صراعات‎

تحديات كثيرة.. هل تفشل إسرائيل في احتلال مدينة غزة؟

نشر
AFP
مع توسيع هجومه البري على مدينة غزة، يشرع الجيش الإسرائيلي في عملية صعبة في منطقة مكتظة، وحيث يُقدِّر أن فيها ما قد يصل إلى ثلاثة آلاف مقاتل.
تُعدّ غزة الواقعة في شمال القطاع والتي لحق بها دمار كبير على مدى نحو عامين، ميدان حرب المدن "الأصعب منذ العام 1945"، وفق الجنرال الأميركي المتقاعد ديفيد بترايوس، أحد قادة قوات التحالف الدولي خلال حرب العراق.
وتحدث بترايوس في مدونة صوتية (بودكاست) في وقت سابق عن "تحديات (مواجهة) عدوّ (يتحرك) بلا زي موحد" و"كيلومترات من البنية التحتية والأنفاق والمقرات العسكرية وما إلى ذلك، كلها تحت الأرض، ومبانٍ شاهقة".
وكان الجيش الإسرائيلي بدأ منذ مدة تدمير مبانٍ شاهقة في مدينة غزة، متهما حماس باستخدامها لغايات عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة. وأعلن مطلع الأسبوع توسيع هجومه البري في المدينة.
وباتت المدن "الموقع المفضل للقتال منذ منتصف القرن العشرين"، على ما يوضح المعهد الفرنسي للدراسات المتقدمة في الدفاع الوطني (IHEDN)، لافتا الى أن "هذا الاتجاه يتعاظم حتى اليوم في أوكرانيا وغزة".
فهل تنجح إسرائيل بعتادها العسكري المتطوّر في خططها لاحتلال المدينة؟

مصيدة الأنفاق والأنقاض

تتراجع في حرب المدن أفضلية التفوق العسكري والمعدات التقنية المتطورة.
يقول الخبير العسكري جون سبنسر، المتخصص في حرب المدن في "مودرن وور إنستيتيوت" ("معهد الحرب الحديثة") في وست بوينت، إن "السبب الرئيسي وراء صعوبة حرب المدن هو التضاريس. ويذهب البعض إلى حد وصفها بالمعادِل الأعظم" بين طرفين غير متكافئين.
ويوضح أن المباني والممرات تحت الأرض والأنقاض "تُضعف التفوق التكنولوجي، ما يؤثر على الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والأصول الجوية".

من يضغط على الزناد يفوز

ومما يحد من أهمية التفوق المرتبط بامتلاك أسلحة حديثة، أن معارك كثيرة تُخاض من مسافة قريبة.
وفي كتاب بعنوان "شهود عيان على الحرب"، يُلخص الكولونيل الأميركي مايكل شوب معركة الفلوجة في العراق قائلا "أنت في غرفة حيث تفصلك عن الآخر ثلاثة أمتار، وأول من يضغط على الزناد يفوز".

درس الفلوجة "غير المستفاد"

وفي أبريل 2004 اندلعت معركة الفلوجة الأولى عقب مقتل أربعة متعاقدين أميركيين من شركة "بلاك ووتر" والتمثيل بجثثهم. حاولت القوات الأميركية اقتحام المدينة لكنها اصطدمت بمقاومة شرسة من المسلحين المحليين، ما أجبرها على الانسحاب بعد تكبدها خسائر كبيرة.
وفي نوفمبر من العام نفسه بدأت معركة الفلوجة الثانية، المعروفة بعملية "فانتوم فيوري"، والتي وُصفت بأنها أعنف مواجهة حضرية للقوات الأميركية منذ حرب فيتنام. شارك فيها نحو 13 ألف جندي أميركي وعراقي، وانتهت بسيطرة الأميركيين على المدينة بعد قتال مدمر خلّف آلاف القتلى ودمارًا واسعًا في البنية التحتية.

تكنولوجيا إسرائيل.. سلاح معطل!

وتتطلب مهاجمة مدينة تخصيص موارد أكبر على صعيد العديد والوقت والذخيرة والاحتياطات. كما أن القوات تتقدم ببطء وتواجه جيوبا من المقاومة.
وبحسب سبنسر "عليك أن تكون مستعدا لتكبد المزيد من الخسائر" في مواجهة عدو متحصن ومتخفّ.
وتمثّل شبكة الأنفاق في غزة تحديا. لذلك يستخدم سلاح الجو الإسرائيلي "قنابل خارقة للتحصينات (من نوع "جي بي يو 28")، لكنها لا تصل إلا إلى أهداف "لا يتعدى عمقها 30 مترا"، بينما يمكن أن يصل عمق بعض أجزاء الأنفاق إلى 70 مترا، على ما توضح قيادة القتال المستقبلي (CCF) في الجيش الفرنسي.

الجيش أمام عقدة.. مدنيو غزة لا ينزحون!

مدينة غزة هي الأكثر اكتظاظا بالسكان في القطاع. وكانت الأمم المتحدة قدّرت في أغسطس عدد سكان المدينة ومحيطها بأكثر من مليون نسمة. ووفق تقديرات الجيش الإسرائيلي، نزح أكثر من 350 ألفا منها في الفترة الماضية.
وأعلن الجيش الأربعاء، إقامة "مسار انتقال موقت" لخروج السكان، وقال إنه سيتاح الانتقال عبره "لمدة 48 ساعة" من ظهر الأربعاء وحتى ظهر الجمعة.
ويثير الهجوم تنديدا واسعا على الصعيد الدولي وخصوصا أن دمارا هائلا لحق بالقطاع بسبب الحرب المتواصلة منذ قرابة سنتين فيما منطقة مدينة غزة تعاني من المجاعة بحسب الأمم المتحدة.
يقول الباحث الفرنسي بيار رازو في مقابلة مع صحيفة لوفيغارو "في مدينة غزة، تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى تهجير أكبر عدد ممكن من السكان. ولتحقيق ذلك، عليها تدمير كل شيء وجعل المدينة غير صالحة للسكن. لم نعد أمام منطق قائم على الغزو، بل على التدمير".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة