صراعات‎

"الزفاف الأحمر".. الهجوم الإسرائيلي الذي أنجحه خطأ إيراني

نشر
blinx
في منتصف ليل 13 يونيو، اجتمع كبار قادة الجيش الإسرائيلي داخل مخبأ محصّن أسفل مقر قيادة سلاح الجو، يراقبون عبر الشاشات لحظة انقضاض المقاتلات على العاصمة الإيرانية طهران، ضمن هجوم خاطف أطلق عليه الجيش الإسرائيلي اسم "عملية نارنيا".
بعد ساعات فقط، وعلى بُعد أكثر من 1600 كيلومتر، كان كبار قادة الجيش الإيراني قد قُتلوا، في مشهد ذكّر الكثيرين بمجزرة "الزفاف الأحمر" في مسلسل "صراع العروش".
وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير مطول تفاصيل العملية التي بدأت ليل 13 يونيو وانتهت بعد ١٢ يوما بإعلان أميركي عن وقف لإطلاق النار

عملية من الخيال تتحول إلى واقع

ذلك الهجوم لم يكن سوى الجزء الأول من خطة أكثر تعقيداً وأقرب إلى الخيال، حيث تم اغتيال ٩ من كبار العلماء النوويين الإيرانيين بشكل متزامن داخل منازلهم في طهران.
حتى مخطّطو العملية أنفسهم اعتبروها شبه مستحيلة التنفيذ، لكن المفاجأة أن كل عناصرها نفذت بدقة متناهية. وقد تطلّب إنجاح هذه الضربات استخدام أساليب خداع معقدة للحفاظ على عنصر المباغتة، وكادت الخطة تنهار في لحظاتها الأخيرة قبل أن تستعيد مسارها بشكل مذهل.

تحضيرات بدأت منذ التسعينيات

الاستعداد لهذه اللحظة بدأ منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، حين رصدت الاستخبارات الإسرائيلية بوادر برنامج إيران النووي. منذ ذلك الحين، شرعت تل أبيب في إنشاء شبكة تجسس عميقة داخل الأراضي الإيرانية نفذت عمليات تخريب واغتيال، لكنها لاحقًا خلصت إلى أن هذه الجهود ليست كافية، وأنه لا بد من ضربة جوية حاسمة تستهدف المنشآت والعقول العلمية في آنٍ معًا.
المشكلة كانت أن الأهداف تقع على بعد أكثر من ألف ميل، ما تطلّب تدريب الطيارين على الطيران لمسافات بعيدة في تشكيلات معقّدة، مع التزود بالوقود عدة مرات في الجو، وإطلاق الصواريخ ضمن فارق زمني لا يتجاوز 15 ثانية لضمان التدمير الكامل.

تدريبات خارج الحدود

نظرًا لصغر مساحة الأجواء الإسرائيلية، تم تنفيذ تدريبات واسعة في اليونان عام 2008 ضمن "عملية الأسبرطي المجيد"، بمشاركة أكثر من 100 طائرة حربية. ومع ذلك، تم إجهاض محاولات الهجوم في السنوات التالية بسبب معارضة سياسية داخلية وخشية من التبعات الدولية، وخصوصًا إغضاب واشنطن التي كانت تفضّل الحلول الدبلوماسية.

طروف تسهل الهجوم

الهجوم تغيّر جذريًا بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، حيث شنّت إسرائيل حربًا استنزافية ضد الحركة، ووسّعت عملياتها ضد حزب الله في لبنان، ما أضعف النفوذ الإيراني في سوريا ومهّد لسقوط النظام هناك. هذا التطور الاستراتيجي سمح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق فوق سوريا بحرية لأول مرة منذ عقود، بينما كانت شبكات الموساد داخل إيران قد وصلت إلى درجة غير مسبوقة من الاختراق.

الإعداد اللوجستي و"قائمة الموت"

في نوفمبر 2024، اجتمع 120 ضابطًا وخبيرًا من الاستخبارات وسلاح الجو لوضع قائمة الأهداف النهائية.
شملت القائمة أكثر من 250 هدفًا من منشآت نووية، ومخازن صواريخ، وقادة عسكريين، وعلماء نوويين.
ولتأمين التفوق الجوي الإسرائيلي منذ اللحظة الأولى، تم الاستعانة بالموساد لتخطيط شبكة دقيقة من الهجمات بطائرات رباعية صغيرة محمّلة بالمتفجرات تم تهريبها إلى الداخل الإيراني، وزُرعت قرب بطاريات الدفاع الجوي ومواقع إطلاق الصواريخ.

خداع إعلامي محكم ومفاجأة ميدانية

في 9 يونيو، اتخذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القرار النهائي، وبدأت حملة تمويه إعلامية محكمة.
أُعلن أنه في إجازة شخصية لحضور زفاف ابنه، دون أن يكون حتى ابنه أو زوجته على علم بالخطة.
بالتوازي، سُرّبت تقارير عن خلاف مزعوم بين نتنياهو وترامب بشأن جدوى الهجوم. وفي يوم العملية، خرج ترامب ليعلن أن الولايات المتحدة "قريبة من التوصل لاتفاق" مع إيران، مؤكدًا أن الوقت ليس مناسبًا للهجوم، فيما كانت الطائرات الإسرائيلية قد بدأت بالإقلاع بالفعل.

"الزفاف الأحمر".. خطأ إيراني أنجح العملية

الركيزة الأساسية للخطة كانت القضاء على قيادة القوات المسلحة الإيرانية دفعة واحدة.
لكن قبل التنفيذ بدقائق، لاحظ الإسرائيليون أن قادة سلاح الجو الإيراني بدأوا بالتحرك. خشي القادة في المخبأ الإسرائيلي من انكشاف العملية.
غير أن المفاجأة كانت أن هؤلاء القادة اجتمعوا في موقع واحد، ما سهّل الضربة عليهم.
خلال دقائق، انطلقت الصواريخ الإسرائيلية لتصيب هدفها، تزامنًا مع ضرب منازل العلماء النوويين. ورغم أن العملية بدت خيالية في تخطيطها، إلا أنها نجحت بشكل شبه كامل.
بعد الضربة الأولى التي استمرت نحو أربع ساعات، واصلت إسرائيل عمليات القصف، مستهدفة منشآت نووية، ومصانع صواريخ، وقادة عسكريين، وعلماء إضافيين. واستمرت الضربات 12 يومًا، قبل أن يُعلن وقف إطلاق النار.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة