صراعات‎

"مطرقة الليل".. أسرار عملية الخداع الأميركية لضرب نووي إيران

نشر
blinx
في واحدة من أكثر العمليات العسكرية تعقيدا وسرية، تبرز خطة الخداع الأميركية كعنصر حاسم في نجاح الضربة الجوية التي استهدفت منشآت إيران النووية فجر السبت.
لم تكن هذه العملية مجرد استعراض للقوة النارية، بل استخدمت الخداع والمناورة، ما مكّن واشنطن من تحقيق عنصر المفاجأة التام، وتوجيه ضربة وصفت بأنها "ساحقة" لطموحات إيران النووية، حسب ما كشف وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، في مؤتمر صحفي ظهر اليوم الأحد.

كيف ضللت واشنطن طهران؟

بدأت ملامح الخطة تتضح مع تحرك قاذفات الشبح B-2 من قاعدة وايتمان في ميزوري عند منتصف ليل الجمعة. لكن، بدلاً من التوجه مباشرة نحو الشرق الأوسط، اتجه جزء من هذه القاذفات غرباً فوق المحيط الهادئ، في خطوة لم تكن عبثية.
وصُمم هذا المسار ليكون طُعماً استخباراتياً، بهدف إرباك أنظمة الرصد الإيرانية والأقمار الصناعية، وإيهام طهران بأن التحركات الأميركية روتينية أو بعيدة عن المنطقة، بحسب تصريحات الجنرال دان كين رئيس هيئة الأركان المشتركة في مؤتمر صحفي عقد في البنتاغون اليوم الأحد.

"مطرقة الليل" السريّة

الجنرال دان كين، أوضح في المؤتمر أن عملية "مطرقة منتصف الليل" كانت سرية للغاية حيث لم يعلم سوى قلة قليلة في واشنطن بتوقيت أو طبيعة الخطة".
وكشف أنه لم يعلم الكثير من كبار المسؤولين في الولايات المتحدة بها إلا مساء أمس من خلال أول منشور للرئيس دونالد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي.
في الوقت نفسه، تقدمت الحزمة الرئيسية المكونة من 7 قاذفات B-2 بهدوء نحو الشرق، مع الحد الأدنى من الاتصالات، لتبقى بعيدة عن أنظار الرادارات الإيرانية.
ولم تقتصر الخطة على هذا التحرك فقط، بل شملت أيضاً نشر مقاتلات شبحية من الجيلين الرابع والخامس، F-22 وF-35، لحماية القاذفات الرئيسية، بينما عملت طائرات التزود بالوقود والاستطلاع على دعم العملية من مسافات بعيدة. كل ذلك تم بتنسيق دقيق وسرية شبه مطلقة، ما سمح للطائرات الأميركية باختراق الأجواء الإيرانية دون أن تستشعرها أنظمة الدفاع الجوي أو المقاتلات الإيرانية.

بعد الجو.. توقيت خادع ورسائل متضاربة

لم تقتصر الخطة على الخداع الجوي فقط، بل امتدت إلى التصريحات السياسية وتكتيكات الحرب النفسية. فقبل يومين فقط من الهجوم، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه سيقرر "خلال الأسبوعين المقبلين" ما إذا كان سيمضي قدماً في الخيار العسكري ضد إيران.
أعطى هذا التصريح انطباعاً زائفاً بأن أي تحرك وشيك مستبعد، خاصة في ظل الحديث عن احتمالات العودة إلى المفاوضات. هذا التوقيت المضلل لعب دوراً محورياً في مفاجأة العالم، حيث رصدت وسائل إعلام أميركية مغادرة 6 قاذفات B-2 من ميزوري صباح السبت، مع توقعات بأنها لن تصل إلى إيران قبل مساء الأحد، الأمر الذي عزز الاعتقاد بأن التحركات الأميركية ليست مرتبطة بضربة وشيكة.

التنفيذ: مفاجأة كاملة وضربة مركزة

عند دخول الحزمة الرئيسية من القاذفات الأجواء الإيرانية، نفذت القوات الأميركية سلسلة من المناورات المعقدة لتنسيق الهجوم. فقد التقت القاذفات مع أسراب من المقاتلات الداعمة وطائرات الاستطلاع في لحظة محسوبة بدقة، مع الحفاظ على الحد الأدنى من الاتصالات لتقليل فرص الرصد.
وخلال 25 دقيقة فقط، أسقطت القاذفات 14 قنبلة خارقة للتحصينات Massive Ordnance Penetrator (MOP) على منشأتي فوردو ونطنز، بينما أطلقت غواصة أميركية أكثر من 24 صاروخ توماهوك على منشأة أصفهان.
هذه القنابل، التي يبلغ وزن الواحدة منها 15 طنا، صُممت خصيصاً لاختراق التحصينات الخرسانية العميقة التي تحمي أجهزة الطرد المركزي الإيرانية.
بفضل الخداع المحكم، لم تسجل أي محاولة تصدٍ جوي إيراني فعّال، ولم تتعرض الطائرات الأميركية لأي تهديد يُذكر أثناء تنفيذ الضربة أو انسحابها من الأجواء الإيرانية، حسب ما ذكر موقع CBS News.

البنتاغون يتباهى بخطة الخداع

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أكد في إفادته للصحفيين الأحد أن "الهجمات الأميركية لم تستهدف القوات الإيرانية أو الشعب الإيراني، بل ركزت حصرياً على القضاء على طموحات إيران النووية".
وأضاف: "العملية حققت نجاحاً مذهلاً وساحقاً، إذ قضت على طموحات إيران النووية وأظهرت للعالم أن الردع الأميركي قد عاد".
من جانبه، وصف الجنرال دان كين، العملية بأنها "تطلبت عمليات خداع وأعلى درجات السرية العملياتية"، مشيراً إلى أن التنسيق بين الحزم الجوية والدعم اللوجستي والاستخباراتي كان بالغ الدقة، وسمح بتحقيق المفاجأة الكاملة في واحدة من أكثر المناطق تحصيناً في العالم.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة