صراعات‎

كيف دفعت بريطانيا ثمن عقدين في أفغانستان بـ"إيميل"؟

نشر
blinx
 &  & 
تتفاعل قضية تسريب بيانات متعلقة بآلاف الأفغان في أروقة "10 داوننغ ستريت" بلندن، بعد كشف تفاصيل عن أكثر من 100 بريطاني، بينهم جواسيس وعناصر في القوات الخاصة، كانوا ضالعين في عملية سرّية لنقل آلاف الأفغان إلى بريطانيا.
وقالت مصادر في وزارة الدفاع البريطانية إن قاعدة البيانات المسربة تضمنت معلومات مفصلة عن جواسيس تابعين لجهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني (MI6) وأفراد من القوات الجوية الخاصة وقوات خاصة أخرى، وذلك بعد أن دعموا طلبات تقدّم بها أفغان للانتقال إلى بريطانيا.
وفي بيان صدر الثلاثاء، وبعدما ألغت المحكمة العليا في لندن الثلاثاء أمرا بحظر نشر أي تقارير عنها، عبر وزير الدفاع جون هيلي عن "أسفه العميق" باسم الحكومة البريطانية عن حادثة تسريب البيانات.
وكان تقرير كشف أن حكومة المحافظين السابقة في بريطانيا، لجأت لأمر قضائي متشدد يعرف بـ "الأمر القضائي المانع" لوضع برنامج سري بكلفة ملياري جنيه لإعادة توطين 15 ألف أفغاني، بينهم كثير ممن عملوا مع القوات البريطانية، بعد تسريب بياناتهم عن طريق الخطأ في عام 2022، ونشرت مقتطفات منها على الإنترنت.
ووفق صحيفة "الغارديان" فقد أُنشئت مبادرة "مسار الاستجابة الأفغانية" (ARR) على عجل بعد أن اتضح أن معلومات شخصية لقرابة 19 ألف أفغاني تقدموا بطلبات للهجرة إلى بريطانيا قد سُرّبت عن طريق الخطأ من قِبل مسؤول في وزارة الدفاع البريطانية في أوائل عام 2022.
وفي أغسطس 2023، علمت وزارة الدفاع بالاختراق بعد نشر البيانات على مجموعة على فيسبوك، وتقدمتا بطلب إلى المحكمة العليا للحصول على أمر قضائي، وهو الأول الذي تسعى إليه حكومة بريطانية- لمنع أي إفصاح إعلامي آخر.
وكشفت حكومة حزب العمال الحالية أن مراجعة الوضع استغرقت عامًا منذ تولي السلطة، وأنّ القرارات اتُخذت بعد تكليف بول ريمر، وهو موظف حكومي متقاعد، بإجراء مراجعة، وقد عُرضت استنتاجاته على المحكمة العليا وتمّ نشرها.
وخلص تقرير ريمر إلى أنّ استحواذ طالبان على مجموعة البيانات "من غير المرجح أن يُغير بشكل كبير مستوى تعرض الفرد الحالي للخطر، بالنظر إلى حجم البيانات المتاحة بالفعل"، محذرا من أن الكلفة المرصودة لإعادة التوطين تثير تساؤلات في وقت تعاني بريطانيا من ضغوط حادّة في نظام الإسكان المحلي والمستويات القياسية من التشرد.

اعتذار وزير الدفاع

وفي بيانٍ أمام مجلس العموم، قدّم جون هيلي، وزير الدفاع، "اعتذارًا صادقًا" عن اختراق البيانات، قائلا إنه شعر "بقلقٍ عميق إزاء انعدام الشفافية" حول اختراق البيانات، و"بقلقٍ عميقٍ لعدم إبلاغه المجلس".
واعتبر هيلي أن تسريب بيانات المخطط الأفغاني كان "خطأً وزاريًا جسيمًا"، موضحا أمام مجلس العموم أنه أُطلع لأول مرة على الموضوع عندما كان في المعارضة في ديسمبر 2023 من قِبل وزير الدفاع في حكومة المحافظين جيمس هيبي، حيث "صدر له أمر قضائي في بداية الاجتماع".
ومع ذلك، أبلغ الوزير هيلي أعضاء البرلمان أنه لم يُطلع رئيس الحكومة، كير ستارمر، ولا أي عضو آخر في الحكومة الحالية على أمر حظر النشر إلا "بعد توليه منصبه بعد الانتخابات العامة".
وقال رئيس الوزراء، كير ستارمر، الخميس، إن على وزراء حزب المحافظين الإجابة على "أسئلة جدية" بشأن خطة إعادة التوطين السرية، بينما اعتبر رئيس البرلمان ليندسي هويل أن هذه القضية أثارت قضايا دستورية مهمة.

ماذا تضمنت البيانات المسربة؟

قال وزير الدفاع البريطاني إن جدول البيانات المُسرّب تضمّن أيضًا تفاصيل عن أعضاء في البرلمان وكبار الضباط العسكريين ومسؤولين حكوميين.
وأوضح أنّ البيانات تضمنت "أسماء وبيانات الاتصال بالمتقدمين، وفي بعض الحالات معلومات تتعلق بأفراد عائلاتهم، وفي عدد محدود من الحالات، تم تدوين أسماء نواب في البرلمان وضباط كبار في الجيش ومسؤولين حكوميين كمؤيدين للطلبات التي تقدموا بها".
وقد ظنّ مسؤول الدفاع الذي نقل المعلومات خطأً أنّهم يرسلون أسماء 150 متقدمًا. في الواقع، احتوى الجدول على 33 ألف سجل، من بينها "معلومات شخصية تتعلق بـ18.714 أفغانيًا تقدموا بطلبات إما إلى برنامج الإعفاء من التأشيرة أو برنامج "أراب" (سياسة إعادة توطين ومساعدة الأفغان) في أو قبل 7 يناير 2022".

طالبان تنفي توقيف أو مراقبة أفغان سربت بياناتهم

وفي أوّل ردّ فعل لها على التقارير، أعلنت حكومة طالبان الخميس، أنها لم توقف أو تراقب أي أفغاني على صلة بالخطة البريطانية السرية لإعادة التوطين في أعقاب الكشف عن تسريب البيانات الخاصة.
وقال نائب الناطق باسم الحكومة الأفغانية حمدالله فطرت في رسالة صوتية للصحافيين، الخميس، إنّ "أحدا لم يتم توقيفه على خلفية ما قام به في الماضي. لم يُقتل أحد ولا تجري مراقبة أحد لهذا الهدف".
وتابع أن "التقارير عن تحقيقات ومراقبة عدد من الأشخاص تم تسريب بياناتهم كاذبة".
وبعد عودة طالبان إلى السلطة في 2021، أعلن زعيم الحركة في أفغانستان هبة الله أخوند زاده عفوا عن الأفغان الذين عملوا على مدى عقدين من الحرب إلى جانب قوات حلف شمال الأطلسي أو الحكومة المدعومة من الخارج التي أطاحتها الحركة.
وأضاف فطرت "لسنا في حاجة إلى استخدام وثائق مسربة من بريطانيا. في ما يتعلق بالعفو العام، لم يتم فتح تحقيق أو مراقبة أي شخص".
وتابع أن "الشائعات التي تنشر، وننفيها، هدفها فقط تخويف هؤلاء الأشخاص والتسبب بأجواء من الخوف والقلق في أوساط عائلاتهم".

توقيف إعادة توطين الأفغان

أكد وزير الدفاع البريطاني هيلي أن الحكومة ستوقف الآن مسار الاستجابة الأفغانية، والذي سيكلف 850 مليون جنيه إسترليني وسيساعد ما يقدر بنحو 6900 شخص.
وقالت مصادر دفاعية إن إيقاف المخطط سيوفر إنفاقًا إضافيًا متوقعًا قدره 1.2 مليار جنيه إسترليني، مما يعني أن التكلفة المحتملة كان من الممكن أن ترتفع إلى أكثر من 2 مليار جنيه إسترليني.
وقال هيلي إن هناك نحو 900 أفغاني كانوا في بريطانيا أو في طريقهم إلى هناك، مع 3600 فرد من أفراد أسرهم بتكلفة 400 مليون جنيه إسترليني، وستفي حكومة حزب العمال "بالدعوات الـ600 التي تمّ توجيهها بالفعل لأيّ شخص محدد لا يزال في أفغانستان وعائلته المباشرة"، وهو عدد يقدر بنحو 1800.
وأضاف أن إيقاف المخطط يعني أن 9500 شخص آخرين لن يأتوا إلى بريطانيا.
ومنذ وصول حركة طالبان إلى الحكم، وصل إلى بريطانيا 36 ألف شخص من أفغانستان حتى نهاية مارس، وتقول حكومة ستارمر إن التكلفة الإجمالية لخطط إعادة التوطين ستتراوح بين 5.5 مليارات و6 مليارات جنيه.
وفي فبراير من هذا العام، أشارت مذكرة صادرة عن مكتب مجلس الوزراء، والتي شكلت جزءًا من الأدلة المقدمة إلى المحكمة، إلى أن إبقاء برنامج إعادة التوطين مفتوحًا، وهي السياسة المتبعة خلال حكومة المحافظين، يعني إعادة توطين 25 ألف أفغاني في وقت "يعاني فيه نظام اللجوء والهجرة في المملكة المتحدة من ضغوط".

ملاحقة ودعاوى

وفي هذا السياق، صرحت شركة بارينجز للمحاماة بأنها تسعى لاتخاذ إجراءات قانونية محتملة نيابةً عن ألف شخص متضرر، كان العديد منهم مرتبطين بالقوات المسلحة الأفغانية خلال الفترة التي كانت فيها بريطانيا وقوات غربية أخرى متمركزة في البلاد.
وقال عدنان مالك، المحامي في الشركة: "هذه قاعدة بيانات أساسية لأي شخص يريد معرفة من ساعد القوات المسلحة في أفغانستان".
وأضاف: "إذا كنت ممن قُتل أحد أفراد أسرتهم أو صديق لهم على يد هؤلاء الأفراد، فأنا متأكد من أنك سترغب في الانتقام"، في إشارة إلى نظام طالبان الذي قد يثأر من هؤلاء الأشخاص.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة