صراعات‎

ضجيج الغارات وصمت القادة.. "أزمة اتصالات" تعرقل الرد الإيراني

نشر
blinx
بعد الهجوم الأميركي على منشآتها النووية، تواجه إيران تحديًا كبيرًا في تحديد كيفية الرد، وسط صعوبة واضحة في الاتصالات بين كبار المسؤولين الإيرانيين.
وفي ظل الظروف الراهنة، تُعد مسألة اختيار الرد مسألة وجودية، إذ أن تصعيد النزاع قد لا يقتصر على زيادة العنف فقط، بل قد يهدد بقاء النظام الإيراني ذاته، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست.
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أعلن الأحد أن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، مشيرًا إلى أن واشنطن "تثبت أنها لا تفهم سوى لغة التهديد والقوة"، موضحا أن الولايات المتحدة اختارت "عملية عسكرية خطيرة وعدوانًا ضد الشعب الإيراني"، محذرًا من "عواقب دائمة".
لكن مع مرور أكثر من 10 أيام على القصف الإسرائيلي، تبدو القدرة على التواصل بين المسؤولين الإيرانيين ونظرائهم في الخارج مقيدة بشدة. أحد المسؤولين الأوروبيين، المطلع على الملف، يقول للصحيفة إن المكالمات المجدولة بين كبار المسؤولين الإيرانيين ونظرائهم الأجانب تأجلت أو ألغيت مرات عدة بسبب مشاكل في الاتصال.
هذا العائق في الاتصالات قد يؤثر بشكل مباشر على سرعة اتخاذ القرار، ما يعقد قدرة إيران على الرد بسرعة وفعالية.
رغم ذلك، يشير خبراء إلى أن إيران كانت مستعدة نفسيًا لهذا السيناريو منذ فترة، حيث أُتيح لها وقت للتفكير في خياراتها قبل بدء المواجهة.
البروفسور ولي نصر من جامعة جونز هوبكنز يقول إن الرد الإيراني لن يكون "قرارًا مفاجئًا"، مضيفًا أن إيران قد تحاول تخفيف تداعيات الضربة من خلال التحذير المسبق أو تصعيد ضرباتها على إسرائيل بطريقة تحفظ ماء وجهها دون تصعيد إضافي مع الولايات المتحدة.

دمار فوردو فوق الأرض.. لكن ما الذي يختفي تحتها؟

وعن الضربة ونتائجها، يقول خبراء إن صور أقمار صناعية تجارية تشير إلى أن الهجوم الأميركي على محطة فوردو النووية الإيرانية ألحق أضرارا بالغة وربما دمر الموقع وأجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم التي كان يضمها، لكن لا يوجد تأكيدات.
ديفيد أولبرايت، وهو مفتش نووي سابق بالأمم المتحدة ويرأس معهد العلوم والأمن الدولي يقول "اخترقوا الجبل بالقنابل الخارقة للتحصينات".
يضيف المفتش النووي السابق لوكالة رويترز "أتوقع أن تكون المنشأة دمرت على الأرجح".
لكن ديكر إيفليث، الباحث المساعد في "سي.إن.إيه" والمتخصص في صور الأقمار الاصطناعية، يشير إلى أن حجم الدمار تحت الأرض لا يمكن تحديده. مضيفا أن المنطقة التي تحتوي على مئات من أجهزة الطرد المركزي "مدفونة بعمق كبير جدا بالنسبة لنا لتقييم مستوى الضرر باستخدام صور الأقمار الصناعية".
وللحماية من هجمات مثل تلك التي نفذتها القوات الأميركية في وقت مبكر من أمس الأحد، أخفت إيران الكثير من برنامجها النووي في مواقع محصنة في أعماق الأرض، بما في ذلك داخل جبل في فوردو.
وتظهر صور الأقمار الصناعية 6 ثقوب يبدو أن القنابل الخارقة للتحصينات أحدثتها في الجبل.

نشاط غير اعتيادي قبل الضربة

يقول عدد من الخبراء إن إيران نقلت على الأرجح مخزونا من اليورانيوم العالي التخصيب والقريب من درجة صنع الأسلحة من فوردو قبل الضربة، وربما أخفته مع مكونات نووية أخرى في مواقع غير معروفة لإسرائيل والولايات المتحدة والمفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة.
وأشاروا إلى صور التقطتها شركة ماكسار بالأقمار الاصطناعية تظهر "نشاطا غير اعتيادي" في فوردو يومي الخميس والجمعة، ووجود عدد كبير من المركبات كانت تنتظر أمام مدخل المنشأة.
مصدر إيراني رفيع المستوى أخبر رويترز أمس الأحد إن معظم اليورانيوم العالي التخصيب الذي يقترب من درجة صنع الأسلحة النووية بنسبة 60٪ نقل إلى مكان آخر قبل الهجوم الأميركي.
يقول جيفري لويس، من معهد ميدلبري للدراسات الدولية "لا أعتقد أنه يمكنك بثقة كبيرة أن تفعل أي شيء سوى تأخير برنامجهم النووي ربما لبضع سنوات، من شبه المؤكد أن هناك منشآت لا نعرف عنها شيئا".
وعبّر مارك كيلي، السيناتور الديمقراطي عن ولاية أريزونا وعضو لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ والذي أكد أنه يراجع معلومات المخابرات يوميا، عن نفس القلق.

هل تسبب محاولة إيقاف فوردو في تسريع نشاطه؟

يجيب السيناتور مارك كيلي لشبكة إن.بي.سي نيوز "خوفي الأكبر حاليا هو أن يُخفوا البرنامج بأكمله، ليس تحت الأرض فعليا، بل بعيدا عن أعين المراقبي، هناك احتمال أن تسبب محاولات إيقافه في تسريع وتيرته".
وتصر إيران على أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية.
وتحدثت رويترز إلى 4 خبراء اطلعوا على صور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركة ماكسار لموقع فوردو، والتي تظهر 6 ثقوب متباعدة بدقة ومقسمة على مجموعتين على سلسلة الجبال التي يُعتقد أن المنطقة التي تحتوي على أجهزة الطرد المركزي تقع أسفلها.
الجنرال دان كين، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، أخبر الصحفيين إن 7 قاذفات من طراز بي-2 أسقطت 14 قنبلة من طراز "جي.بي.يو-57/بي" الخارقة للتحصينات، وهي قنابل دقيقة التوجيه قال تقرير صادر عن الكونغرس عام 2012 إنها تزن 15 طنا، ومصممة للاختراق لمسافة تصل إلى 200 قدم في منشآت محصنة تحت الأرض مثل فوردو.
وأضاف كين أن التقييمات الأولية تشير إلى أن المواقع تضررت بشدة، لكنه أحجم عن التكهن بما إذا كانت المنشآت نووية لا تزال سليمة.
وقال إيفليث إن صور ماكسار وتعليقات كين تشير إلى أن قاذفات بي-2 أسقطت حمولة أولية من ست قنابل على فوردو، أعقبها "ضربة مزدوجة" بست قنابل أخرى في نفس المواقع.
وأضاف أن عملية مطرقة منتصف الليل استهدفت أيضا المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في نطنز ومنشأة أصفهان، حيث يوجد أكبر مركز للأبحاث النووية في البلاد. وهناك مواقع أخرى ذات صلة بالأنشطة النووية بالقرب من المدينة.
وكانت إسرائيل قصفت بالفعل نطنز ومركز أصفهان للأبحاث النووية في حربها المستمرة منذ عشرة أيام مع إيران.

أين ذهبت أجهزة الطرد المركزي؟

وشكك أولبرايت في استخدام الولايات المتحدة لصواريخ كروز في أصفهان، قائلا إن هذه الأسلحة لا تستطيع اختراق مجمع أنفاق بالقرب من مركز الأبحاث النووية الرئيسي، والذي يعتقد أنه أعمق من فوردو.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن مداخل الأنفاق "تأثرت".
وأشار إلى أن إيران أبلغت الوكالة مؤخرا بأنها تخطط لإنشاء محطة جديدة لتخصيب اليورانيوم في أصفهان.
وقال "ربما يكون هناك ما بين 2000 إلى 3000 جهاز طرد مركزي إضافي كان من المقرر تركيبها في محطة التخصيب الجديدة. أين هي؟".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة