الشرع يتهم "دولة" بإشعال "الساحل".. ويؤكد: الدم السوري خط أحمر
قال الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع إن عمليات القتل الجماعي لأفراد من الطائفة العلوية التي ينتمي لها الرئيس المخلوع بشار الأسد تشكل تهديدا لجهوده للم شمل البلاد التي مزقتها الحرب، وتعهد بمعاقبة المسؤولين عنها حتى لو كانوا "أقرب الناس" إليه.
وفي أول مقابلة يجريها مع وكالة أنباء عالمية بعد 4 أيام من الاشتباكات العنيفة بين أفراد من الطائفة العلوية وقوات أمن تابعة للحكومة الجديدة، حمّل الشرع جماعات موالية للأسد يدعمها أجانب مسؤولية إشعال الأحداث الدامية لكنه أقر بأن أعمال قتل انتقامية وقعت في أعقاب ذلك.
لا نقبل سفك دماء السوريين
أوضح الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية لرويترز "لا نقبل أن يكون هنا قطرة دم تسفك بغير وجه حق أو أن يذهب هذا الدم سدى دون محاسبة أو عقاب. مهما كان حتى لو كان أقرب الناس إلينا وأبعد الناس إلينا. لا فرق في هذا الأمر. الاعتداء على حرمة الناس، الاعتداء على دمائهم أو أموالهم، هذا خط أحمر في سوريا".
الاتصالات مع واشنطن والعلاقات مع موسكو
قال الشرع إن الأمن والازدهار الاقتصادي مرتبطان بشكل مباشر برفع العقوبات الأميركية التي فرضت على نظام الأسد. وأوضح بالقول "فلا نستطيع أن نقوم بضبط الأمن في البلد والعقوبات قائمة علينا".
لكن لم يحدث أي اتصال مباشر مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال ما يقرب من شهرين منذ بداية ولايته، وسط شكوك حول انتماء الشرع في السابق لتنظيم القاعدة.
وردا على سؤال حول السبب في ذلك قال "الملف السوري يعني ليس على قائمة أولويات الولايات المتحدة الأميركية، وأعتقد هذا السؤال يجب أن يوجه لهم. سوريا بابها مفتوح للتواصل".
في الوقت نفسه، تجري سوريا محادثات مع موسكو بشأن وجودها العسكري في القاعدتين العسكريتين الاستراتيجيتين في البحر المتوسط، قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية.
وقال الشرع إن موسكو ودمشق اتفقتا على مراجعة كل الاتفاقات السابقة بين الدولتين، لكن لم يتوفر الوقت الكافي حتى الآن للخوض في التفاصيل.
وأضاف "لا نريد أن يكون هناك قطيعة بين سوريا وروسيا ولا نريد أن يكون التواجد الروسي في سوريا يسبب خطر أو تهديد لأي دولة في العالم ونريد أن نحافظ على هذه العلاقات الاستراتيجية العميقة".
وأشار الشرع إلى أن العلاقات مع موسكو بالغة الأهمية، وقال" كنا نتحمل القصف ولا نستهدفهم بشكل مباشر حتى نفسح المجال ما بعد التحرير أن يكون هناك جلسات وحوار بيننا وبينهم".
ورفض تأكيد ما إذا كان قد طلب من موسكو تسليم الأسد.
منذ الإطاحة بالأسد، اشتبكت جماعات تدعمها تركيا مع قوات كردية تسيطر على أغلب شمال شرق سوريا الغني بالنفط.
ولم تبسط دمشق بعد سيطرتها وسلطتها على المنطقة في ظل محادثات تجري مع مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والذي قال إن أعمال العنف التي شهدتها البلاد مؤخرا تبرر مخاوفهم من فكرة اندماجهم مع القوات الحكومية. وقال الشرع إنه يريد حلا عبر التفاوض وإنه سيلتقي بعبدي.
رفض الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية التهديدات الإسرائيلية العدائية المتزايدة ووصف تعليقات كاتس بشأن ماضيه بأنها "كلام فارغ".
