هكذا تحولت قصور الأحلام في تركيا إلى "مدينة أشباح"
في فضيحة عقارية هزّت تركيا، طالبت النيابة العامة في إسطنبول بسجن 13 متهمًا حتى 885 عامًا لكل منهم، على خلفية ما وصفته بـ"عملية احتيال منظمة" ضمن مشروع "برج الباباس" الفاخر في منطقة مودورنو بولاية بولو الواقعة شمالي غربي تركيا.
المشروع الذي أُطلق عام 2014 تحت شعار "امتلك قصرك الخاص" وجرى الترويج له كمنتجع سياحي فاخر يضم مئات القصور المصممة على الطراز الأوروبي، تبين أنه مجرد "قصة خيالية" استهدفت استدراج مستثمرين من حول العالم.
وفق لائحة الاتهام التي أعدها مكتب مكافحة جرائم غسيل الأموال في النيابة العامة، فقد صُمم المشروع ليتكون من 732 فيلا فاخرة على شكل قصور، موجهة خصيصًا للأثرياء الأجانب، بتمويل يعتمد على تدفق رؤوس الأموال من الخارج. وبلغت الأموال التي دخلت إلى حسابات الشركات المشغّلة بين عامي 2014 و2018 نحو 67.18 مليون دولار عبر أكثر من 1000 معاملة، وفق صحيفة "حريات" التركية.
لكن رغم تلك المبالغ الضخمة، لم يُستكمل المشروع، ولم تُسلّم أي من الوحدات السكنية. وسرعان ما تحوّل الموقع إلى ما يُعرف اليوم بـ"مدينة الأشباح"، إذ بقيت القصور غير مكتملة البناء، فيما توالت شكاوى عشرات المستثمرين الذين أكدوا أنهم تعرضوا للاحتيال. وبلغ عدد الشاكين حتى الآن 59 مستثمرًا.

صورة عامة للمشروع غير المكتمل. AFP
أشارت التحقيقات إلى أن مسؤولي المشروع، التابع لمجموعة "ساروت" العقارية، قدموا وعودًا زائفة، وروّجوا لفكرة توفر مراكز تجميل وركوب خيل وصالات رياضية وقاعات سينما ومؤتمرات وحمامات تركية داخل المجمع.
إلا أن النيابة أكدت أن أياً من هذه الوعود لم يتحقق. بل تبيّن أن بعض المدفوعات كانت تُستلم يدويًا من المستثمرين لتفادي الضرائب والمصاريف البنكية، في مخالفة صريحة للقانون.
ورغم إعلان إفلاس شركات "ساروت" الـ 3 عام 2018، استمرت عمليات البيع لاحقًا وحتى عام 2024، في ظل تصريحات متفائلة باستكمال المشروع قريبًا، وهو ما لم يحدث.
وطلبت النيابة تقريرًا فنيًا من "رئاسة صندوق تأمين الودائع التركي" (TMSF)، أفاد بأن استكمال المشروع يتطلب ما بين 162 و188 مليون دولار إضافية، مع غياب تام للوثائق التي تحدد آلية الدفع، أو سجل واضح يربط كل قصر بمالكه. كما لوحظت فروقات كبيرة بين الحسابات المصرفية وسجلات الشركة المالية، ما يشير إلى تلاعب ممنهج.
وأكدت النيابة أن اسم المشروع لم يُختر عشوائيًا، بل تم استخدام مصطلح "Burj" (برج) باللغة العربية عمدًا لاستهداف مستثمرين من الخليج. كما جرى تقديم القصور التي تبلغ مساحة كل منها 325 مترًا مربعًا، وتتميز بأبراج زرقاء وسلالم حلزونية وديكور داخلي فاخر، على أنها جزء من "أسلوب حياة من وحي القصص الخيالية".