"الحكومة".. أول اختبار "شائك" لرئيس لبنان الجديد

تقف الحكومة المنتظرة في لبنان أمام مهمات صعبة منها الأزمة المالية التي تمر بها البلاد وصولا إلى تطبيق القرار الدولي 1701 الذي يضمن وقفا لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بعد الحرب الأخيرة التي اندلعت بين البلدين منذ 8 أكتوبر 2023 وحتى 27 نوفمبر الماضي.

كذلك، فإن العهد الجديد يواجه مسألة شائكة ترتبطُ بـ"حزب الله" وما كان يقول عنه "مقاومة" الذي كان يحاول فرضه في خطط الحكومات السابقة والمعروفة بـ"البيان الوزاري".

يقول السياسي اللبناني، فارس سعيد، في حديث مع بلينكس، إن ما يُسمى بـ"المقاومة قد انتهى" ولا يمكن لحزب الله أن يفرض شيئا على أحد، مشيرا إلى أن "سلاح الحزب أثبت فشله في ردع إسرائيل وتاليا لا يمكن الحديث عن استخدام كلمة مقاومة في أي بيان وزاري لاحق".

وفي حديث مع بلينكس فسر خبراء ملف الحكومة على أنه مرتبط بما ستشهده المرحلة المقبلة من تطورات بعد انتخاب الرئيس، فمنهم من قال إنه سيتأثر حكما بالمناخ الدولي الذي مهد للرئاسة، ومنهم من قال إن البحث بشكل الحكومة ومضمون خطة عملها ما زال من المبكر الحديث عنه.

يحدد الدستور اللبناني عمل الحكومة عبر المادة 64 منه التي تقول إن رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم باسمها ويعتبر مسؤولا عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء.

الدستور يقول أيضا إن رئيس الحكومة يرأس مجلس الوزراء ويكون حُكما نائبا لرئيس المجلس الأعلى للدفاع، أي رئيس الجمهورية.

كذلك، يتولى رئيس مجلس الوزراء طرح سياسة الحكومة أمام مجلس النواب، كما أنه يعمل على إطلاع رئيس الجمهورية مسبقا على المواضيع التي يتضمنها جدول أعمال جلسات مجلس الوزراء وعلى المواضيع الطارئة التي سيتم بحثها.

وبحسب الدستور، تُجرى الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة إذ يتوجه النواب إلى قصر الرئاسة للقاء رئيس الجمهورية واقتراح اسم رئيس الحكومة أمامه.

وإثر ذلك، يقرر رئيس الجمهورية اللبنانية من يختار لرئاسة حكومته.

بعدها، يعلن مدير عام رئاسة الجمهورية تسمية رئيس مجلس الوزراء فيحضر الأخير إلى قصر الرئاسة في بعبدا، لتكليفه تشكيل الحكومة من قبل رئيس الجمهورية.

المادة 64 من الدستور تنص أيضا على أن الحكومة لا تمارس صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، أي أنها تقوم بتسيير مهامها بإطار ضيق وغير موسع وينحصر ذلك بالأعمال الإدارية العادية.

كما بات معروفا، فإن انتخاب الرئيس جاء بـ"تسوية دولية" قادتها الولايات المتحدة والسعودية، فيما وافقت الأطراف الداخلية بمعظمها على تسمية عون للرئاسة وانتخابه.

الأمر هذا سينسحب على رئاسة الحكومة المقبلة، وفق ما يقول السياسي اللبناني فارس سعيد لبلينكس الذي تابع أن "المناخ الدولي الذي أتى بجوزيف عون رئيسا سينسحب على الحكومة والإدارة اللبنانية".

وأضاف: "نحن الآن نشهد على مناخ سياسي جديد في المنطقة ولبنان، وهذا الأمر سينعكس حكما في شكل الحكومة الجديدة وعلى مسار عملها".

