ماذا يعني انسحاب أميركا من منظمة الصحة العالمية؟

تعتمد منظمة الصحة العالمية التي تأسست في عام 1948، وهي وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة والسلامة، على تقديم الدعم للدول والمجتمعات لتعزيز الصحة وخدمة الفئات الضعيفة.

وتوزع منظمة الصحة العالمية جهودها الدولية على 7 مناطق عالمية، للوصول إلى البلدان والمجتمعات الأشد حاجة إلى الدعم الصحي.

وتعد المنطقة الأفريقية، هي الأكثر حاجة إلى مساعدات المنظمة العالمية، إذ تعمل فرقها في الوقت الراهن في أكثر من دولة أفريقية لمواجهة تفشي الأمراض والأوبئة، ومن أبرزها "MPOX".

وتنتشر فرق منظمة الصحة العالمية في أغلب البلدان الأفريقية، وخاصة في الكونغو وتنزانيا، إذ تعمل في الوقت الحالي بمنطقة أويسو شمالي الكونغو لتحسين الأوضاع الصحية هناك.

وتساعد المنظمة البلاد الأفريقية على الوصول إلى الخدمات الصحية المناسبة، وتقدم الدعم للحكومات والمؤسسات المحلية، كما توجد في مناطق النزاعات المسلحة لتقديم الدعم.

وتعمل منطقة المنظمة في الشرق الأوسط على العديد من الملفات، كان أبرزها خلال الفترة الماضية، الوضع في غزة، وغياب الخدمات الصحية في ظل الحرب التي دمرت القطاع، إذ ساعدت في علاج المصابين بالداخل، وإجلاء بعضهم.

وقادت المنظمة حملة للتطعيم ضد مرض شلل الأطفال في قطاع غزة خلال الحرب التي توقفت وفقا لاتفاق بين حماس وإسرائيل في 19 يناير الجاري، لكن مع تخفيض الدعم المالي الذي تحصل عليه، بخروج أميركا، قد تتعطل بعض خدمات المنظمة مستقبلا.

وفي تقريرها الأخير 2022-2023، كشفت منظمة الصحة العالمية عن حصة الولايات المتحدة من الدعم المالي التي بلغت مليارا و284 مليون دولار أميركي، كأكبر الدول المانحة لها.

وينص القرار الذي اعتمده ترامب على "تعليق تحويل أي أموال أو دعم أو موارد حكومية أميركية مستقبلية إلى المنظمة"، الأمر الذي سيضعف الكثير من قدراتها لمساعدة الدول الأكثر حاجة.

اتهم ترامب قبل فوزه بالانتخابات الأميركية الأخيرة منظمة الصحة العالمية، أكثر من مرة، بأنها "لعبة في يد الصين"، لافتا إلى أن بكين لا تقدم الدعم الكافي للمنظمة بعكس أميركا.

وقال ترامب في لقاء سابق: "منظمة الصحة العالمية مثل آلة موسيقية في يد الصين، لقد قدمنا لها 500 مليون دولار، بينما تدفع بكين 38 مليونا فقط، ورغم ذلك، فهي تعمل لصالح الصين".

وخلال حديث له في حفل تنصيبه بالبيت الأبيض، الإثنين 20 يناير، قال ترامب: "منظمة الصحة العالمية احتالت علينا"، في إشارة إلى حصولها على أموال طائلة من واشنطن "أكثر بكثير" مما تدفعه الصين.

وحاول ترامب الانسحاب من المنظمة العالمية خلال ولايته الأولى، واتهمها بأنها كانت تحت تأثير الصين بشكل مفرط خلال المراحل الأول من تفشي وباء كوفيد.

وفي ظل جائحة فيروس كورونا عام 2020، قال ترامب إن المنظمة تفتقر بشكل مثير للقلق إلى إمكانية الاستقلال عن الصين، مؤكدا أنها قريبة للغاية من بكين، وفشلت في التعامل مع تفشي المرض عالميا.

واتهم ترامب المنظمة العالمية بتضليل العالم، عندما أعلنت أن الصين أخبرتها في بداية الجائحة، بعدم انتقال الفيروس من شخص إلى آخر، وفقا لما نشرته "بي بي سي".

أعلنت بكين في رد فعل سريع، الثلاثاء 21 يناير، مسؤوليتها الكاملة في تقديم الدعم اللازم لمنظمة الصحة العالمية لاستمرار عملها، بعد انسحاب أميركا.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، غوو جياكون، إن بلاده ستعمل على تعزيز دور منظمة الصحة العالمية، "وليس إضعافه".

ولم يعقب الوزير الصيني على الاتهامات الأميركية التي أطلقها ترامب حول سيطرة بكين على المنظمة العالمية وتحكمها الكامل بها، وتقديم الصين أموالا ضئيلة لها مقارنة بالدعم الأميركي.

واكتفى جياكون بالتأكيد على أن الصين "ستدعم كما فعلت دائما منظمة الصحة العالمية، والالتزام بمسؤوليتها"، مؤكدا أن الهدف وراء ذلك هو "الصحة البشرية".