المكبات.
يشرح أبوشقرا أن كل هذه الأعمال لا يمكن تنفيذها بمبلغ يتراوح بين 3.65 و5 دولارات للمتر المكعب الواحد.
في المقابل، يقول شمس الدين إنَّ اعتماد "المناقصة" لمثل هذه الأعمال هو أمرٌ خاطئ، مشيرا إلى أنّه كان على الدولة اعتماد المزايدة وبيع الردميات للمتعهدين لأنها تتضمن الكثير من المواد القابلة لإعادة التدوير مثل الحديد والألومنيوم.
ويذكر شمس الدين أن على الحكومة إعادة النظر بالآلية المعتمدة، موضحا أن هناك مشاريع كثيرة في هذا الإطار يمكن الاستفادة من تجربتها للبناء عليها وبالتالي عدم التفريط بـ"الردم".
في هذا الإطار، يقول أبوشقرا إنه بالإمكان معالجة الردميات وإعادة تدويرها عبر طحنها واستخدامها كطبقة قبل تعبيد الطرقات، وبالتالي كان بإمكان الدولة الاستفادة مما يعرف بـ"الاقتصاد الدائري"، لكن هذا الأمر من الصعب تحقيقه في لبنان.
يقول أحمد بربيش، رئيس جمعية "السكراب" في لبنان والمتخصصة بجمع الخردة وتدويرها إن الأموال التي طرحتها الدولة لقاء رفع الأنقاض لا تساوي شيئا.
وفق بربيش، فإن الحد الأدنى لتكلفة نقل 12 مترا من الردم على متن شاحنة تبدأ من 60 دولارا، موضحا أنّ هناك تكاليف أخرى تتعلق بـ"الحفارات" والمازوت والعمال لم يجرِ احتسابها. ويضيف "كيف وضعت الدولة أموال رفع الردميات وتكلفتها؟.. الموضوع ليس علميا ومنطقيا على الإطلاق".
أيضا، يشدد بربيش عبر بلينكس على أن المتعهدين لا يمكنهم الاستفادة من الردميات في حال اشتروها من الدولة لأن غالبيتها باتت من دون حديد أو مواد قابلة للتدوير، مضيفا أن "أسعار الحديد متدنية الآن، إذ يصل سعر الطن إلى 220 دولارا وقد تم رفعه من مبان كثيرة مدمرة لاسيما في بيروت من خلال أشخاص كُثر يعملون على جمع الخردة بهدف بيعها".
ويكمل "كذلك، فإن الألومنيوم قابل للانصهار أكثر من الحديد وبالتالي فإن كمياته المستخرجة من الأنقاض قد تكون قليلة جدا، أي تبقى هناك الحجارة والركام وبعض الأمور الأخرى غير المهمة".
رئيس حزب البيئة العالمي ضوميط كامل يقول لبلينكس إن قرار رفع الأنقاض يحتاج إلى دراسات وأبحاث وليس بصورة عشوائية، موضحا أنّ قيمة الردميات تقدر بملايين الدولارات. ويشير إلى أنه "يمكن استخراج الرمال من هذه الأنقاض والاستفادة منها في البناء وتعبيد الطرقات وعمليات التشييد وغيرها. لهذا، فإن عملية طمرها وردمها يعني إهدار أموال وثروة هائلة".