من ناحيته، يقول المحلل السياسي إبراهيم بيرم لبلينكس إنّ المرشح الجديد لرئاسة الحكومة لن يكون خارج فضاء التسوية الحالية، معتبرا أن ورقة تسمية رئيس مجلس الوزراء قد تكون بيد السعودية التي عززت حضورها السياسي في لبنان بشكل لافت وكبير خاصة على صعيد الملف الرئاسي.

وتابع بيرم: "هناك أسماء كثيرة تُطرح لهذه المهمة، لكن ما من شيء محسوم حتى الآن، لكن الأساس هو أن السعودية هي التي ستطرح مواصفات رئيس الحكومة المُقبل من أجل بدء عهد قوي يضع لبنان على السكة العربية مجددا".

بدوره، يعتقدُ المحلل السياسيّ اللبناني بشار خيرالله في حديث عبر بلينكس أنّ البحث بملف الحكومة ما زال سابقا لأوانه، موضحا أنّ الأساس يتعلق بشكل الحكومة ونوعها وبشخص رئيسها، موضحا: "كذلك، فإن التوازنات السياسية والحصص للكتل السياسية ضمن الحكومة ستلعب دورها، وكل ذلك مرهون بما ستشهده المرحلة المقبلة من مشاورات بين الأفرقاء السياسيين".

واعتبر خيرالله أن المناخ الدولي والعربي "إيجابي" جدا بالنسبة للبنان، موضحا أنّ الدول العربية تسعى لاحتضان لبنان وإخراجه من الشغور الذي يعيشه واستكمال المسار نحو إطلاق حكومة كاملة المواصفات.

منذ العام 2006 وإثر حرب يوليو بين لبنان وإسرائيل، كان هناك إصرار من قبل حزب الله على تضمين البيانات الوزارية للحكومات كلمة ما يسميه بـ"مقاومة"، زاعما أن بذلك يضمن وجوده وشرعنة عمله وتحركاته.

أما اليوم، وبعد الحرب الأخيرة التي شهدها لبنان مع إسرائيل منذ أكتوبر 2023 ولغاية 27 نوفمبر 2024 تاريخ وقف إطلاق النار، وإبان الخسائر العسكرية الكبيرة التي مُني بها حزب الله وتراجع قوته، تُطرح تساؤلات عن مدى إمكانية الأخير فرض هذا التضمين من جديد.

ويقول بيرم إن "مسألة (ما يسمى بـ) المقاومة لم تعد مهمة كما السابق"، معتبرا أن موضوع سلاح حزب الله دخل في لعبة جديدة غير واضحة المعالم إبان الحرب الأخيرة وبعد انتخاب الرئيس الجديد، موضحا: "من الآن، لا يمكن معرفة أي شيء بشأن مستقبل السلاح الذي ما زال موجود بحوزة الحزب والأمر مرهون بالتطورات والمشاورات والنقاشات الداخلية".

ومن ناحيته، يقول المحلل السياسي سيمون أبو فاضل في حديثه مع بلينكس إنّ البيان الوزاري المقبل "سيُسقط" كلمة "مقاومة" وبالتالي لن يكون هناك أي ذكر لها كما كان يجري سابقا، وأوضح: "الحكومة المقبلة ستكون أمام استحقاقات كثيرة وعدة ولديها مسؤوليات كبيرة والأساس هو التكامل بين رئيسها ورئيس الجمهورية".

أما المحلل السياسي اللبناني محمد علوش فيقول لبلينكس إن التسوية الرئاسية في لبنان لم تتطرق إلى مضمون البيان الوزاري، موضحا أنّ المرحلة المقبلة ستكون معنية بإيجاد استراتيجية دفاعية تؤدي إلى حماية لبنان وتراعي خصوصيته وسيادته.

وأكد: "من المبكر الحديث الآن عن مضمون بيان وزاري ومن تمكّن من ابتداع جُملٍ تضمنت عبارة مقاومة سابقا يمكنه الآن القيام بالأمر نفسه في البيان الذي ستضعه الحكومة المُقبلة".