وقال الشرع "هم آخر من يتحدث"، في إشارة إلى قيام إسرائيل بقتل عشرات الآلاف في قطاع غزة ولبنان على مدى 18 شهرا.
من المتورط في اشتعال أحداث الساحل؟
قال الشرع إن موالين للأسد ينتمون إلى الفرقة الرابعة للجيش السوري التي يقودها ماهر شقيق بشار الأسد، وقوة أجنبية متحالفة هم من أشعلوا فتيل الاشتباكات يوم الخميس لإثارة الاضطرابات وخلق الفتنة الطائفية "لكي يصلوا إلى حالة من زعزعة الاستقرار والأمان في داخل سوريا".
ولم يحدد القوة الأجنبية، لكنه أشار إلى الأطراف التي خسرت من الواقع الجديد في سوريا، في إشارة واضحة إلى إيران حليفة الأسد منذ فترة طويلة، التي لا تزال سفارتها في دمشق مغلقة.
وذكر الشرع أن 200 من أفراد قوات الأمن قتلوا في الاضطرابات، في حين رفض الإفصاح عن إجمالي عدد القتلى في انتظار التحقيق الذي ستجريه لجنة مستقلة أعلن عنها أمس الأحد.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو جماعة تراقب الحرب مقرها بريطانيا، إنه حتى مساء أمس الأحد قُتل ما يصل إلى 973 مدنيا علويا في هجمات انتقامية، بعد اشتباكات قُتل فيها أكثر من 250 مقاتلا علويا وما يزيد على 230 من أفراد قوات الأمن.
الشرع: يضيق قلبي في هذا القصر
كان صوت الشرع، 42 عاما، وهو ابن لرجل ينتمي للتيار القومي العربي، يتجاوز بالكاد حد الهمس في بعض الأحيان خلال المقابلة التي أجريت معه بعد منتصف ليل أمس.
وقال الشرع "بصراحة، يضيق قلبي في هذا القصر. في كل زاوية منه، استغرب كيف خرج كل هذا الشر منه تجاه هذا المجتمع".
والاضطرابات في الأيام القليلة الماضية، التي تعد أشد موجات العنف دموية منذ الإطاحة بالأسد، أكبر انتكاسة له في سعيه للحصول على الشرعية الدولية، لرفع العقوبات الأميركية وغيرها من العقوبات الغربية بالكامل وتأكيد حكمه على بلد مزقته حرب استمر نحو 14 عاما.
"العنف يعرقل مساعي لم الشمل"
وأقر الشرع بأن العنف الذي شهدته الأيام الماضية يهدد بعرقلة مساعيه للم شمل سوريا. وقال الشرع "الحدث الذي حصل من يومين سيؤثر على هذه المسيرة، وسنعيد ترميم الأوضاع إن شاء الله بقدر ما نستطيع".
ولتحقيق هذه الغاية شكل الشرع "لجنة مستقلة"، وهي أول هيئة يشكلها تضم علويين، للتحقيق في عمليات القتل في غضون ثلاثين يوما وتقديم الجناة للمساءلة. وأضاف أنه تم تشكيل لجنة ثانية للمحافظة على السلم الأهلي والمصالحة بين الناس "لأن الدم يأتي بدم إضافي".
ورفض الشرع الرد على سؤال حول ما إذا كان المقاتلون الأجانب أو الفصائل الإسلامية المتحالفة الأخرى أو أفراد قوات الأمن الحكومية تورطوا في عمليات القتل الجماعي، وقال إن الأمر متروك للتحقيق.
وتداول سوريون على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مروعة لعمليات إعدام نفذها مقاتلون، وتحققت رويترز من بعضها بما في ذلك مقطع يظهر ما لا يقل عن 20 قتيلا في إحدى البلدات.
وقال الشرع إن لجنة تقصي الحقائق ستفحص اللقطات.
وهزت أعمال القتل اللاذقية وبانياس وجبلة وهي المدن الساحلية السورية الرئيسية، مما أجبر الآلاف من العلويين على الفرار إلى القرى الجبلية أو عبور الحدود إلى لبنان.