سياسة

لماذا تتفوق إسرائيل في معاركها؟

نشر
blinx
استطاعت إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948 أن تحقّق سلسلة من الانتصارات العسكرية والسياسية التي رسّخت مكانتها في المنطقة رغم بيئتها التي تشهد اضطرابات مستمرة والانتقادات الدولية لسياستها العدائية.
ارتكزت هذه الانتصارات، في غالب الأحيان، على قرارات ذكية وقوة عسكرية واستخبارية متفوّقة، لكنّ الحظ لعب أيضاً دوراً لا يمكن إنكاره في فرض نفوذها على المنطقة، بحسب مجلة The National Interest.
فبفعل الأخطاء المتكررة لخصومها، إضافة إلى تحولات سياسية دولية خدمت مصالحها، تمكنت إسرائيل من تحقيق إنجازات تخطّت حدود ما تتيحه قدراتها الذاتية من إمكانات مادية وعسكرية واستخباراتية.

كيف تنجح إسرائيل في حروبها؟

بحسب The National Interest، يعود نجاح إسرائيل في حروبها إلى مزيج من التعليم الجيد والتنظيم العسكري السريع، ما سمح لها بتعويض محدودية عدد السكان عبر جيش منظّم ومتفوّق تكنولوجياً.
أما معهد واشنطن فيشير إلى أنّ هذا النجاح لا يقتصر على البنية الداخلية، بل يتعزّز من خلال توسّع علاقاتها الإقليمية، وفاعلية أدائها العسكري، إضافة إلى الدعم الذي تحظى به من القوى العظمى.
ويعد الدعم الغربي، خصوصاً من الولايات المتحدة، عاملاً حاسماً، إذ "لم تكن إسرائيل لتصمد يوماً واحداً من دون الأسلحة الأميركية"، وفقاً لما قاله الأكاديمي والناشط السياسي الأميركي نورمان فنكلستين.
وتصنف إسرائيل على أنها أكبر متلقٍ تراكمي للمساعدات الخارجية الأميركية منذ تأسيسها، حيث حصلت على ما يقارب 310 مليارات دولار من الدعم الاقتصادي والعسكري، وفقا لتقرير صادر عن مجلس العلاقات الدولية.

محطات بارزة في الحرب الأخيرة

في 7 أكتوبر 2023، واجهت إسرائيل هجوماً من حركة حماس وردّت بإعلان الحرب الفوري. وفي 11 أكتوبر اتخذت قراراً بعدم شن حرب على لبنان، ما جنّبها مواجهة واسعة. وفي 27 أكتوبر أطلقت مناورة برية في غزة بعد ثلاثة أسابيع من الاستعدادات والتنسيق مع واشنطن.
وفي سبتمبر 2024 نفّذت عملية "سهم الشمال" ضد حزب الله، ووصفت تقارير بأنها من أبرز العمليات منذ عقود. كما شهد نوفمبر 2024 توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان بوساطة أميركية، اعتبرته بعض المصادر أفضل من اتفاق 2006.

الإخفاقات والتحديات

لم تخلُ الحرب الأخيرة لإسرائيل من إخفاقات لافتة، إذ تحوّلت العمليات العسكرية في غزة إلى معركة طويلة استنزفت قدرات الجيش وأخّرت حسم النتائج الميدانية، حسب صحيفة نيويورك تايمز.

وامتدت مظاهر الارتباك إلى جبهات أخرى، إذ جاء الرد على الصواريخ الإيرانية في أبريل 2024 باهتاً ومحدودا، وفق الغارديان، بينما أشارت صحيفة إسرائيل هيوم إلى الفشل في إنقاذ عدد أكبر من الرهائن وضعف الاستجابة لهجمات الحوثيين.

أما على المستوى الإقليمي، فقد أظهرت التطورات في قطر حجم هذه الإخفاقات. فقد كشف موقع أكسيوس أنّ الضربة الإسرائيلية في الدوحة انتهت بفشل واضح بعد نجاة قادة حماس، فيما قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن إسرائيل تحقق مكاسب عسكرية واضحة على الأرض، لكنها تخسر تعاطف العالم وتواجه عزلة دولية متصاعدة.

كيف ساعد الحظ إسرائيل؟

بحسب العقيد المتقاعد شاي شبتاي، لم تكن الكفاءة العسكرية والقدرات الاستخباراتية وحدها كافية لتفسير تفوق إسرائيل، إذ لعب الحظ دوراً بارزاً وحاسماً في تحديد مسار الأحداث.
يشير شبتاي إلى أنّ قرار يحيى السنوار شنّ الهجوم كان مبكراً وغير منسّق مع حزب الله اللبناني، الأمر الذي أتاح لإسرائيل تفادي حرب شاملة على أكثر من جبهة في آن واحد.
ويضيف أنّ طبيعة الهجمات التي نفذتها حماس منحت إسرائيل شرعية دولية غير مسبوقة، خصوصاً لدى الرئيس الأميركي جو بايدن الذي وفّر لها غطاءً سياسياً في الأشهر الأولى من الحرب.
كما يشير شبتاي إلى أنّ اغتيال يحيى السنوار في أكتوبر 2024 جاء نتيجة تداخل بين عمل منهجي للقوات الإسرائيلية وعامل حظ عشوائي صبّ في مصلحتها.
ويلفت شبتاي إلى أنّ فشل الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصرالله في استيعاب دينامية الحرب وتقدير مساراتها جعله رهينة رتابة قاتلة انتهت بمصرعه، في حين شكّل سقوط نظام الأسد في سوريا ضربة استراتيجية لمحور إيران وحزب الله، استفادت منها إسرائيل بشكل غير مباشر.
وحتى على المستوى السياسي الدولي، يعتبر شبتاي أنّ انتخاب دونالد ترامب كان بمثابة عامل حظ إضافي، إذ سيزيد من الضغوط على حماس للقبول بصفقة لم تكن مستعدة لها في ظروف أخرى.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة