انتهاكات الدنمارك ضد نساء غرينلاند.. ورقة ترامب الرابحة؟
في عام 2017، كسرت نيا ليبرث من غرينلاند حاجز الصمت عندما شاركت عبر فيسبوك قصة تركيب لولب رحمي لها وهي مراهقة دون علمها أو موافقة والديها، وهو إجراء نفذه أطباء دنماركيون كجزء من حملة لتقليل عدد السكان في غرينلاند.
هذه المعاناة قد تعزز رغبة الغرينلانديين في الاستقلال، وفقاً لتقرير حديث نشرته صحيفة
إل باييس الإسبانية، في خضم مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لضم الجزيرة التي يعتبرها ضرورية لـ "الأمن الدولي" مشيرًا إلى التهديدات المتزايدة من روسيا والصين.
برنامج قسري لتقليل عدد السكان
بين عامي 1966 و1970، خضعت نحو 4 آلاف و500 فتاة وامرأة من سكان غرينلاند، بعضهن لم تتجاوز أعمارهن 12 عاماً، لعملية تركيب أجهزة منع الحمل القسرية، وفقًا
لتقارير.
الهدف، كما أوضحت
دراسات لاحقة، كان الحد من النمو السكاني في الجزيرة لتخفيف الأعباء الاقتصادية على الدولة الدنماركية التي كانت تدير شؤون غرينلاند آنذاك.
الحملة التي أطلق عليها اسم "قضية اللولب" خلّفت آثاراً طويلة الأمد على النساء المتضررات، بدءاً من الآلام الجسدية الشديدة وصولاً إلى العقم الدائم. كثيرات منهن لم يكن على علم بوجود هذه الأجهزة أو وظيفتها، مما أدى إلى صدمات نفسية عميقة وصعوبات في الإنجاب لاحقاً.
شهادات شخصية تكشف الفاجعة
هيدفيغ فريدريكسن، التي استُدعيت إلى المستشفى وهي في الـ14 من عمرها، كشفت لصحيفة
الغارديان البريطانية عن تجربتها "المروعة".
قالت فريدريكسن إن الأطباء الدنماركيين لم يخبروها بعد خضوعها للإجراء، عن كيفية التعامل مع اللولب أو توقيت إزالته.
وأضافت أنها ظلت تعاني من آلام مستمرة، وعندما حاولت الإنجاب لاحقاً، واجهت مشاكل في الحمل بسبب الأضرار التي لحقت بجسدها نتيجة هذا الإجراء.
بولا لارسن، قالت إنها خضعت هي الأخرى للإجراء القسري عندما كان عمرها 14 عاماً، وإنها لا تزال تشعر بألم حاد في رحمها كمن يحمل "زجاجاً مكسورا" بداخله. وأوضحت لارسن أنها لم تتمكن من الإنجاب بسبب انسداد قناتي فالوب لديها نتيجة نزيف حدث بعد تركيب اللولب.
الاعتراف المتأخر والبحث عن العدالة
في سبتمبر 2022، قدمت رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن اعتذاراً علنياً، ووصفت ما حدث بأنه "غير إنساني وظالم وقاسٍ".
جاء الاعتذار بعد سنوات من المطالبات المستمرة من الضحايا والناشطين. ومع ذلك، استمرت النساء في الدعوة إلى تحقيق العدالة والتعويضات المالية، إذ رفعت 143 امرأة قضية جماعية يطالبن فيها بتعويض قدره 43 مليون كرونة دنماركية (4.9 مليون جنيه إسترليني).
التداعيات الاجتماعية والاقتصادية
تشكلت لجنة مشتركة من خبراء دنماركيين وغرينلانديين في عام 2022 للتحقيق في هذه الانتهاكات، ومن المتوقع صدور تقريرها النهائي في مايو 2025. ومع ذلك، أشار مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الشعوب الأصلية إلى أن هذه الممارسات ليست سوى جزء من تاريخ طويل من التمييز الهيكلي ضد شعب الإنويت في غرينلاند.
حتى اليوم، تعتمد غرينلاند بشكل كبير على الدنمارك في تقديم الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية. تُرسل الدنمارك نحو 600 مليون يورو سنويًا لدعم الاقتصاد والخدمات العامة، مما يجعل الاستقلال الكامل هدفاً بعيد المنال.